عرض مشاركة واحدة
قديم 18/05/2007   #2
شب و شيخ الشباب وائل 76
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ وائل 76
وائل 76 is offline
 
نورنا ب:
Jul 2006
المطرح:
Gaza Palestine
مشاركات:
2,210

افتراضي







إبراهيم عمر
محرر في الصفحة الرياضية بصحيفة فلسطين


كم هو قاسٍ ذلك الشعور الذي ينتاب الإنسان حينما يفقد عزيزا وأخا وصديقا على نحو مفاجئ، وبلا مقدمات؛ شعور مؤلم لا تعبر عنه الكلمات، ولا تتسع له الصفحات.
سليمان ومحمد.. شهيدان فلسطينيان جديدان، لم يكن رحيلهما على يد الاحتلال، بل على يد أبناء جلدتهم، تزاملتُ معهما قبل ثلاثة أشهر فقط، لنساهم جميعا في ولادة صحيفة فلسطينية جديدة لطالما كان الغزيون ينتظرونها، عشنا أياما لا تنسى، فكانا نعم الأخ ونعم الرفيق، قبل أن تخطفهما يد الغدر وتمارس بحقهما جريمة لا تغتفر دون أي ذنب يقترفوه.

خُطف سليمان ومحمد علي يد فئة "مأجورة" أبت إلا أن تزرع الحزن والألم في قلوب محبيهما، مارست بحقهما التعذيب والإهانة، قبل أن تطلق سراحهما، ولكن لا لكي يعودا إلى ذويهما وزملائهما، بل لتعدمهما بدم بارد، وبطريقة لا يفعلها إلا المجرمين، أطلقت وابل من الرصاص عليهما، فقضى الأول على الفور، وأصيب الثاني إصابات بالغة توفى على إثرها في اليوم التالي.

من يعرف سليمان ومحمد للمرة الأول يشعر وكأنه يعرفهما منذ زمن بعيد، الابتسامة لا تفارق محياهما، يعملان بجد واجتهاد قلما يجد له المرء شبيها، قابلت سليمان للمرة الأولى في أول مرة وطأت فيها قدماي مقر الصحيفة، كان شابا بشوشا، دمث الأخلاق، هادئ الطباع، مبتسم على الدوام، جاء ليعمل محررا في القسم الاقتصادي للصحيفة، صافحته وجلسنا معا، لتنشأ بيننا صداقة تعززت مع أيام العمل وتواليها، لم تكد تمر أسابيع على ذلك حتى انتقل للعمل في الشؤون الإدارية للصحيفة بجانب عمله الصحفي.

كان طموحه كبيرا، أراد أن يبني مستقبله من هنا، من "فلسطين" (1) ، أحب أن نكنيه "بأبو محمد" رغم أنه لم يتزوج بعد، وإن كان ينوي الارتباط في وقت قريب.

أما محمد، فكان شابا متوقد النشاط، عمل منذ البداية في الشؤون الإدارية، لم يكن يمر يوما دون أن يفاجئنا بفكرة جديدة، كانت أفكاره رائعة، انتزع بها إعجاب الجميع، حمل على كاهله عبئا كبيرا في صحيفة اعتبر البعض إطلاقها في هذا الوقت وهذا المكان، وبهذه الظروف مغامرة غير محسوبة العواقب، لكنه نجح في الأشهر الثلاثة بعمل الكثير، قبل تضع رصاصات الغدر حدا لحياته، وتوأد أحلامه البسيطة.
بعد أسابيع قليلة من الآن كان من المفترض أن يتم زفاف محمد، لذا كان حريصا على الإيفاء بكل متطلبات الزواج، اقترح علينا عمل "جمعية" يتم بموجبها اقتطاع جزء من الراتب الشهري على أن تُجري القرعة لاختيار من يحظى بالحصول على المبلغ الذي يتم جمعه كل شهر.. أخبرنا بأن وضعه يتطلب أن يكون في المقدمة دون خوض القرعة، باعتباره مقبل على الزواج، فوافق الجميع بشرط "تناول الحلوى في أسرع وقت ممكن"!، لكنه رحل دون أن نتناول تلك الحلوى، ودون أن يتم الزواج الموعود.

رحيل سليمان ومحمد ترك الغصة في حلوق كل من عرفهما وتعامل معهما، وترك الحسرة في قلوب ذويهما، ترك أيضا تساؤلات كثيرة لم أجد لها إجابات شافية، لعل أبسطها: لماذا يقتل الفلسطيني شقيقه الفلسطيني؟!

ماذا سيكون شعور القاتل بعد أن يرتكب جريمته؟!
هل فعلا يشعر بالفخر والزهو حينما يزهق روحا مؤمنة؟!
هل يشعر بالسعادة عندما يقضي على حياة شاب وضع القدس وفلسطين دوما في قلبه؟
هل هل هل ...!

لقد ذهب جسدا سليمان ومحمد فقط، ولكن روحهما ستبقى تحلق في سماء الوطن، وستلعن هؤلاء القتلة، ستلاحقهما في كل مكان، وستحل لعنتها عليهم، ولن يجني من قتلهما سوى العار في الدنيا، والجحيم في الآخرة، في وقت ترقد روحهما في جنة الفردوس.. إن شاء الله.



إن تراب العالم لا يغمض عيني جمجمة تبحث عن وطن!

19 / 6 / 2007
 
 
Page generated in 0.04551 seconds with 10 queries