الموضوع: حواء والجنة
عرض مشاركة واحدة
قديم 21/05/2005   #4
شب و شيخ الشباب Joe
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ Joe
Joe is offline
 
نورنا ب:
Apr 2004
المطرح:
في قلوب العذارى
مشاركات:
1,763

افتراضي


موضوع شيّق

و لكن يوجد ملاحظة مهمة ان هذه الأساطير أصلها من بلاد الرافدين و سوريا قبل ان تنتقل لبلاد الإغريق... يعني ليس "أجدادنا اليونانيين" من اخترعها بل نحن (و انا لست من المغالين بالقومية و لا اي شيء من هذه القبيل و لكن هذه فقط ملاحظة تاريخية)

من جهة النص.. فالنص قد يبدو لنا أنه غير اعتيادي او يظلم جنسا على حساب جنس.. بينما الحقيقة ان هذا النص يعكس طبيعة النفس البشرية الذكورية و الأنثوية بطريقة شفافة جدا و بارعة جدا

هناك رموز كبيرة وراء هذا النص... هذه النصوص تعود أصولها كما ذكرت أنت للأساطير القديمة حيث كانت الأنثى هي المسيطرة و هي الآلهة الكبيرة التي أوجدت العالم برغبة منها و بدون مساعدة الذكر.. و لكن الثورة الذكورية أخذت تدخل بعض الشخصيات الجديدة على القصص و تقوم بتحويرها.. و لكن مع ذلك مازلت محتفظة بالأفكار الأسطورية القديمة

مهما حاولت.. فصيعب علي ان أشرح الموضوع بالبساطة و الجودة التي شرحها فراس السواح في كتابه لغز عشتار.. لذلك سأنقل لك حرفيا تفسيره للنص:

=======
و كما كان لكل فردوس حيته التي تعبر عن روح الشجر و الغاب, كذلك كان فردوس يهوه الذي غرسه شرقي عدن. فبعد أن أينعت الجنة التوراتية, و صنعت حواء من ضلع آدم, تسلل رمز الحية لإكمال المشهد.
إن شجرة المعرفة التي زرعها الرب في وسط الجنة, و التي تظهرها الأعمال الفنية الكاملة منذ القرون الوسطى و قد التفت حولها توسوس في أذن المراة, لتبدو نسخة تامة الشبه بشجرة الام الكبرى و غيرها من الاعمال القديمة التي تعالج الموضوع نفسه.
و نحنا هنا امام تبديات للأم الكبرى في مركز الفردوس التوراتي. فحواء هي نموذج إنساني مصغر لعشتار سيدة الحياة, و اسمها نفسه يعني الحية أو سيدة الحياة لأن كل الحيونات المقبلة إلى نهاية الكون مودعة في صلبها. و الشجرة هي أيضا عشتار مركز الفردوس النباتي. و الحية هي روح الطبيعة التي تطلب من المراة أن تبقى لصيقة بها و لا تنصاع لشرائع الذكر الذي يبدأ بالإنفصال عن الطبيعة.
و ليس الأمر الذي أعطاه الرب لآدم بألا يأكل من الشجرة, إلا تعبيرا عن شرائع الذكر نفسه, التي سنها و عمل على الالتزام بها لتنظيم ارتقائه عن القانون الطبيعي, بلجوئه إلى قانون من صنعه. و لكن شرائع الذكر تسقط أمام إصرار المراة على الوفاء للطبيعة, فتصغي لنداء عشتار الذي تهمس به الحية و تأكل من الثمرة المحرمة متحدية شرائع الذكر, ثم ينسى الذكر شرائعه و يتحد بالأنثى تحت شجرة عشتار, إلى أن يصحو على صوت الرب الغاضب, صوت ضمير الرجل الذي وضع نصب عينيه الخروج من مملكة الطبيعة. يأخذ الرجل بيده أنثاه و يطرد نفسه من جنة عدن, براءة الإنسان الأولى , و يدخل عالما من صنعه هو, عالم البناء و التشييد, عالم التصعيد, عالم حضارة لا تحاكي الطبيعة بل تقف ندا لها.
=======
فراس السواح - لغز عشتار - صفحة 141- 142

من خلال هذا التفسير يبدو لنا ان الرجل كان قد قرر مسبقا الخروج عن الطبيعة و وضع القوانين و الشرائع التي تخالف الطبيعة الإنسانية بكثير من النواحي.. و لم تكن المراة سوى أداة ثار عليها الرجل في القصة و ليست هي المذنبة... أي ليس كما يبدو لنا من أول وهلة أن المراة هي من خالف طبيعة الرجل.. بل الرجل هو من يحاول الخروج عن الأعراف القديمة و مكانة المراة القديمة و يخلق قوانينه الجديدة.. فالشجرة و الحية هي إحدى الرموز المعروفة للمراة و لعشتار .. و الديانة اليهودية هي انعكاس لصوت الرجل فهي ديانة ذكورية بالتالي الله (يهوه) هو صوت الذكر.. و لكن ظلت الرموز الأنثوية القديمة موجودة بقوة في هذه القصص القديمة

شكراا

ذكرى مرور عام على وفاة الأديب العالمي سيبيري ماسكوليه 1932 - 2008
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.02539 seconds with 10 queries