( تكملة )
: جزاك الله خيرا ، هيا انصرفوا و لنترك للرجل مجالا كي يستريح
( صببت بعضا من الماء البارد على رأسه
بينما قربت البقية من فاه )
: اشرب ، اشرب ، لا حول و لا قوة إلا بالله
( توارت الوجوه المتشابهة من حولنا رويدا رويدا )
: لماذا يا بني ؟ لماذا ؟ لولا ستر الله لكنت الآن مسجونا
و كنت أنت في عداد الأموات
: ليتك أمتني ، ليتك تركتني أنعم بالراحة الأبدية
: و من هذا الذي خدعك و وهمك بأن موتك فيه الراحة ؟
صدقني يا بني ، لا يوجد في هذه الدنيا ما يستحق أن تفقد حياتك من أجله
خاصة لو كانت امرأة
( حاول السيطرة على بكائه بينما تحشرجت الكلمات بين شفتاه )
: امرأة ؟
: نعم امرأة ، فلا يفعل ما فعلت إلا إنسان تافه ،
و طالما أنه تافه فلابد أن يكون السبب أيضا تافه ،
قل ، لا تخجل ، من هي إذن هذه المرأة ؟ زوجتك ؟
: لماذا لا ترحل يا رجل و تتركني و شأني ؟
: لن أرحل حتى أعرف السبب الذي كنت ستدخلني السجن من أجله ؟
أي سبب هذا الذي كنت ستشرد أولادي من أجله ؟
هل تظن أن الأمر انتهى عند هذا الحد ؟ هل تظن أن الأمر يعنيك وحدك ؟
لا و ألف لا ، ألا تنظر حولك لترى ما حدث بسببك ؟
ألا ترى سيارتي التي صارت ركاما ؟
لابد أن أعرف الدافع لديك و إلا ، أقسم بالله العظيم .........
: ( انفجر باكيا ، بينما تحشرجت الكلمات بين شفتيه ) أنا لست رجلا
: أبصم لك بالعشرة أنك فعلا لست رجلا ،
فلا يوجد رجل عاقل يفعل ما فعلت
و لكن أخبرني من هذا الذي أصدر عليك حكمه ؟
: ألا تفهم ، أقول لك لست رجلا ، لست رجلا ،
لقد أمسيت غير قادرا على الوفاء بالتزاماتي الزوجية
( توارت كلماته وراء خجله بينما ارتجف باكيا )
: لا حول و لا قوة إلا بالله ،
يا بني ليس كل الذكور من حولك رجالا ،
لا تغرك يا بني تلك العضلات المفتولة و الشوارب المبرومة ،
و لا هذه النياشين البراقة و لا تلك الألقاب الرنانة
ما تتكلم عنه هذا من الممكن أن تطلق عليه
فحولة ، ذكورة ،
الخلل بأي منها مجرد عارض ليس إلا ،
و ما خلق الله من داء إلا و له دواء ،
هذه نظرة جاهلية للرجولة يا فتى
: و ما هي الرجولة بنظرك أيها الفيلسوف ؟
: بسم الله الرحمن الرحيم ( رجال لا تلهيهم تجارة و لا بيع عن ذكر الله و إقام الصلاة و إيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب و الأبصار )
و قال تعالى : ( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا )
الرجولة هي أن تتقي الله فلا يفتقدك حيث أمرك ، و لا يراك حيث نهاك
الرجولة دعوة مخلصة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة ،
الرجولة يا بني إحقاق الحق و الوقوف في وجه الباطل ،
الرجولة استعلاء على الكافرين ،
الرجولة ابتعاد عن نفاق وتملق ومداهنة لأصحاب النفوذ ،
و برغم أن عددنا كمسلمين تجاوز المليار و النصف ،
إلا أننا أصابنا الوهن و أمسينا كغثاء السيل ،
مشكلتنا الآن يا بني هي قلة الرجولة ،
هل تريد أن تعرف إن كنت بالفعل رجلا ؟
اسأل نفسك يا بني هذه الأسئلة :
هل يراك الله حيث نهاك أو يفتقدك حيث أمرك ؟
هل صدقت ما عاهدت الله عليه ؟
هل تصمد أمام الشهوات ؟
هل تغار على عرضك و محارمك ؟
هل تملك الجرأة على قول الحق مهما كانت النتائج ؟
هل ترفض النفاق و المداهنة على حساب دينك ؟
صدقني إن كانت إجابتك ( لا ) فباطن الأرض خير لك من ظهرها
و إن كانت إجاباتك ( نعم ) فلتحمد الله ،
ولتعلم علم اليقين أنك رجل بمعنى الكلمة
رجل في زمن للأسف قل فيه الرجال
|