عرض مشاركة واحدة
قديم 30/05/2005   #1
عاشق من فلسطين
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ عاشق من فلسطين
عاشق من فلسطين is offline
 
نورنا ب:
Nov 2004
المطرح:
حيث هناك ظلم ... هناك وطني..
مشاركات:
4,992

إرسال خطاب MSN إلى عاشق من فلسطين إرسال خطاب Yahoo إلى عاشق من فلسطين
افتراضي الغول الأمريكي نحو مزيد من الغوص في الرمال المتحركة العراقية


د. ثائر دوري

يمكن أن نستشف بعض ملامح أزمة الولايات المتحدة الأمريكية في العراق من الفقرات التي تم السماح بنشرها من تقرير اللجنة التي شكلتها القوات الأمريكية للتحقيق في مقتل رجل المخابرات الإيطالية كاليغاري على يد أفراد الجيش الأمريكي أثناء تواجده مع الرهينة لإيطالية السابقة جوليانا سغرينا . يقدم كاتب التقرير نفسه على الشكل التالي :
((تم تعييني من قبل العميد جون ر.فينس John R.Vines في الثامن مارس 2005....... كما تم تعيين العميد ريتشارد ثيلان إلى جانبي بصفته مستشارا قانونيا لهذه القضية00))
يوصف كاتب التقرير الوضع في العراق على أنه حالة حرب و يقدم إحصائية أمريكية بعدد العمليات التي تمت ضد القوات الأمريكية و القوات المتحالفة معها. يقول:
((من جويلية (تموز) 2004 إلى نهاية مارس 2005، حدثت حوالي 15257 هجمة ضد قوات التحالف في كل العراق. تعتبر الولايات الأمريكية العراق كمنطقة حرب))
و بحسبة بسيطة نجد أن القوات الأمريكية تعرضت خلال تسعة أشهر إلى 15257 هجمة أي بمعدل يومي 56.5 عملية و هذا يخص فقط العمليات التي تتعرض لها القوات الأمريكية والأجنبية المتحالفة معها، أما ما تتعرض له الشركات الأمنية التي تضم المحاربين المرتزقة (وهي تشكل ثاني اكبر قوة محتلة في العراق بعد القوات الأمريكية) فهذه لا يتطرق لها التقرير لأنها ليست من مهام الجيش الأمريكي. كما ينقل بعض الجنود الأمريكان أن قادتهم طلبوا منهم عدم الإبلاغ عن العمليات التي يتعرضون لها وتمر بدون إصابات.
ثم ينتقل التقرير ليوصف الوضع العسكري في مدينة بغداد. يقول:
((بغداد مدينة مكونة من 6 ملايين ساكن وتضم عدداً كبيراً من المسلحين والإرهابيين (حسب تعابير كاتب التقرير). من 1 نوفمبر 2004 إلى 12 مارس 2005، كان ثمة مجموع 3306 هجمة في منطقة بغداد. منها 2400 كانت موجهة ضد قوات التحالف))
و أيضا بحساب بسيط نجد أن المعدل اليومي للعمليات في مدينة بغداد هو حوالي 25 عملية يومياً
أما طريق المطار الذي يسميه كاتب التقرير "الطريق الإيرلندي" و الذي يبلغ طوله 12 كم. فهو هدف دائم للعمليات العسكرية. يقول كاتب التقرير:
((طوال أسبوع الحادث، وقعت 166 عملية تفجير وأصيب 82 جندي في تلك الحوادث))
أما الفرقة الثالثة التي تتمركز وحداتها على طريق المطار فقد تعرضت في الشهر الأول الذي تبع نقل السلطة، إلى 422 هجمة من المتمردين متسببة في 13 قتيلا و 60 جريحا.
هذه هي بعض أجواء العراق من الناحية العسكرية بعد عامين تقريباً من إعلان جورج بوش انتهاء العمليات العسكرية و التي يلخصها كاتب التقرير استنادا إلى المراجع العسكرية الأمريكية ((العراق في حالة حرب)) وعلينا أن نكمل التوصيف، العراق في حالة حرب بين طرفين: الجيش الأمريكي والمقاومة العراقية.
لكن هذه الصورة شديدة الوضوح، التي يوصفها التقرير بحالة الحرب. ليست كذلك في نشرات الأخبار والتقارير اليومية التي تبث على شاشات الفضائيات والتي توجه للرأي العام العربي والعالمي. فالمشهد هناك مختلف، حيث يتم تصوير المشهد العراقي بشكل عبثي وعلى أن ما يجري فيه غامض وغير معروف الأهداف ولا يعرف منطق يحكمه، ولا طبيعة الأطراف المنخرطة. فمرة ترسم لها صورة طائفية ومرة يرسمون لها صورة من يمارس عنف أعمى منفلت لا ضابط له ........الخ مما يساهم في تشوش ذهن المشاهد. أما التقرير الأمريكي فيوصف الأمر بتوصيف العسكري الدقيق ((حالة حرب)). وحالة الحرب هذه لم تتوقف بل هي مستمرة منذ يدأت الولايات المتحدة عدوانها في آذار من عام 2003، وها هي تدخل عامها الثالث ولا يوجد في الأفق ما يشير إلى أن نهايتها قريبة، ولا يوجد ما يشير إلى أن الولايات المتحدة ستكسب الحرب. بل إن الأمر الوحيد الذي نستطيع تأكيده هو أن المقاومة العراقية عصية على الاقتلاع.......
لقد أرادتها الولايات المتحدة حرباً قصيرة تصدم بها شعوب العالم وتروع الدول فيخر الجميع سجداً تحت أقدامها. لكن المقاومة العراقية جعلتها تتطاول، فثبتت القوات الأمريكية في العراق مانعة إياها من ممارسة العدوان في مواقع أخرى من العالم. وبدل أن يتحول العراق إلى وليمة نفطية تساعد على ترميم العجز في ميزان المدفوعات الأمريكي تحول إلى نزيف من دم الاقتصاد الأمريكي وهذا أمر فاقم مشاكل الولايات المتحدة المتفاقمة أصلاً.
إن الولايات المتحدة تنزف يوميا، دماً واقتصاداً وهيبة، فأسلحتها المتطورة تهان يومياً، ومعنويات جنودها تنهار، وبدل أن تعيد الولايات المتحدة تشكيل المنطقة انطلاقا من العراق يحدث أمر معاكس. لقد بدأنا نلحظ أن العراق هو من يعيد تشكيل الولايات المتحدة، من إعادة ترتيب الوضع العسكري (إغلاق القواعد العسكرية الأمريكية لتوفير الميزانيات لأجل القوات الموجودة في العراق، وإعادة تعريف العقيدة العسكرية ...الخ) إلى إعادة بناء الحركة الاجتماعية داخل الولايات المتحدة عبر تصاعد الحركات المعارضة للحرب وإعادة طرح الأسئلة الأخلاقية داخل قطاعات النخبة الأمريكية أمام ما يرونه من انهيار متسارع أخلاقيا وحضاريا في المستنقع العراقي...... وصولاً إلى تخفيض مرتبة الولايات المتحدة في النظام الدولي.........
لقد قدمت المقاومة لعراقية خدمة هائلة للبشرية كافة، فقد جعلت هذا الوحش الهائل ينزف وسيبقى ينزف حتى الموت النهائي. إن الرمال المتحركة العراقية تبتلع الوحش الأمريكي ببطء لكن بثبات وكل يوم يمر يعني مزيدا من التورط ومزيدا من الغوص، حتى نصل إلى اللحظة التي تبتلع الرمال رأس الوحش معلنة موته............

..غنــــي قلــــــيلا يـــا عصـــافير فأنــي... كلمـــا فكــــرت في أمــــــر بكـــيت ..
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03471 seconds with 10 queries