ومع خطاب القسم الذي حمل معه التفاؤل والأمل في إصلاح سلمي متدرج، ووجه دعوة لكل مواطن من أجل المشاركة في مسيرة الإصلاح، ودعا إلى احترام الرأي الآخر، والتحلي بالروح الديمقراطية. تنادى عدد من المثقفين الشجعان مع عدد من السياسيين أو المهتمين بالشأن العام لتوقيع أو ل وثيقة رسمية مدنية تطالب بالإصلاح أقصد وثيقة الـ 99. ولما لم تبادر السلطة لقمع هذه الوثيقة ولا الموقعين عليها، تشجع أعداد أكبر للنشاط وانتهوا إلى وثيقة الـ 1000 وما تبعها من تشكيل ما سمي في النهاية بلجان إحياء المجتمع المدني، وبروز ظاهرة المنتديات التي بدأت بمنتدى الحوار الوطني في منزل النائب رياض سيف، وبعده منتدى المرحوم الدكتور جمال الأتاسي، ثم منتديات أخرى مثل منتدى اليسار ومنتدى حقوق الإنسان ومنتدى الكواكبي وغيرها في أكثر من مكان، كما تأسست جمعية حقوق الإنسان وازداد نشاط مجموعات وهيئات أخرى، وبدا وكأن قوى المجتمع قد بدأت تدب فيها الروح، أو كأن المجتمع قدر يقرر الخروج من صمته ويترك مقعد المتفرج على مسرح السياسة ويصعد للخشبة، أو كأن الرموز الثقافية والسياسية قد بدأت تسير نحو تأطير الرأي العام وتشجيعه على المشاركة السياسية، عبر فتح أو سع شكل من أشكال الحوار الوطني الديمقراطي، للوصول إلى توافقات جديدة، وعقد وطني جديد، يلغي مرحلة من الاستبداد والتعسف طالت وطالت وأحبطت كل تطور وتقدم، بل كانت هي المسؤولة عن تأخر سوريا وتخلفها.
وفجأة ومن غير مقدمات ولا مبررات وكأن انقلاباً قد حدث، بدأت حملة قمع الربيع في آذار 2001 في الضغط لإغلاق المنتديات، وتم إغلاقها جميعاً بالضغط والتهديد، ما عدا واحد، وذلك تحت ذريعة التنظيم، لكن رفض طلبات الترخيص التي قدمناها، كشف أن المسألة هي مسألة قمع وليس تنظيم، وفي نهاية الصيف كان الوقت قد حان لانكشاف حقيقة وعود الإصلاح، وهكذا وفي تنكر تام لخطاب القسم وللدستور والقانون، ولحصانة نواب مجلس الشعب، تم اعتقال النائب مأمون الحمصي، ثم جرى اعتقال المحامي رياض الترك الأمين العام للحزب الشيوعي السوري، والذي كان قد قضى عقدين في السجون من دون محاكمة، ثم وبعد عودة افتتاح منتدى الحوار الوطني بيوم واحد اعتقل النائب رياض سيف بشكل تعسفي ودون اعتبار لحصانته البرلمانية، وبعده بيومين تم اعتقالي مع الدكتور وليد البني وفي اليوم التالي اعتقل الدكتور عارف دليلة عميد كلية الاقتصاد في كل من حلب ودمشق ومؤسس جمعية العلوم الاقتصادية، كما اعتقل آخرين، وبعد أيام اعتقل المحامي حبيب عيسى أحد مؤسسي منتدى د. جمال الأتاسي والناطق الرسمي باسمه والمهندس فواز تللو عضو لجنة منتدى الحوار الوطني.. واستغلت السلطة انشغال العالم بأحداث 11 أيلول للتغطية على اعتقالنا ومحاكمتنا ومعاملتنا السيئة، وتوهمت أنها حصلت على الدعم الخارجي بدخولها الحلف المضاد للإرهاب، فهي كما تدعي: تملك الخبرة الكبيرة في هذا المجال، مشيرة إلى الهمجية التي مورست في الثمانينيات، واستغلت ذلك من ثم في ترهيب الباقين للجم كل نشاط فعال، وتتابعت حملات الضغط، وشملت إحالة الناشطين للمحاكمات.. ومنهم المحامي هيثم المالح رئيس جمعية حقوق الإنسان، ثم اعتقل ناشطين أكراد في اعتصام بيوم الطفل العالمي، ثم أحيل للقضاء 14 ناشط في حلب، واعتقل طلاب، واعتقل أيضاً مستخدمين للانترنت، وأخيراً أعقبت أحداث القامشلي حملات اعتقال عشوائية وتعسفية طالت الآلاف.. ثم اعتقل المحامي أكثم نعيسة رئيس لجان الدفاع عن حقوق الإنسان، وما يزال التضييق على النشاطات والحريات والضغط على الناشطين يجري على قدم وساق بأشكال ووسائل مختلفة، وما يزال الربيع يقأو م الموت ويقاتل عبر منابره الحرة وناشطيه الأحرار. وما تزال السلطة تمارس القمع والتعذيب بكل أشكاله، بهدف إعادة الشعب إلى داخل دائرة الرعب، لتأبيد سلطان الخوف حارساً لحالة الإذعان التي تسهل استباحة عرق المواطن وثروات الوطن.
ياسادتي"
أنا أسف إذا أزعجتكم
أنا لست مضطراً لأعلن توبتي"
هذا أنا
هذا أنا
هذا أنا
|