ولا يتضح ذلك الشمول، أو التغوّل بدقة أكثر، إلا إذا غصنا أكثر في مضمون خبري جريدة الثورة والنور، وفي تفصيلهما لجوانب عديدة بل طريفة من حياة المواطنين. هذا إذا لم نقل أنها مضحكة مبكية، وكثيراً ما شكلت جانباً من جوانب الثقافة الشفوية السورية الشديدة الغنى، التي جاء في إحدى نكاتها (أن الميت لايمكنه الموت إلا بعد حصوله على الموافقة الأمنية) وفي ذلك شيء من الحقيقة الرمزية، حيث ترفض بعض المطابع طباعة إعلان الوفاة إلا بعد حصولها على تلك الموافقة، الأمر الذي تسبب أحيانا في تأخيرالعمل بقاعدة إكرام الميت في دفنه السريع.
من جهة أخرى، فبواسطة الخبرين المنشورين أصلاً بأسلوب تجهيلي لا ينتمي إلى إعلام الحقيقة والوضوح، تم التصريح رسمياً وعملياً بأن تلك الجوانب من حياة الأفراد والمجتمع السوري كانت مرتبطة بالموافقة الأمنية، و ما زالت كذلك على الأغلب! وهي حوانب كان على بعض ترخيصاتها أوموافقاتها أن ترجع إلى وزارة الصحة( ترخيص جزارين) أو إلى وزارة التربية أو الشؤون الاجتماعية ( تعيين جليسات أطفال) أو وزارة التموين (الترخيص لمحل بقالة و الترخيص لفرن خبز) وغيرها من مؤسسات الدولة العلنية، وبعبارة أخرى كان عليها أن ترجع إلى الدولة الرسمية، المفترض أنها دولة تمثل سيادة الحق والقانون .
ياسادتي"
أنا أسف إذا أزعجتكم
أنا لست مضطراً لأعلن توبتي"
هذا أنا
هذا أنا
هذا أنا
|