إخوتي الأعزاء: النظام أكبر من أي فرد , النظام ينتج أفراده ويصنعهم، وليس الفرد هو من يصنع النظام، النظام كتجسيد مفترض للآيديولوجيا يخدع المنتسبين له، ويزين نفسه بمسحات أخلاقية وقيمية، لكن ما يتجسد من سلوكه يفضح جوهره وتكوينه الحقيقي، والنظر للنظام يجب أن يتم من خلال أفعاله وليس أقواله.
هناك أكثر من 70 دولة حكمت بمثل هذا النوع من النظم الشمولية فسورية ليست ظاهرة استثنائية وفريدة، ومعظم هذه الدول نجحت في الانتقال من هذا النظام نحو نظام أكثر حرية وعدالة بسلام وسلاسة، وشعبنا لا يقل عن شعوبها أبداً .
في النظام التعسفي الذي يدار بالتعليمات وليس بالقانون، وبالولاء الشخصي وليس المسؤولية القانونية , يتحول الإنسان الحر المسؤول إلى عبد مأمور بموجب صفقة يبيع بموجبها إرادته وضميره مقابل أجر ومنافع. هذا الفرد هو في النهاية مسؤول عن خطئه، فالله قد خلقه حراً وليس عبداً، ووظيفته في الدولة يحددها القانون وليس التعليمات الشفهية، وهو مسؤول عن أفعاله وما تقاضى مقابلها من منافع، وعن جبنه وتخاذله عن أداء واجبه الذي نص عليه القانون، وعن خيانته لقيمه وضميره.. ومع ذلك فأخطاء النظام أكبر من أن يتحملها شخص واحد، فللسلطة إغراءاتها وللمال إغراءاته، والنفس ضعيفة وأمارة بالسوء، خاصة بعد شيوع ثقافة الفساد والإفساد والتسيب والإهمال والسلبية. وكل مواطن حتى لو كان خارج السلطة، هو أيضاً مسؤول عن سلوك سلطة تحكم باسمه، وهو إن لم يشاركها، لكنه سكت وتغاضى ولم يعترض.. وحتى في حال أشد السلطات قمعية لن تنعدم بين يديه وسائل مقاومتها . أقول هذا لكي لا نوجه تهمنا لأشخاص في النظام، فلا فرق كبير بينهم، ولكي لا ينحصر طلب الإصلاح في استبدال أشخاص سرعان ما يصبحون نسخة عن أسلافهم، عندما ينخرطون في ماكينة النظام ذاتها . فكل الأنظمة المتشابهة تنتج شخصيات متشابه إلى حد التطابق.
وكما يقول الكواكبي الاستبداد والفساد صنوان متلازمان، فكل من يحتكر السلطة سيجد نفسه سريعاً يسعى نحو احتكار الثروة، وبالعكس، ولما كان النظام الحالي قد بدأ بالديكتاتورية، فإن الفساد اللاحق به هو جزء تكويني من مكوناته، فرموز الفساد على علاقة وطيدة مع النظام، وهكذا كانت الخطوط الحمر الخمسة التي وضعها النظام أمام حركة ربيع دمشق تعني شيئاً واحداً هو حماية وتخليد الاستبداد والفساد، وتأبيد معاناة المواطن، ووأد الأمل بأي إصلاح أو تغيير.
فعندما يدور الحديث عن الإصلاح الكل يتنطح ويدعي أنه من أنصار الإصلاح، لكن الكل متفق على أن يبدأ الإصلاح من غيره، ولا يشمل مكاسبه وامتيازاته، وهكذا يتفق الجميع عملياً على عدم فعل أي شيء، ببساطة تفشل كل آليات الإصلاح المطروحة لأن أو ل مبدأ من مبادئ الإصلاح هو أن تبدأ من نفسك وليس من غيرك، وهذا ما يرفضه بشدة رموز الفساد والاستبداد المتحكمين بالسلطة والثروة، والذين كانوا شخصياً وراء إحباط عملية الإصلاح وسحق ربيع دمشق ورمينا في السجون. وهم الآن من يحاولون جر سوريا في طريق الهلاك. لنفس الدوافع ونفس الأسباب. متغطين بشعارات وطنجية، يكذبها في كل ثانية قلة أمانتهم، التي تجلت في حصولهم بطرق غير مشروعة على ثروات هائلة أفقرت الوطن والمواطن.
ياسادتي"
أنا أسف إذا أزعجتكم
أنا لست مضطراً لأعلن توبتي"
هذا أنا
هذا أنا
هذا أنا
|