عرض مشاركة واحدة
قديم 04/12/2006   #23
شب و شيخ الشباب Alshami
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ Alshami
Alshami is offline
 
نورنا ب:
Oct 2006
المطرح:
دمشق ولا أبتغي سواها
مشاركات:
1,259

افتراضي


المدائح النبوية. يُعَدُّ المديح في الشعر العربي من الأغراض الرئيسية التي تشغل مكانًا بارزًا في إنتاج الشعراء منذ العصر الجاهلي إلى يومنا هذا. وتدور معاني المدح في الشعر حول تمجيد الحي، مثلما تدور معاني الرثاء حول تمجيد الميت. ولكن هذا العُرف الأدبي يختلف نوعًا ما في مجال المديح النبوي.
وإذا تتبعنا تاريخ المديح النبوي ـ وإن لم يعرف بهذا المصطلح في هذه الفترة ـ نجده بدأ في حياة النبي صلى الله عليه وسلم حينما مدحه الشعراء، ومجّدوا دعوته وأخلاقه، ويأتي في مقدمة هؤلاء الشعراء شاعره حسان بن ثابت، وبعض الشعراء الآخرين الذين ذكرهم التاريخ بقصيدة واحدة مثل الأعشى وكعب بن زهير. وعندما انتقل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى رثاه الشعراء وبكوه، ولكنهم لم يخرجوا عن الخط العام للمدح والرثاء في الشعر العربي؛ لأنهصلى الله عليه وسلم مدح في حياته ورثي بعد وفاته مباشرة.
وقد عدت المدائح النبوية غرضًا شعريًا قائمًا بذاته، لأن هناك من الشعراء من وقفوا أنفسهم عليها ولما يتجاوزوها إلى أغراض الشعر الأخرى. وكان من أشهر أولئك النفر من الشعراء في المشرق أبو زكريا الصرصري (ت 656هـ)، الذي يقول في الرسول صلى الله عليه وسلم:



ياخاتم الرسْـل الكرام وفاتح الـخيرات يامتواضــعًا شَمَّاخـاياخير من شدَّ الرَّحال لقصدهحادي المطيِّ وفي هواه أناخا

وكذلك بلغ الشاعر اليمني عبد الرحيم البرعي (ت803 هـ) شأنًا عاليًا في مديح الرسول الكريم وديوانه معروف ومشهور. يقول:

بمحمَّدٍ خَـطَرُ المحامـد يعظمُوعقــود تيجــان العقـود تنظَّـمُوله الشفاعة والمقام الأعظميوم القلوب لدى الحناجر كُظَّمُفبحقّه صَلـَّوا عليه وسلـِّموا

وأما في الأندلس فقد كان أبو زيد الفازازي (ت627هـ) مُقَدَّمًا في هذا المجال، وله مجموعة شعرية في المدائح النبوية سمَّاها الوسائل المتقبَّلة وهي مخمسات على الحروف الهجائية. يقول في المخمس النوني عن الرسول :

بدا قمرًا مسراه شرق ومغربُوخُصَّت بمثواه المدينة يثربوكان له في سُـدّة النـور مضـربنجيٌّ لـربِّ العـالمين مقــربحبيب فيدنو كل حين ويُسْتَدْنى

وكذلك كان ابن جابر الأندلسي (ت 780 هـ) ممن وقفوا أنفسهم على مدح الرسول الكريم وله ديوان سماه العقدين في مدح سيد الكونين.
وقد تحولت المدائح النبوية إلى مصطلح أدبي ونمط شعري ازدهر وانتشر في العصر المملوكي، وتحديدًا في القرن السابع الهجري، حيث لجأ الشعراء إلى استرجاع السيرة النبوية والتغني بالشمائل التي تميز بها الرسول صلى الله عليه وسلم. وقد عُرفت القصائد التي نظمت في هذا المجال بقصائد المديح النبوي.
وكان من أهم الأسباب السياسية والاجتماعية والنفسية لظهورها في هذا القرن أنه شهد من الحوادث والمتغيرات مالم يشهده قرن قبله؛ فقد اجتاح التتار الشرق الإسلامي فدمروا البلاد وأهلكوا العباد وقضوا على الخلافة العباسية في بغداد. وأقام المماليك دولتهم في مصر بعد أن قضوا على الدولة الأيوبية. ثم حررت بلاد الشام من سيطرة الصليبيين بعد أن أمضوا فيها حوالي مائتي سنة. وقد خاضت الدولة الإسلامية في ذلك القرن حروباً عنيفة ضد الصليبيين والتتار وعانت شعوبها ويلات تلك الحروب، كما عانت تسلط الحكام المماليك وظلمهم.
وتفشى الفساد بين الطبقات الحاكمة من أمراء ووزراء وموظفين، وعانى الناس كثرة الضرائب ومصادرة الأموال، فانتشر الفقر، وعمَّ الخوف ولم يجد الناس ملجأ يلجأون إليه سوى الرجوع إلى الله والزهد في الدنيا هربًا من واقعهم المر. وكانت تمر سنوات من القحط والجفاف، فتعم المجاعة وتنتشر الأمراض فيزداد بلاء المسلمين، وانتشرت الخرافة والشعوذة والتمس الناس كل وسيلة للحصول على رزقهم اليومي.

في هذا الجو المشبع بالآلام وفي تلك الظروف القاسية ازدهرت المدائح النبوية التي تكشف عن رغبة دفينة لدى شعرائها بالعودة إلى المنبع الصافي للعقيدة الإسلامية، حينما كان العدل يظلل جميع المسلمين، فاستعادوا بقصائدهم سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم بكل ما تمثله من عدل ونقاء من ميلاده حتى وفاته. وكان البوصيري إمام هذا الفن بلا منازع.
عاش البوصيري، محمد بن سعيد، أعوامه الثمانية والثمانين في القرن السابع الهجري بين عامي (608- 696هـ) وعانى مما عاناه بقية المسلمين من ظلم الحكام وقلة الموارد إلى جانب كثرة الأولاد الذين أثقلوا كاهله. وقد نظم البوصيري عددًا من القصائد النبوية في مناسبات مختلفة، ولكن أشهر تلك القصائد قصيدة البردة التي مطلعها:
أمن تذّكر جيران بذي سلم مزجْت دمعًا جرى من مقلة بدم
وهي قصيدة جيدة لولا ما فيها من المبالغة. ويرجع سبب شهرتها إلى مناسبتها التي رويت عن الشاعر، وهي أنه قرأها على الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وتشفع بها لديه، فاستحسنها وألقى على الشاعر بردة فشفي من الفالج الذي كان مصابًا به وأقعده مدة من الزمان، وقد اكتسبت اسمها من هذه القصة ولعلها قصّة غير حقيقية. ومن قصائد البوصيري.. المشهورة همزيته التي مطلعها:
كيف ترقى رقيَّــك الأنبيـاءياسمـــاءً ماطاولتْهـــا سمـــاءُ
ولا نكاد نجد شاعرًا في العصرين المملوكي والعثماني إلا وقد نظم في هذا المجال، وغالبًا ما تكون قصيدته معارضة لبردة البوصيري، ولم يقتصر أمر معارضتها على شعراء هذين العصرين، بل رأينا شعراء عصر النهضة الأدبية يتسابقون إلى معارضتها أمثال البارودي وأحمد شوقي ومحمد عبد المطلب، وإن كان أمير الشعراء هو أبرزهم في هذا المجال. يقول أحمد شوقي في نهج البردة:
ريم على القاع بين البان والعلمِأحل سفك دمي في الأشهر الحرملما رنا حدّثتني النفس قائلةياويح قلبك بالسهم المصيب رُمِي
ويقول في الهمزية النبوية:
وُلد الهدى فالكائنات ضياءوفم الزمـان تبسـم وثنـاء
ويقول في المولد النبوي:
سلوا قلبي غداة سلا وتابالعل على الجمال له عتابا





أنا الدمشقيُ لوشرحتمُ جسدي*** لسـالَ منـه عناقيـدٌ وتفـاحُ

إنها دمشق امرأة بسبعة مستحيلات،
وخمسة أسماء وعشرة ألقاب،
مثوى 1000 ولي ومدرسة عشرين نبي،
وفكرة خمسة عشر إله .‏‏‏‏‏
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.05609 seconds with 10 queries