عرض مشاركة واحدة
قديم 01/06/2005   #3
عاشق من فلسطين
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ عاشق من فلسطين
عاشق من فلسطين is offline
 
نورنا ب:
Nov 2004
المطرح:
حيث هناك ظلم ... هناك وطني..
مشاركات:
4,992

إرسال خطاب MSN إلى عاشق من فلسطين إرسال خطاب Yahoo إلى عاشق من فلسطين
افتراضي


مناقشة دعوى عجمية التشيع: لمزيد من التوكيد على الثوابت الآنفة الذكر أبادر إلى القول بأن هؤلاء الذين توهموا "عجمية التشيع" ووصفوا الشيعة بأنهم "عجم أو أعاجم" هم أميون لا يعرفون تاريخاً ولا جغرافية ولا إلمام لهم بنشأة وتاريخ الفكر الإسلامي ومدارسه، ولا المذاهب الإسلامية وطرق ووسائل انتشارها جغرافياً واجتماعياً أو أنهم أصحاب غرض، وفيما يتعلق بالعراق خاصة هم متساهلون في معرفة ماضيه وحاضره ومستقبله. ولذلك فهم في حاجة إلى أن يدرسوا ويقرءوا ويطلعوا ليفهموا حقيقة الأمور.



ولذلك وددت أن أضع بين أيدي الباحثين نبذة وجيزة ومنصفة بقدر الإمكان عن:

ماضي العراق

وحاضره

ومستقبله

لعلها تعين في تعميق البحوث والدراسات التي نرجو أن يكون لها دور في إعادة بناء وتجديد فكر العراقيين بحيث يكونون أقدر على إعادة بناء وترميم علاقاتهم، والتعاون معاً لإعادة بناء العراق الجديد سليماً معافى من الأمراض الظاهرة والكامنة التي يمكن أن تهدد أجياله القادمة.



ولكثرة ما حوربت هذه الحقيقة فإننا نرى أنها في حاجة دائمة لمزيد من التوكيد على عربية التشيع في العراق، وأن بدايات انتشاره كانت بأيدي العرب والقبائل العربية. ومن الدلائل المؤكدة لهذه الحقيقة أن أبناء الصحابة وآل البيت نصحوا الحسين – رضي الله عنه وأرضاه - وأشاروا عليه بالتوجه نحو مراكز تجمعات تلك القبائل العربية، ومنهم ابن عمه عبد الله بن جعفر – رضي الله عنه – حيث قال له: "يا ابن العم إني أخاف عليك أهل العراق... أقم في الحجاز فإنك سيده. وإن أبيت إلا أن تخرج فسر إلى اليمن فإنّ بها شيعة أبيك وبها حصون وشعاب.."[8].

إنّ التشيع وكما ألمحنا وأكدنا فيما مر شأنه شأن أي توجه أو موقف نظري يبدأ بسيطاً، ثم يتطور عبر تفاعل الناس معه. وينتشر في بيئآت دون أخرى وفقاً لعوامل كثيرة. وقد استقطب التشيع في كثير من مراحل تاريخ المسلمين معارضي الحكومات الأموية، ثم العباسية، ثم العثمانية، ثم الاحتلال الأجنبي في العصور المتأخرة والحكومات التي أقامها المحتلون حتى شاع تصور بأن "التسنن" يكاد يكون وعاء الحكم أو حزب الحكومات. و"التشيُّع" محضن المعارضة من الناحية السياسية، ولكن من الخطأ توهم أن السياسة وحدها هي العامل الأساسي في تكوين أي من الفريقين، وإن كانت السياسة واحداً من العوامل الكثيرة التي شاركت في تكوينهما، ولكن الاستغلال السياسي لذلك وتكريسه أمر لا شك فيه. والتشيع كان يمد الخيال الشعبي كلما تزايد ظلم الحاكمين وانحرافهم بأجمل صور البطولات والتضحيات لتحقيق قيم العدل والمساواة بين المسلمين، ونبذ الظلم والخروج على الظالمين، وتحقيق المقاصد الشرعية، والقيم الإسلامية، وذلك كفيل بترسيخ البعد السياسي والاجتماعي للتشيع.



والمتتبع للأدب الشيعي يجد مصداق ذلك في كثير من جوانبه. فالكميت الأسدي وهو من شعراء العصر الأموي الأول يقول موضحاً هذا البعد:



فكيف ومن أنَّى وإذ نحن خلفة فريقان شتى تسمنون ونهزل

ويقول أيضاً:

فقل لبني أميّة حيث حلوا وإن خفت المهنّد والقطيعا

أجاع الله من أشبعتموه وأشبع من بجوركمو أجيعا

ويبدو الاتجاه الثوري لدى الكميت في تمنيه أن يرى في بني أمية ما يتمنى لهم من بوار في الحياة الدنيا فيقول:

تَحِلُّ دماء المسلمين لديهمو ويحرم طلع النخلة المتهدّلُ

فيا رب عجّل ما نؤّمل فيهمو ليدفأ مقرور ويشــبع مرمل [9]



فهو لا ينتظر فيهم الجزاء الأخروي ليذهبوا إلى النار ويذهب المعدمون من معارضيهم إلى الجنة، بل هو يتمنى التخلص من سلطانهم في الدنيا ليدفأ المقرور، ويشبع الجائع المرمل.



ولقد ترك "التشيع" آثاراً هامة في سائر جوانب الحياة الإسلامية: في جانب الرؤية الكلية والنماذج المعرفية وجوانب المعرفة الإسلامية والفكر الإسلامي إضافة إلى الجوانب السياسية والثقافية والاجتماعية.



وأهم البيئآت الإسلامية التي ترك التشيُّع آثاره البارزة في جوانب حياتها هي البيئة العراقية. قد يعود ذلك إلى وجود العتبات فيه أو لاستشهاد الأئمة، علي وبنيه وكثير من ذرياتهم وشيعتهم فيه، وقد يعود ذلك إلى كونه أهم مراكز الدراسات الشيعية في العالم، ففيه حوزات مرجعية تعد مراكز إشعاع لا غنى لأي شيعي في العالم عن الرجوع إليها. وقد يرجع إلى وجود أكبر عدد من المراجع في النجف وكربلاء، وقد يعود إليها كلها مجتمعة، ولكن الحقيقة هي أنّ التشيّع عربي النشأة والتطور، فمن أين ساغ لبعض الحكام العراقيين أن يصفوا الشيعة كافة بأنهم أعاجم؟ وكيف ساغ لبعضهم أن يصفوا التشيُّع بأنه مذهب أعجمي؟!! وهو عربي في نشأته وتطوره ومبدأه ونهايته؟

..غنــــي قلــــــيلا يـــا عصـــافير فأنــي... كلمـــا فكــــرت في أمــــــر بكـــيت ..
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.02959 seconds with 10 queries