31/05/2007
|
#66
|
مسجّل
لسا يا دوب
نورنا ب: |
May 2007 |
مشاركات: |
1 |
|
هناك دراسة للاسلام والعلمانية في الشرق الاوسط اعجبتني وبعض مما جاء فيها
تحالف العلمانية مع الدكتاتورية ومن زاوية نظرية وتأصيلية فكرية متعمقة في العلمانية نفسها كفكرة فان جون كين، بروفيسور السياسة في جامعة وستمنستر، يبحث في فصل ممتع ومهم في "حدود العلمانية". وهو يغوص في جذورها الغربية و"الرسالة" الأساسية التي جاءت بها للحد من تدخل الدين في الشأن العام في السياق الأوربي، طارحا التساؤل الذي يراه مثيرا لاستفزاز العلمانيين وهو فيما إذا كانت العلمانية تحول دون حرية التفكير في الديمقراطية نفسها، وبأنها تحولت إلى دوغما سياسية.
وهو إذ يعود إلى أهم أطروحات أبرز المدافعين عن العلمانية في الوقت الراهن ودعوتهم المعتدلة إلى "خصخصة الدين، وليس التهوين من شأنه" كما يقول ريتشارد رورتي، فإنه يرى أن العلمانية تحمل تناقضات داخلية لا يمكن القفز عنها، رغم أنها تناقضات لا تصل إلى حد إسقاط العلمانية من الداخل.
التناقض الأول هو دعوتها إلى حرية العبادة وحرية الاجتماع الديني، الذي يقود في نهاية المطاف، كما هو الحال الراهن، إلى زيادة رقعة الدين، والدعوات الدينية للتدخل في الشأن العام والسياسة باعتبار أن للدين دورا مهما يمكن أن يؤديه في السياسة. ففي الوقت الذي لا تستطيع فيه العلمانية إلا أن تعترف وتسمح بحرية الأديان والممارسة الدينية، فإنها تعترف بتناقض داخلي يعمل على تقويضها، وهي لا تستطيع أن تقف في وجهه لأنها تفقد صفتها الليبرالية الأساسية. العلمانية تحمل تناقضات داخلية لا يمكن القفز عنها، رغم أنها تناقضات لا تصل إلى حد إسقاط العلمانية من الداخل.
أما التناقض الثاني فيتمثل في ترافق "عدم اليقين الوجودي" مع العلمانية ليحل محل اليقين الديني عند الأفراد، وهذا لا يشبع التطلعات الإنسانية والروحية عند الناس خاصة في عالم مليء بالضغوط والتوترات حيث يحاول الأفراد الوصول إلى سبل السكينة والراحة الخلاصية على المستوى الداخلي لهم، وحيث تبرز أهمية "التضامن الديني" (ص 33).
ويشير كين إلى تناقض داخلي آخر هو تقارب العلمانية مع الدكتاتورية تحت مسميات عديدة. ويضرب مثلا على ذلك تركيا وإلى حد ما فرنسا، ففي الأولى تتحالف العلمانية مع الدكتاتورية العسكرية تحت مسميات حماية الدستور العلماني من تصاعد المد الإسلامي، وفي الثانية تتحالف العلمانية مع ممارسات دكتاتورية مثل منع الحجاب أو التضييق على المسلمين تحت مسمى الاندماج أو محاربة التعددية الثقافية.
استحالة فصل الدين عن الحياة العامة ما يجب الإقرار به الآن هو أن الفكرة القائلة بضرورة فصل الدين عن الحياة العامة لأجل تحقيق التحديث قد دحضت من خلال حياة وخبرات وتجارب أناس كثيرين وبلاد عديدة، في شتى أنحاء العالم، وبصورة خاصة في العالم الإسلامي.
وعندما ننظر إلى العالم الإسلامي في سياق خيارات السياسة الأمريكية، من المهم ألا يغيب عنا هذا الإطار الفكري الأوسع حول نهاية نظرية العلمنة. وهو في حد ذاته مهم؛ لأننا بحاجة إلى البحث عن الحلفاء المناسبين. ففي حقبة تدرك أهمية الحوار الحضاري، نحتاج إلى أن نكون على وعي بالناس الذين نستطيع التحاور والعمل معهم بفاعلية.
وكما خلص جون لينتشوفسكي إلى التأكيد على أهمية أن ترتكز الحرية على أسس أخلاقية، فإنني أريد لذلك التأكيد المهم على أن يمتد لكي نلحظ أن حرية العالم كله تتطلب أسسا أخلاقية.
وإذا كنا نسعى لبناء وتقوية الركائز الأخلاقية للحرية في الولايات المتحدة، فإننا لا نبحث بالضرورة عن حلفائنا من بين أشباه الملاحدة أو الدهريين. وإذا كنا لا نفعل ذلك في الولايات المتحدة ذاتها، فلماذا نفعله عندما نتعامل مع العالم الإسلامي؟ ولماذا نرى في سلمان رشدي مثلا حليفا عظيما ومسلما معتدلا بدلا من البحث والتحاور مع من يؤمنون ويحافظون بقوة على القيم الأخلاقية على أساس ديني، ويعتقدون أن للدين مكانًا في السياسات والحياة العامة.
في مثل هذا السياق، وكمثال بعيد، فإن آية الله الخميني يمثل حليفا أفضل لنا من سلمان رشدي. ولكن على أي حال، فإن خياراتنا المتاحة ليست هي أن نختار بين أمثال سلمان رشدي وأمثال الخميني. فلدينا في العالم الإسلامي أناس يؤمنون ويتطلعون إلى قيام مجتمعات على أساس أخلاقي، ومع هؤلاء نستطيع –كما فعل غيرنا– أن نتحدث.
|
|
|