ويل لأمة تكثر فيها الطوائف ويقل فيها الدين
ألا ترون معي أن هذه الأمة هي أمتنا العريقة ...وأجد شعبا تكثر طوائفه ويكثر اهتمامه بسطحيات الأمور هو شعبنا العريق ولا أقصد بكلمة شعبنا الشعب بتلك الدلالات الغريبة التي تطرح على الساحة بل أقصد شعوب العالم الثالث كلها بكل ما تحويه من ذهنية مقتولة وجهل عظيم
هذه المقدمة المليئة بالسخط جاءت لأن الحماقة تقتلني ومن تلك الحماقات التي بتنا نسمعها أسطورة الخطر الإيراني .
تلك الحماقة التي لم يجد أصحابها من رجال الاعتدال بعد فكرة أيديولوجية صحيحة يحملون عليها أسطورتهم وبناءهم الشامخ فالخطر الإيراني ما يزال بين خطر عقائدي يضرب عقيدة البعض عبر أكذوبة المد الشيعي والدولة الشيعية والهلال الشيعي وأحيانا نجدها على شاكلة دولة ساسانية فارسية رجعية تهدف إلى العودة لدولة فارس وأستغرب بشدة أن نفس الشخص يتفوه بالحماقتين – رغم ما تحويانه من تناقض – يتفوه نفس الشخص بتلك الحماقة في نفس المجلس مما لا يترك لك مجالا كي تظن أنها تعدد في النظريات بل هي نظرية واحدة رغم ما تسببه من انفصام في الوعي العام لشعوب هذه المنطقة والشعوب المعنية بأي من الأطروحتين
ومن ثم أعلم انه لا يحق لي أن أمارس فعل الغرابة كعادتي فالأطروحتين هما جزء لا يتجزأ من حركة انفصام الوعي العام التي تعصف بتفكيرنا منذ انهيار الإتحاد السوفياتي
الجزء المتعلق بالعقائد من النظرية حول الخطر الإيراني يضع باقي الطوائف وعلى رأسهم السنة عربا وأتراك و فارسيين و أمازيغ في خانة المواجهة مع هذا الكيان الذي يريد بناء دولة عقائدية تحوي مفهوما أخر للدين عما يستوعبه هؤلاء وتضعهم في خانة المواجهة مع المد الشيعي وحركات التشيع
في الجزء الثاني من النظرية والمتعلق بدولة فارسية تنوي إعادة بناء خراسان الجديدة لدولة ذات طابع قومي فارسي ساساني تضع العرب سنة وشيعة ومسيحيين في حالة مواجهة مع أبناء فارس العظيمة التي تنوي إعادة بناء نفسها والسيطرة على المنطقة
يظهر من كلامي الماضي لأولي الألباب التناقض الواضح الذي تحمله هذه النظرية التناقض المضحك المبكي المترسخ في ذهنية هذا الإنسان الرافع للواء الخطر الإيراني والقادر تماما على أن يشرح هواجسه ومخاوفه حول الموضوع
وهنا تكمن المشكلة في انفصام الوعي والذات والمشكلة الأكبر أن نظرية " مؤامرة طهران " تنعكس على شارعنا العربي المجهز بالأسلحة التعبوية الثقيلة لكي يتلقف هذه النظرية شاكرا لأصحابها حيث قاموا بزيادة وعيه للأخطار الداهمة ويذهب هو نفسه في شرح النظرية وبرهانها وهنا المصيبة
حيث تنعكس الأزمة انفصاما في الوعي لدى الإنسان والمجتمع فعندما يتلقف هذه النظرية شيعي عربي يضربه انفصام الوعي مباشرة فنراه يركض بثياب كربلاء المقدسة ليهتف لطهران في الشوارع فهي تلك الدولة التي ستظهر الحق أخيرا وستنصر المظلوم وستقول للناس " من لم يؤمن بالعصمة فقد كفر " ولكن هذا الشخص العربي نفسه عندما يفكر بالنصف الأخر من النظرية والمتعلق بالدولة الفارسية يذهب بثياب تغلب ويعرب ليحارب دولة الطاغوت ويمنع كسرى من أن يعود
وتضرب بذور الانفصام برياحها رجل السنة من إيران وبنصف الوعي المتمركز في ذره أبعادها متناهية في الصغر يبارك طهران بلباس كسرى وإستبرق فارس و معا لإعادة مجد فارس العظيمة
ثم عندما تتداخل الأمواج الفكرية القادمة من نصف الذرة الأخر- نفس الذرة التي أبعادها غير متناهية في الصغر –عندما تضربه ذلك السني الأمواج العقائدية نراه يهب بذقنه الطويلة وجلابيته القصيرة و بنطال أعلم أنه ورثه من أبا لهب ليحارب الرافضة رافضي سنة رسول الله وليبشر بتعاليم الرسول الحق
فما أسفهه من شعب هو ذاك الذي يحارب ولا يعرف من أجل أي شي يحارب
فما بالنا بأميركا تضربنا ليلا ونهار و تسلب من رجالنا ونساءنا عذريتهم في العراق , وإسرائيل تمثل بجثث شهداءنا الأبرار في فلسطين ولبنان إذ به يحترق وكشمير مزقتها الأيادي و إقليم التيبت قضية شائكة ودارفور مصيبة والصومال كارثة وكوريا الشمالية مهددة بالانقراض لأنها تحاول الدفاع عن نفسها و أميركا اللاتينية تحارب لكسب سيادتها وحريتها تلك الحرية التي لم تحصل عليها على يد سيمون بوليفار والهند وباكستان جاران نوويان وفي أي وقت قد يحترقان وصهيوني كل يوم يرفع القسم مجددا حدودك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل ونحن ما زلنا نحاول أن نستكشف هل هي مكة وقم أم الرياض وطهران ؟
إن الطامة الكبرى هي أن العارف الحق يستطيع أن يعرف أن الحرب ليست لا من أجل عروبة ولا من أجل عقيدة بل هي حرب أيديولوجيات بين نقيضين خط الاعتدال – أو الملقب هكذا - من جهة والطرف الثوري من جهة
مما يؤكد كلامي أن رجال المحور السني التي تدافع عن سنة رسول الله ضد إيران هي نفسها تلك الدول التي تخلت عن حكومة الإخوان المسلمين العرب في فلسطين ولم تقدم لها أي دعم بل وقفت ضدها
لذا يتضح للعارف أن الصراع ليس من اجل العقيدة التي باعها هؤلاء الرجال ولا من أجل العروبة فقد اشتروا بثمنها أي شيء أخر
لكن المشكلة أن الشرق أصبح ساحة صراع بين طرفين طرف يملك السلاح والدعم الخارجي بشدة ويملك المناصب والدول والطرف الأخر يملك إيمانه بالحرية وبعدالة النضال ومشروعيته وله قوة شعبية تتعاظم يوما بعد يوم وستنتصر برأيي الخاص جدا
فإقتلوني ..وأحرقوني ..بعظامي الفانيات ..ثم مروا برفاتي ..في القبور الدارسات
....................................................إلى روح الحلاج شهيد الحرية
"تمركز رأس المال هو المشكلة ولا حل إلا الإشتراكية ."