الاستقواء بالخارج واجب شرعي
استطاعت الحكومات الدكتاتورية تخويف و تضليل مواطنين و معارضين بفكرة مغلوطة مفادها: إن الاستقواء بالخارج هو نوع من الخيانة و العمالة، متجاهلين أن أحداً لا يستقوي على الوطن و المواطن و الشعب، بل على أعداء الوطن و المواطن و الشعب من الحكام المستبدين و أزلامهم. و قلب الحقيقة بهذا الشكل ما هو سوى فخ للإيقاع بالمعارضة، و تجريدها من الفرصة التاريخية المتاحة لها، و التي تعتبر السلاح الحاسم لكنس الدكتاتوريات التي لا تزال تسبب الأذى لشعوبها و للعالم أجمع، و أفظع ما تنتجه و تصدره يتجسد بالإرهاب العالمي.
و لتفنيد تلك المغالطة الشائعة أسوق الشواهد التاريخية التالية :
1- استقوى شارل ديغول بالخارج لتحرير فرنسا من الحكومة " الوطنية "؟! المتعاملة مع النازيين إبان الحرب العالمية الثانية.
2- استقوت مصر بالخارج لرد العدوان الثلاثي عنها عام 1956 و تمثل هذا الخارج بالولايات المتحدة و الاتحاد السوفيتي ( سابقا ).
3- استقوت الكويت بالخارج لتحريرها من قبضة صدام حسين عام 1991.
4- استقوى المسلمون الأفغان بالولايات المتحدة و أوروبا ضد الحكم الشيوعي الأفغاني.
5- استقوى الشريف حسين قائد الثورة العربية الكبرى بالخارج ( و هو من سلالة الرسول الهاشمية ) بالإنكليز و حلفائهم ( غير المسلمين ) للتخلص من الحكم ( الإسلامي ) العثماني خلال الحرب العالمية الأولى.
6- استقوى المسلمون في كوسوفو بالأمريكان و الأوروبيين.
7- استقوى الرسول محمد ( ص ) بالأنصار من أهل المدينة المنورة على أبناء جلدته و عشيرته من قريش.
8- لقد كان أبو جهل و أبو سفيان الكافران من أقرباء الرسول ( ص )،فهل كان الرسول ( ص ) يفضلهما على الغريبين الأجنبيين بلال الحبشي و سلمان الفارسي ؟ و هل كان استقواء الرسول (ص ) بأمثالهما على أقربائه و أنسبائه من كفار قريش عملاً لا أخلاقياً و خيانة لأهله من قريش؟؟! . و هذا غيض من فيض.
هل يصبح الخير شراً إذا جاءنا من الأجنبي الغريب؟
هل يرفض الغريق اليد الممدودة له لإنقاذه إذا كانت يداً أجنبية غريبةً ؟
الاستقواء هو قانون الفطرة و سنّة الطبيعة و ضرب من العادات العربية العريقة( الاستجارة )
و هو بالتالي واجب شرعاً و قانوناً و أخلاقاً.
نتائج : إن الاستعانة بالأجنبي أمر واقع على مدار التاريخ في الميادين كافة، و في وضعنا الراهن نعتبر الاستعانة بالمجتمع الدولي حقاً و واجباً لأنه استقواء بالخير على الشر.
إن المجتمع الدولي ليس مجرد شاهد عيان على ما يجري في بلداننا بل هو طرف متضرر مباشرة مما يجري و إلا ما معنى و ما مبرر وجود هيئة أمم متحدة و قانون دولي و ميثاق و حقوق إنسان؟ أهي ديكورات أو للدعاية و الإعلان أو لأخذ العلم فقط ، أم أن لها رسالة و مهام و مسؤوليات في ضبط و إدارة الحياة الدولية. إنني أرى أن على المجتمع الدولي أن يأخذ على عاتقه سلطة الرقابة و المتابعة و المساءلة على البلدان التي تحكمها الدكتاتوريات بلا رادع ولا ناظم و لا ضابط قانوني مدني عصري ، و من مسؤولية المجتمع الدولي تحرير الشعوب من العدوان المستمر الذي تتعرض له من قبل حكامها و تمكينها من نيل حريتها و تقرير مصيرها بنفسها. لن ينعم المجتمع الدولي بالأمن و الاستقرار ما لم يتخلص من الأنظمة الاستبدادية التي تحتضن و تنتج سائر أشكال الإرهاب المادية و المعنوية. ”إن الإرهاب يتعولم و على الديمقراطية أن تتعولم لمواجهته".
دمشق 16/5/2005
بقلم سامي صلاح
ذكرى مرور عام على وفاة الأديب العالمي سيبيري ماسكوليه 1932 - 2008
|