( 7 ) لدغنا من الجحر مرات ..!
انتهت السنوات الخمس للحرب العالمية الثانية وكانت لا تحمل جديدا على مستوى الصراع بين العرب واليهود في فلسطين ،باستثناء ما كان يتم تهريبه من اعداد كبيرة ومتزايدة من اليهود الغربيين الى فلسطين .... وما ان تحقق النصر كاملا للحلفاء حتى تراجعت بريطانيا عن " الكتاب الأبيض " وأستئؤنفت الهجرة اليهودية المشروعةوبمساعدة بريطانيا والولايات الأمريكية المتحدة التي بدت بعد النصر سيدة وحامية للأروبيين المنهكين بعد الحرب ..
وعادت الأحداث تتحرك في فلسطين وأستؤنف الصراع بيننا وبين اليهود للسيطرة على الأرض التي باتت بفعل حالة الهدوء تتآكل شبرا فشبرا من عام 1939 الى عام 1947-- ذلك العام الذي بدأ فيه العد التنازلي لوقوع الكارثة ....
وانا هنا لست موثقا لمجرى الأحداث انما محللا لأحداث تاريخية و من المفيد جدا ذكر ملاحظة هامة استنتجتها وهي: ( ان فلسطين قد حسم الصراع فيها لمصلحة اليهود عندما أخمدت ثورة العام 1939 .. وما كانت التسع سنوات اللآ حقة الا اخراجا لشرعية دولية مزورة لقيام دولة اسرائيل ...!! ( ؟)
ومن المستغرب حقا الا نستفيد من دروس الماضي ..! وما اشبه اليوم بالأمس .. مع فارق هام جدا وهو ان العدو والدول المساندة له كانوا في قمة الأندفاع لتحقيق مشروع " خلق اسرائيل " ... اما اليوم وبرغم كل مظاهر الضعف في الجسم العربي الا انه لا يشابه ما كانوا عليه قبل خمسون او ستون عاما مضت ... والعدو في حالة من التراجع خاصة في خلال العشر سنوات الأخيرة .. ( وان ما حصل في لبنان لهو خير شاهد على ما نقول .. وما يحصل اليوم بفعل الأنتفاضة المباركة في فلسطين " ان قدر لها ان تستمر " ستحقق نصرا اكيدا يبدأ بتفكك اساسات بنيان كيان العدو وينتهي بزواله حتما .
وعندما نستعرض بعض ذكريات " قوة اندفاع " العدو بالسيطرة على المدن والقرى ونقارن ما بين اليوم والأمس ، يجب علينا ان نبدأ بقلب الصورة .. فهل كان اليهود اقدر منا على التضحية ... حتما لا انما كانوا يملكون وعيا ويعرفون ماذا هم فاعلون ... ونحن نعيش جهلا ....! نضحي ... نقاوم ...وكنا لا نبخل بالدماء .. لكن يأتي من يجهض كل تضحياتنا ويسوسنا الى مواقع التخلي تحت شعارات زائفة ... سنأتي على ذكرها ...
ولدت في مدينة حيفا قبل اربع سنوات من الهجرة ... وكانت سيطرة اليهود على القسم الشرقي من المدينة... اما القسم الغربي فكان تحت سيطرة اهل المدينة من العرب الفلسطينيون ...وعندما اشتد الصراع في بداية شهرايار من العام 1948 وكانت المعارك تدور من شارع الى شارع و من منزل الى آخر بين بعض المسلحين من الفلسطينيين الغير منظمين او حتى الغير " منظبطين " في مواقعهم المحددة من "قبلهم" ... !! اذ لم يكن هناك اي قيادة تقود الناس وتنظمهم لتخوض معارك الدفاع . تسأل يأتي الجواب : (ان معظم القيادات ذهبت لتأتي بالسلاح ) !
ولم يكن اي مسؤول يسأل ولا من مراقب يوجه ..! وعندما تريد ان تسأل الناس الذين عايشوا تلك المرحلة عن تلك الأيام ... يردون عليك بأرتباك ظاهر ولا يدعونك ترتب اقوالهم لتستخلص منها تأريخا واضحا ... فكأنما الصدمة ما زالت مؤثرة عليهم ...او كأنهم لا يريدون ان تكشف مدى سذاجة اقوالهم وفقط يهربون الى ترديد معزوفتهم المملة عن العرب الذين باعوا فلسطين ..! وعلى كل حال ليست صدفة ان تسقط حيفا كاملة تحت سيطرة الصهاينة كأول مدينة فلسطينية ...
كان ذلك في نيسان 1948 ....