عرض مشاركة واحدة
قديم 25/05/2005   #1
شب و شيخ الشباب شكو زولو
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ شكو زولو
شكو زولو is offline
 
نورنا ب:
Sep 2004
المطرح:
لبنان
مشاركات:
1,071

إرسال خطاب MSN إلى شكو زولو إرسال خطاب Yahoo إلى شكو زولو
افتراضي مَنْ هو يسوع المسيح الناهِض من بين الأموات والحيّ إلى الأبد؟


"تعالوا انظروا إنساناً كشف لي كلّ ما فعلتُ"




لقاء السامريّة بالمسيح هو مثالٌ لتدرّج معرفة الإنسان بيسوع. ويبدو أنَّ معرفة الله تترافق مع معرفة الذات، والعكس بالعكس، فإنَّ معرفة الذات تتحقّق على ضوء معرفتنا بالله.


بينما كانت السامريّة عند البئر تطلب ماءً لتستقي إلتقتْ بيسوع، هناك عند همومها الماديّة، لم يكنْ بإمكانها أن تتوقعه إلاَّ مجرّد إنسان يهوديّ. فنادته: "كيف تطلب مني لتشرب وأنتَ يهوديّ وأنا امرأة سامريّة"؟ فالمسيح هنا بالنسبة لها، ليس إلاَّ مجرّد رجل غريب، بل عدوّ متعالٍ أيضاً، إذْ لم يكن اليهود يخالطون السامريّين.

فكلَّمها يسوع عن "ماء حي"، من يشربه لا يعطش إلى الأبد. وقادها هذا الكلام عن الأبديّات إلى تأمّل دينـيّ فنادته "هل أنت أعظم من يعقوب"؟

من هذا الحوار الدينـيّ قادها الربّ إلى ذاتها فسألها عن رجلها وعن حياتها الشخصيّة بدل الدخول في المماحكات والجدالات الدينيّة وتساؤلاتها هذه. هناك عندما مسَّ الكلامُ الحياةَ والقلبَ صار يسوعُ لها بمثابة "نبيّ" وهذا هو جوهر الدين حين يصبح نبويّاً، أي يلمس الحياة ونحتاجه لنوجِّه المسلكيّة.

من هذه العَتَبَة الحياتيّة كلّمها الربّ عن دين عبادة بالروح وليس بالحرف، عن الدين كحريّة، عن الدين كعشق اختياريّ ويقين خبرة الحقيقة، وليس عن فرائض وشرائع دينيّة، ولكن عن ملء للقلب البشريّ لا يرتاح الإنسان إلاَّ إليه. عندها ذكَّرها هذا الحوار مع المسيح "بمسيّا" المنتظر، فأخبرها يسوع: "أنا الذي أكلّمك هو". هنا الربّ يسوع صار المخلِّصَ بالنسبة لها، الذي "سيخبرنا بكلّ شيء" ونسأله عن كلّ شيء ونثق به من جهة كلّ شيء.



هكذا تدرجت السامريّة في معرفة الربّ بمقدار تدرّجها بمعرفة ذاتها. فحين كانت تنظر من حاجاتها الماديّة رأته يهوديّاً، ولمَّا راحت تجول في عالم الدين ظنّته أعظم من يعقوب، ولمّا تعالت إلى الخبرات الروحيّة ومعرفة الذات والاعتراف بحقيقتها رأته نبيّاً. وبعدها لمّا وصلت إلى العبادة بالروح والحقّ وإلى حريّة الإيمان أدركته المسيّا المخلِّص.

لقد كان المسيح لها غريباً وعدوّاً لما أحبّت حاجاتها، وصار معلِّماً لما عالجت معارفها الدينيّة، ونبيّاً لما راجعت حياتها الشخصيّة، ومسيّا لما تلمّست العبادة الحقيقيّة.

والأعظم من ذلك أنّها لما أدركته مُخَلِّصاً للعالم صارت رسولةً له، تنادي بالناس "هلموا انظروا" ما قد نظرتُه أنا.



هذا هو يسوع المسيح الناهض من بين الأموات والحيّ إلى الأبد، إنّه المُخلِّص الذي إذا ما تعرفنا إليه وتلمسنا خلاصه انقلبنا إلى رسل. يسوع بكلمة أخرى هو المُرسِلْ، والذين يتعرَّفون حقّاً إليه يصبحون مُرسَلين. من أخذ معرفة يسوع ولم يعطِها يناقض المبدأ الإنجيليّ المسيحيّ "مجّاناً أخذتم مجاناً أعطوا". يسوع ليس ربَّ دين ولا مُصْلِحاً اجتماعيّاً ولا نبيّاً وحسب، إنّه المُرسِل ومَنْ واجَهَهُ حقّاً سيصير رسولاً.

يسوع ليس يهوديّاً أو سواه وحسب، وليس بالأحرى معلّماًُ أو مصلحاً دينيّاً. إنّه نبيّ يمسّ حياتنا فيبدّلها، لا بل إنّه بالنسبة لنا المخلِّص، الذي يخلّصنا وبالعمق يرسلنا. إذن يسوع ليس مسألةً في الحياة، يسوع هو مسألةُ حياتنا، وإنَّه غايتنا به نوجد ونحيا ونتحّرك.

آميــن


الميتروبوليت بولس مطران حلب
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03104 seconds with 10 queries