عرض مشاركة واحدة
قديم 08/12/2006   #24
شب و شيخ الشباب وائل 76
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ وائل 76
وائل 76 is offline
 
نورنا ب:
Jul 2006
المطرح:
Gaza Palestine
مشاركات:
2,210

افتراضي تتمة


يحاول البابا أن يقدم الكنيسة وعقيدتها أداة ناجعة في بناء هوية أوروبا فيما يسميه هو حوار الثقافات، وهو وجه آخر لصراع الحضارات. كما يحاول أن يقدمها كأداة عقلنة عريقة ومتزنة ومحافظة في وجه الأصوليات على أنواعها
تبدو المحافظة في أوروبا لأوروبا قمة التعقل والوسطية بين الأصوليات المحلية من جهة، والمهاجرين من الدول الإسلامية من جهة أخرى، وبين المحافظين الأميركيين الجدد من جهة، والإسلام الأصولي من جهة أخرى.
ليس الإسلام موضوع محاضرة البابا أعلاه، هذا صحيح في الظاهر فقط. وقد بينا ذلك أعلاه في طرح "الإرهاب الإسلامي" كهم يؤرقه منذ فترة. ولكن حتى لو كان صحيحاً ظاهراً وباطناً، فإن هذا لا يجعلها ولا يجعل اقتباساته عن الإسلام من نص محرر من القرن الرابع عشر أقل خطورة. فالفكرة الواردة عن "الإسلام" في النص هي مجرد أداة إيضاح للعلاقة غير المرغوبة برأيه بين العقل والإيمان في العقيدة الدينية ذاتها. وإذا كان رأي البابا بالإسلام هو ما يرد من ريشة الملك البيزنطي منويل الثاني أم لم يكن، يتم في المحاضرة توسل هذا "الإسلام" كلون معاكس في الخلفية لإيضاح اللون المرغوب بابوياً للعقيدة المسيحية، مثل كونتراست. فالمرفوض المكروه يجلب لإيضاح المرغوب. على ضوء ذلك، يصبح السؤال "هل المرغوب هو موضوع المحاضرة أم المكروه؟"، "هل المسيحية هي موضوع المحاضرة أم الإسلام؟" سؤالاً غير مهم.
الغريب أن البابا لم يجلب أمثلة لما يجب ألا يكون من سياق تاريخي معروف له، ولا يعاني بشأنه من شحة المصادر وقلة التبحر. فهو مطلع على الحملات الصليبية ودور الباباوات في التعبئة لها، وعلى عملية تنصير شعوب أميركا الجنوبية بحد السيف والبارود، وعلى مرافقة المبشرين الاستعمار في أفريقيا، وإن كان بوسعه أن يدين ويستنكر ثم يفتخر في الوقت ذاته بموقف رهبانيات مثل اليسوعيين في حينه ضد قوات الـ"كونكويستا" ومذابحهم. كانت لديه فرصة أن يستشهد بهم وينتقد تخلي الفاتيكان عنهم في تلك المرحلة لصالح علاقتها بالملوك في أسبانيا والبرتغال؟ كانت لديه فرصة لنقد المؤسسة الكنسية وعلاقتها بالملوك وإدراكها البراغماتي لمعنى القوة في السياسة وتحالفاتها مع سياسات القوة وخوضها الحروب، مثبتاً على الأقل وجود تيار آخر في المسيحية يمكنه المفاخرة به في بعض مواقفه على الأقل، مثل اليسوعيين والفرنسيسكان، أقرب إلى ما يدعيه هو اليوم عن الكنيسة ككل. كان لديه ما يفاخر به أيضاً حتى لو أدان محاكم التفتيش التي استخدمت من قبل الفاتيكان لفرض "سنته" و"طريقه القويم"، ومكونات عقيدته سالمة غير منقوصة بالقوة ضد كافة أنواع الفرق الألفية والهراطقة وغيرها، ناهيك عن إعمال السيف والقتل لحل قضايا مثل وحدانية الطبيعة الالهية، أو الطبيعة المزدوجة للمسيح. وكان بإمكانه أن يعددها ويعدد الثورات المسيحية عليها. كان بإمكانه أن ينتقد نزعات مسيحية لاستخدام العنف لفض الخلافات العقائدية، مثل الحروب الدينية في أوروبا ذاتها، وأن يفتخر بتقاليد مسيحية أخرى مثل دور الكنيسة الكاثوليكية بين فلاحي أميركا اللاتينية وفي ريفها. ولكنه اختار أن ينحو منحى آخر، أن يثبت جوهراً مفترضا للمسيحية مقابل جوهر مفترض للإسلام في قضايا العقل والمنطق والعنف. ولذلك يتجه إلى نص عن الإسلام للبحث عن مثلٍ لنشر الدين بحد السيف، وذلك من ريشة ملك بلد يكتب ويحارب وبلده يتعرض لحصار دولة إسلامية، ويتبع لها أحياناً بشروط مذلة
وقد اختار هذا النص ليقول: إن دور العقل في الإيمان هو جوهر المسيحية، وهو يقصد المسيحية الكاثوليكية تحديداً، وأنّ للعقل دوراً في إثبات حقائق الإيمان، وأن العقل ليس حكراً على العلمانيين، وأن الله في المسيحية، خلافاً للإسلام، ليس محرراً من أحكام الله ذاته ألا وهي العقل، وأن ما يمكننا من التفكير بالشؤون الإلهية وتذهنها، هو هذا العقل الكوني. والحقيقة أن لا هذه جوهر المسيحية (فلا جوهر للمسيحية ولا للإسلام) ولا هي علامتها الفارقة، ولا هي غريبة عن الإسلام. فقد ميزت مثل هذه النقاشات "محنة خلق القرآن" ونقاشات المعتزلة في عهد المأمون، والنقاش بين الغزالي وابن رشد ... ولكن لندع ذلك جانباً حالياً، فقد اختار البابا التعميم الأسهل. والتعميم الانتقائي والسهل يميز رجال الدين بحكم موقعهم في كل مكان وفي كل دين كممثلين لأفضل عقيدة ممكنة بين العقائد
تنتفض العلوم الاجتماعية على تبسيطية واختزالية نظريات كاملة وضعت في تفسير سلوك الناس بثقافتهم، انطلاقاً من حضارتهم، التي ولدوا ونشأوا فيها، كما كانت صفات العِرق المفترضة تفسر طبيعة سلوك البشر وعاداتهم وقيمهم في الفكر العنصري العرقي. ولكن البابا لا يكتفي بتعيين الثقافة، بل يعتبر ضمناً أن النص الديني يكفي لشرح ظاهرة مركبة مثل العنف الديني. وهذا أسوأ من تفكير هنتجتون في صراع الحضارات، ويقترب من أسلوب تفكير برنارد لويس الذي يعتمد عليه هنتجتون بوضعه النص الديني في المركز كأنه قلب الحضارة النابض، كما يقترب من فكر الأصوليين أنفسهم. ولم يكتفِ الحبر الأعظم بهذا الخطأ، فاختار نصاً بيزنطياً عن الإسلام لتوضيح ذلك. وهذا خطأ أفدح. أدى هذا إلى صدور حكم متهافت على الإسلام، لا أساس عقلياً ولا قرينة تاريخية له، وإذا توفرت فهي تتوفر عن الإسلام والمسيحية على حد سواء. فمن شن الحروب هو ليس العقائد بل القادة والناس، المؤسسات والدول، أي ليس العقائد بل المؤمنون بها، أو المستخدمون لها إذا شاء القارئ، المحكومون بظروف سياسية واجتماعية محددة،
ما طرحه البابا يدخل في باب الأيديولوجية لا الحجة العلمية. والرد عليه لا يقل أيديولوجية وسياسة
انطلاقا مما سبق كله اعتقد جازما انا البابا بندكت لم يقول تلك الهفوات عن الاسلام اعتباطاً بل كانت وليدة ايديولوجية يعتنقها البابا في مخيلته وقد اثر ان يضع الاسلام كمثال عن الايديولوجية المتخلفة والدموية للتدليل على مقارنة بين الاسلام وبين المسيحية كندين يجب ان يكون اعمال العقل فيه وسيلة وغاية
وهو بذلك الفكر انما يحط من شأن دين سماوي ويضرب بعرض الحائط مشاعر مليار ونصف مسلم
وبإعتباره راس الهرم الروحي للمسيحين فانه هنا اغفل تلك الصفة لياتي كلامه معبراً عما يدور في خلاجاته ولكن يحمل موقفاً معبراً عن مسيحي العالم
هذا ما يحاول البعض اغفاله من ان مواقفه وكلامه ان يعبر انما يعبر عن مسيحي العالم باعتباره راس الهرم
لذلك كله اعتقد ان زيارته لتركيا وللمسجد لا يمكن بحال من الاحوال قبولها وتكيفها على انها اعتذار للمسلمين فما قاله انما هو اييولوجية وليس كلاما اعتباطياً يمكن الاعتذار عنه الايديولوجيات لا يعتذر عنها
هذا كله ولم اتتطرق لموضوع مناصرة الكنيسة الكاثولوكية في نركيا امام الاحزاب الاسلامية وبخاصة الحزب الحاكم
ساذكر ذلك الموضوع في مشاركة لاحقة

تقبلوا تحياتي

إن تراب العالم لا يغمض عيني جمجمة تبحث عن وطن!

19 / 6 / 2007
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03360 seconds with 10 queries