الموضوع الرئيسي بنظري الذي نختلف عليه هو العبارة عن النص أنه "واضح" وهذه صورة مخطئة تماماً أيّاً يكن من يقولها مسيحي أو مسلم أو أي دارس لأن النص لا يخضع لأدبنا وقوانيننا الفكرية الحالية ولنكون علميين يجب أن ندرس النص ضمن ثقافته (وهذا ما ذكرته مطولاً سابقاً) , بالنتيجة أقول ليس هذا النص غير واضحاً فحسب بل كل النصوص .. .( ولأقرأ الكتاب المقدس وأفهم رسالته يجب أن أقرأه كيهودي تلك المرحلة , وكذلك أيضاً لقراءة القرآن الكريم يجب أن أقرأه كمسلم لأفهم معناه وعمقه ولا أحكم عليه أحكاماً مبتذلة لأني سلفاً لا أؤمن به _آمن لتفهم_)
أما بالنسبة لزواج هوشع وحياته فليس ذلك خيالاً ولكنه رمز , ومن غير المفيد أن نهتدي إلى الحدث التاريخي فيه , فليس هو التعليم أو الجوهر أو الرسالة بل موضوع الزنى بالاشراك بالله (وهذا ما يفهمه يهودي آنذاك الذي لا يتوقف عند ما توقفنا عنده فهو يفهم المعنى المقصود تماماً ويدرك أن زواج هوشع ليس تعليماً)
وأيضاً لأسأل السؤال لا يجب أن أقترح وأفرض طريقة جواب محددة بـ كذا وأما كذا بل يجب أن أفتح كل الأفق .
أما لحل القضية بدون إطالة وبشكل مفصّل فهي كالتالي :
- امرأة زنى : عبارة "امرأة زنى" بحد ذاتها هي عبارة رمزية (ليست هي العبارة المألوفة لديهم عن امرأة زانية إنما تشير أكثر إلى طبيعتها الخاطئة المنحرفة - لأنها ظهرت كذلك فيما بعد- ) ومن المحتمل أن تكون جومر امرأة لها صلة بعبادات الخصب الكنعانية الأصل وأن تشترك في طقوسها الشهوانية (راجع ما توحي به بعض المقاطع كـ 2: 4 و 15 , و4: 13-14) .
- أولاد زنى : لا لأنهم يولدون لزنى , بل لأن والدتهم أورثتهم طبيعتها : الأولاد على شاكلة أمهم (حزقيال 16 : 44 وفي السفر اليوناني يشوع بن سيراخ 41: 5)
- أما بالنسبة لطلب الله لهوشع باتخاذ امرأة زنى: فذلك مردّه إلى أن اليهودي يؤمن أن الله هو من يقوده في اختيار زوجته (تكوين 24: 42-52 ) (وهوشع هنا يعيد قراءة حياته معطياً إياها معنى من ضوء رسالته)
وأحب أن أورد مقطع مما جاء في المدخل عن هذا السفر في كتابي المقدس (ولو خروجاً عن لب الموضوع بل يصيب لب رسالة السفر) ليس بالضرورة قراءتها:
" يذهب سفر هوشع إلى الجوهر , بعمق رسالته وعنفها في الوقت نفسه, فهو اليوم كما في الأمس كلمة يوجهها الله إلى شعبه وإلى كنيسته . إن الآية الأخيرة من الكتاب تدعو القارئ إلى الانتباه لحالية كلمة الله : "من هو حكيم فيفطن لهذه الأشياء؟" أو كما سيقول يسوع :" من له أذنان تسمعان ...." . فالوحي الكتابي , المندمج في ظروف التاريخ , هو كلمة من الله , لجميع الذين يسمعونها, لجميع الذين يفتحون هذا السفر يوجه الرب اليوم , على لسان هوشع , إلى شعبه وإلى كنيسته , كلمة توبيخ وحنان , كلمة قساوة ومحبة في الوقت نفسه . تتطلب محبة الله أن نطرد عنا كل الظلم وأن نحترس من خداع الأصنام . وهذا التطلّب مطلق وبلا رجعة , ولكنه تطلّب المحبة في حقيقتها : فإذا أراد الله أن يكون وحده في قلب الإنسان , فذاك أنه وحده الكائن حقاً , إذ إن الأوثان هي لا شيء وإن ما يصدر من الإنسان وحده ليس هو سوى سند وهمي للذين اختارهم الله , إذ لا سعادة ولا حياة إلا من الرب . بهذه الكلمة ينتهي سفر هوشع , وهي كلمة يقوم عليها رجاء الإيمان . لا شك أن سفر هوشع لا يحتوي على الوحي الكتابي كله , لكنه يبلغ مبلغاً بعيداً وعميقاً, حتى إن شعب الله لا يستطيع أن يقرأه اليوم دون أن يهتزّ رجاءً , ودون أن يتساءل عن صفاء إيمانه . "
أخيراً أختم مشاركتي بالشكر والاحترام لرأي للجميع ( وإني لو لم يكن الطرح بصيغة السؤال الاستفساري لما شاركت)
السندباد
|