عرض مشاركة واحدة
قديم 25/06/2007   #3
post[field7] dot
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ dot
dot is offline
 
نورنا ب:
May 2006
مشاركات:
3,276

افتراضي


الظاهريات لا يمكن أن تؤسس نفسها دون أفتراض هيرمينوطيقي .
يتناول أولا النقد الهيرمينوطيقي للمثالية الهوسرلية أعتمادا على ما جاء في خاتمة كتاب الأفكار التي
تعد نموذجا للمثالية هوسرل ويقابل ذلك بأطروحات الهيرمينوطيقا للوصول إلى علاقة جدلية بينهما .
ويوضح أولا أن هدف العلمية . الذي أعتبرته المثالية الهوسرلية تبريرا أخيرا يبلغ حده الأساسي في
( الشرط الأنطولوجي للفهم ( 27
ويرى أن تبعية التأويل للفهم ، تشرح أن التبين بدوره يتقدم دوما على التفكير وأنه سبق لكل تأسيس
( موضوع من طرف ذات أعلى ( 28
أن نمو كل فهم في التأويل مع مشروع التأسيس الهوسرلي ، في كون كل تأويل يضع المفسر في
الوسط وليس في البداية أو النهاية أبدا
أن يكون مكان التأسيس الأخير هو الذاتية ، أستعلاء مشكوك فيه عندئذ يظهر الكوجيتو بدوره خاضعا
( للنقد الجذري الذي تمارسه الظاهريات ( 29
ومقابل القول بأسبقية الذاتية يعتبر نظرية النص بمثابة محور هيرمينوطيقي وذلك في الإطار الذي
يمسي فيه نص ما مستقلا عن قصدية مؤلفه الذاتية ، والسؤال الجوهري لا يكمن في العثور وراء
النص عن القصدية الضائعة ، بل في أن نبسط أمام النص العالم الذي يفتحه ويكتشفه .
أن الظاهريات التي تبحث عن اكتشاف طابع الكونية القصدي لم تتبع نصيحة أكتشافها الخاص . أن
نص الوعي يكمن خارجه ومن هنا فإن الطريقة الجذرية التي ينطلق منها هي تعتبر محور تأويل
سؤال الذاتية إلى سؤال العالم . وذلك بتعليق سؤال نية المؤلف إلى سؤال موضوع النص غير المحدود
. (30)
بمعارضتها للأطروحة المثالية لمسؤولية الذات المتأملة الأخيرة تدعو الهيرمينوطيقا إلى أن تكون
( الذاتية لا أول بل أخر مقولة من مقولات نظرية الفهم( 31
لا يمثل نقد هيرمينوطيقا المثالية الهوسرلية سوى الوجه السلبي لبحث إمكانية الظاهريات التأويلية . أن
ما يقصده بالطبع ليس جعل الظاهريات تأويل ، بل بيان أنه على الرغم من نقد المثالية الهوسرلية تظل
الظاهريات هي افتراض الهيرمينوطيقا المتعذر تجاوزه من جهة وأنه ليس بوسعها أن تطبق برنامجها
( المتعلق بالتشكل دون أن تشكل نفسها في هيئة تأويل ما لحياة الأنا( 32
أن السؤال الأساسي في الظاهريات هو سؤال الأنطولوجيا عند هيدجر في الوجود والزمان هو سؤال
معنى الكينونة . أنه ليس سؤالا هيرمينوطيقا ألا في الحد الذي يكون فيه المعنى مستنيرا . أن الأختبار
لصالح المعنى أذن هو الأفتراض المسبق بالنسبة لكل هيرمينوطيقا .
ويتناول ثانية : الأفتراض التأويلي المسبق للظاهريات ويعني به حاجة الظاهريات لإدراك مناهجها
تفسير شرح تأويل . وللبرهنة على ذلك يعود إلى نصوص المرحلة المنطقية Auslegung كتبيين
والمرحلة المثالية . خاصة نظرية المعنى في "أبحاث منطقية" والتأملات الديكارتية .
ويرى ريكور أن الأبحاث المنطقية لا تستطيع أن تطور بدايات التأويل في الظاهريات بل نجد ذلك في
التأملات حيث لا تهدف الظاهريات إلى تقديم المعنى المثالي للتعابير المركبة جيدا ، بل معنى التجربة
( في مجموعها( 33
أن أهمية هيدجر عند ريكور تكمل قصدية هوسرل بالنسبة لتطور الهيرمينوطيقا الظاهرياتية حيث
يظل فكره شاهد على أنه لم يتخل قط عما قصد إليه هوسرل وهيدجر( 34 ) . ويشير كيفن فانهوزر إلى
أهمية فلسفة هيدجر وكانط كمصادر لنظرية ريكور في الزمان والسرد حيث يناقش مقاربة ريكور
لمشكلة الخيال الإبداعي عند كانط وتبنيه فكرة هيدجر عن زمانية الوجود الإنساني فنظرية ريكور في
السرد هي محاولة للتفكير في هاتين المشكلتين معا : الخيال والزمان
لن نتوقف طويلا أمام أثر كانط وتوظيفه لأفكار الأولية البسيطة عن الزمان والخيال الإبداعي التي
ويمكن تأويل نظرية السرد عند ريكور Schematism تظهر في نقد العقل النظري في فكرة
بوصفها محاولة لأعطاء مادة لغوية وأدبية لفكرة كانط عن الرسوم التخطيطية( 35 ) ألا أن ريكور
يعيب على كانط مسألة أساسية في نقد ملكة الحكم هي أنه يهمل الأبعاد الاجتماعية والتاريخية للخيال
الإبداعي(36)

هيدجر والتأويل الظاهرياتي ..
ويجذر ريكور الهيرمينوطيقا داخل الظاهريات وهذا التجذير الظاهرياتي للهيرمينوطيقا لا يتوقف من
وجهة نظره عن تلك القرابة بين فهم النصوص والعلاقة القصدية لوعي بمعنى يواجهه. بل على مفهوم
فكوننا نوجد في عالم وننتمي إليه يجعلنا قادرين Lebenswelt مستمد من هيدجر هو العالم المعيش
في حركة تالية على أن نتعارض مع أشياء نتطلع إلى تكوينها والتحكم فيها عقليا.
ويتوقف ريكور عن الدلالة الآنطولوجية لمفهوم الفهم الهيدجري ( 37 ) الذي هو جواب وجود – في
العالم يشق فيه طريقه يعرض إمكانياته الأكثر خصوصية . والتأويل بالمعنى التقني لتأويل النصوص
ما هو إلا توسيع وتفسير لهذا الفهم الأنطولوجي المرتبط بوجود ملقى مسبقا وعلى هذا النحو كما يقول
ريكور فإن علاقة الذات بالموضوع التي ظل هوسرل خاضعا لها مرتبطة بالاقرار بعلاقة انطولوجية
أكثر أولية من كل علاقة للمعرفة ومن هنا فإن الهيرمينوطيقا الهيدجرية وما بعدها هي وريثة
( الظاهريات الهوسرلية وهي في نهاية الأمر قلب لها بالقدر نفسه الذي تكون فيه تحقيقا لها. ( 38
وقد أثر كتاب هيدجر الأساسي " الوجود والزمان" في نظرية ريكور السردية، حيث عمل على
تصحيح عمل هيدجر . ويشكل هذا التصحيح السردي مسيرة ريكور الطويلة نحو أنطولوجيا الوجود
الإنساني .
يميز ريكور في دراسته "الوجود والهيرمينوطيقا" بين نوعين من الظاهريات التأويلية هي ظاهريات
هيدجر (المسيرة القصيرة للأنطولوجيا) ( 39 ).وظاهرياته الخاصة (مسيرتها الطويلة). أن ريكور على
توافق إلى حد كبير مع تأويل هيدجر للزمانية الإنسانية كما يقول كيفين فانهوزر الذي يوضح ذلك
بقوله : حيث يحاول هيدجر أن يبحث في الوجود الإنساني مباشرة وكما هو ، يعتقد ريكور أن الوجود
الإنساني لا يتحقق إلا بسلوك انعطاف من خلال تأويل النصوص التي تشهد على هذا الوجود . يحول
ونتائج هذا Dasein هيدجر التأويل من تحليل النصوص إلى تحليل لهذا الوجود الذي يفهم الأنية
التحول في الإشكالية بعيدة المدى . حيث تحل أنطولوجيا الفهم محل إبستمولوجيا التأويل . يعلق
ريكور للفهم لدى هيدجر دلالة أنطولوجية فهو رد فعل وجود مقذوف إلى العالم ، يجد طريقه بإسقاط
إمكانياته الخاصة عليه" ( 40 ). ويستنتج الباحث أن نظرية ريكور السردية هي استمرار لمشروع
هيدجر "المنقوص" في فهم الوجود الإنساني بوصفه زمانيا من حيث الجوهر . ويخلص إلى الأتي :
1- يعطي ريكور لفكرة كانط عن الخيال الإبداعي وفكرة هيدجر عن الزمانية الإنسانية صياغة لغوية
وتطبيقا أدبيا
2- هذا التطبيق يمكنه من الاستفادة من تقنيات التوضيح المناسب للنصوص . فطريق فهم الوجود
الإنساني لابد أن يمر بالمنعطف الطويل من خلال أسئلة المنهج.
3- تضيف النظرية السردية بعدا اجتماعيا إلى فكرة الخيال الإبداعي والزمانية الإنسانية كانتا تفتقران
إليه لدى كل من كانط وهيدجر .
أن نظرية ريكور السردية تقف عند ملتقى الطرق لأنثربولوجيته الفلسفية وتأويليته النصية ، وريكور
.( هو فيلسوف الامكانية الإنسانية الذي يظل الأدب يتباهى بمكانته في مشروعه الفلسفي ( 41
وهذا ينقلنا إلى أهتمامه باللغة وتحديده للهيرمينوطيقا بأنها تأويل للنص.

اللغة عند ريكور ..
علينا أن نتذكر ما سبق أن استشهدنا به من أن مشروع ريكور ينحصر في إيجاد حقيقة المعنى وأن
فلسفته التي أنشأها حول الإرادة تكشف عن دلالتها حين أصبحت تأملا حقيقيا في اللغة . ويرى لاكروا
أن مشروع ريكور هو إقامة فلسفة كبرى للغة تهتم بالوظائف العديدة للدلالة عند الفرد البشري
وبعلاقتها المتعددة فيما بينهما . وريكور بصفته فيلسوفا يبدأ من الأنا أفكر التي ظلت المبدأ الثابت ،
يصادف في طريقة تفسيرات تستهدف رد اللغة إلى شئ آخر . وقد رأى من واجبه ألا يعارضها بل
.( يستخدمها ويفهمها( 42
أن سر هذه الفلسفة كما كتب البعض يكمن في أنها تنطوي على مشروعين متناقضين تريد توحيدهما
فمن جهة هناك أنثربولوجية فلسفية تسعى لتحقيق فلسفة الإرادة وتستثمر الظاهريات والوجودية كما
يتضح في كتبه الأولى : رمزية الشر ، التناهي والأثم ، الإنسان الخطأ ، ومن جهة ثانية هناك تأويلية
نقدية تريد الاستفادة من أخر ما توصلت إليه علوم اللغة ونظريات الاتصال وتتمثل هذه التأويلية في
كتبه اللاحقة : صراع التأويلات ، سطوة الاستعارة ، التأويلية والعلوم الاجتماعية ، من النص إلى
.( الفعل ( 43
والحقيقة أن هناك تطور وليس تكامل بين ظاهريات ريكور الوجودية وفلسفته التأويلية للنص . يتمثل
هذا التحول في أهتمامه باللغة . ويخبرنا ريكور نفسه كيف أنبثقت من دراساته الأولى مشكلة ثانوية
سرعان ما تصدرت أبحاثه بعد ذلك وهي مشكلة اللغة . لقد كان في عمله الأول يريد توضيح بعد
الشر في بنية الإرادة ومن هنا استند إلى المنهج التأملي الوصفي لدى هوسرل والثنائي ياسبرز
ومارسيل وأطلق على هذا النوع من الوصف الظاهريات الوجودية . وفي ذاك الوقت لم تطرح أية
مشكلة عن اللغة . أما الأن فهو كما يخبرنا يعتقد أن هناك تداخلا بين فلسفة اللغة العادية والظاهريات
فقد جلبت مشكلة الشر إلى مجال البحث معضلات لغوية جديدة وهذه المعضلات اللغوية واللسانية
كانت قرينة باستعمال اللغة الرمزية باعتبارها مقاربة غير مباشرة لمشكلة الإثم.
ومن هنا اهتمامه بالرمزية يسلك منعطف تأويل الرموز بأن يقدم بعدا تأويليا داخل بنية الفكر التأملي ،
يقول : "ما كان بإمكاني أن أتحدث عن الإرادة السيئة أو عن الشر دون تأويلية من نوع ما .. .. لقد
فرض على موضوعي الأول أن أبحث في بنية الرمزية والأسطورة"( 44 ). لقد حصر تعريف التأويل
في هذه المرحلة في المشكلة الخاص بتأويل اللغة الرمزية يظهر هذا في كتابه عن "فرويد" والفصل
الأخير من "رمزية الشر" .
لقد عرف الرمزية والتأويلية في كتابه عن فرويد الواحدة بمصطلحات الأخرى فالرمزية تستدعي
تأويلا ما لأنها تقوم على بنية دلالية معينة هي بنية التعبيرات ذات المعاني المزدوجة وأيضا هناك
تأويلية لأن هناك لغة غير مباشرة . لذا كانت الهيرمينوطيقا هي من الكشف عن المعاني غير المباشرة
. لقد تحول ريكور بعد ذلك من حصر التأويل في اكتشاف معاني خفية من اللغة الرمزية وربط بينها
وبين اللغة المكتوبة والنصوص . هنا تغير اهتمامه من مشكلة بنية الإرادة إلى مشكلة اللغة في ذاتها .
و
هناك أربعة عوامل قادت ريكور إلى هذا التحول هي :
1 - التأمل في بنية التحليل النفسي.
2 - التغير المهم في الحس الفلسفي حيث بدأت البنيوية تحل محل الوجودية بل محل الفينومينولوجيا
3 - الاهتمام المتواصل بالمشكلة التي تطرحها اللغة الدينية أو ما يسمى لاهوت الكلمة
4 - وأخيرا الاهتمام المتزايد بالمدرسة البريطانية والأمريكية في فلسفة اللغة العادية ، التي وجد فيها
طريقا لتجديد الظاهريات وردا على تجاوزات البنيوية على السواء .

13-05-2007

مدونتــي :

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 


  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04453 seconds with 10 queries