السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
نتابع الاعجاز العلمي في القران
والسماء ذات الرجع
من خلال المقالات السابقة رأينا كيف تحدث القرآن عن بداية نشوء الكون، وكيف كان كتلة واحدة ثم انفصلت أجزاؤها وتباعدت، وتحدث القرآن أيضاً عن توسع الكون وأنه دائم الاتساع. ثم نجد في القرآن حديثاً عن نهاية الكون وأنه سيعود من حيث بدأ.
هذه أحاديث عن بداية الكون وتوسعه ونهايته، ولكن ما هي خصائص ومواصفات ومزايا هذا الكون وما يحويه؟ هذا ما سنكتشفه في الفقرات التالية. فالغلاف الجوي الذي يحيط بنا له مزايا وهو يتألف من طبقات لكل طبقة عملها ووظيفتها.
سوف نرى بأن القرآن قد تحدث عن كل شيء في هذا الكون حتى أدق الأشياء العلمية مثل نسبة الأكسجين في الغلاف الجوي وتناقص هذه النسبة مع الارتفاع والصعود إلى الطبقات العليا. حتى الثقوب السوداء التي حيَّرت العلماء لفترة طويلة سوف نرى بأن القرآن تحدث عنها بدقة فائقة.
طالما استفاد الإنسان من الخصائص التي أودعها الله في ثنايا هذا الكون. وربما يكون من أهم خصائص القرن الواحد والعشرين الذي نعيشه اليوم هو ما يسمى بالاتصالات الرقمية والتي تشهد تطوراً عظيماً كل يوم. ولكن السؤال: كيف يتم نقل المعلومات على سطح الكرة الأرضية بحيث تغطي كل أجزائها؟
إنها صفة مميزة للغلاف الجوي، وهي عكس وإرجاع الأمواج الكهرطيسية، وهذا ما يتيح التواصل والبث بين قارات هذا الكوكب بلا استثناء.
يوجد في الغلاف الجوي طبقات متأيِّنة كهربائياً (مكهربة) ميزتها أننا عندما نرسل موجة لاسلكية باتجاهها فإنها تنعكس وترتد تماماً كما يرتد الشعاع الضوئي إذا اصطدم بالمرآة العاكسة، إذن هذه الطبقات تعمل عمل المرايا العاكسة لهذه الأمواج.
وكما نعلم من قوانين انكسار الضوء، أن الموجة القادمة إلى سطح عاكس ترتد بنفس زاوية ورودها ولكن باتجاه آخر وهذه الخاصية جعلت نقل الرسائل من قارة لأخرى ممكناً بواسطة انعكاس الأمواج هذه.
ولكن فوق هذه الطبقات هنالك طبقات مغنطيسية تحيط بالأرض من كل جانب مهمة هذه الطبقات عكس وإرجاع الأشعة الكونية القاتلة والقادمة من الفضاء باتجاه الأرض، فتعكسها وتبددها في الفضاء.
أما أقرب طبقات الغلاف الجوي إلى الأرض فإن لها خصائص مهمة جداً، فهي تعكس حرارة الأرض ولا تتركها تتبدد في الفضاء. وهذا يحافظ على معدل ثابت لدرجات الحرارة على الكرة الأرضية.
إذن الصفة المميزة للسماء هي إرجاع أو عكس الأمواج على اختلاف أنواعها. وهذه الميزة لم تكتشف إلا حديثاً، بل في كل يوم يكشف العلم جديداً يتعلق بهذه الخاصية، وهي خاصية الانعكاس والتي سماها القرآن بالرَّجع.
والعجيب أننا نجد في القرآن العظيم حديثاً عن هذه الصفة وأنها صفة مميزة للسماء يقول تعالى: (والسماء ذات الرجع) [الطارق:11].
وهنا نكرر سؤالنا التقليدي في هذا البحث: من أين جاءت هذه الحقيقة الكونية في كتاب أُنزل قبل أكثر من أربعة عشر قرناً؟ إن الله تعالى الذي خلق السماء هو أعلم بصفاتها وقد أخبرنا عن هذه الصفات لتكون برهاناً لنا على أن كل كلمة في هذا القرآن هي حقٌّ من عند الله عزَّ وجلَّ.
القرآن يتحدث عن الثقوب السوداء
نسمع اليوم بما يسمى (الثقوب السوداء)، والتي بدأت كفرضية ثم أصبحت فيما بعد حقيقة واقعة أثبتتها التجارب حتى إن أحد الباحثين استطاع رؤية ثقب أسود بشكل غير مباشر وذلك في السنوات القليلة الماضية.
النجوم هي كائنات مثلها مثل أي مخلوق آخر، لها بداية ثم تتطور ثم تموت، والثقب الأسود يمثل المرحلة الأخيرة.
فعندما يكبر حجم النجم لدرجة هائلة تزداد الجاذبية فيه لدرجة أنه ينضغط على نفسه بقوة عظيمة، وتزداد جاذبيته كثيراً، حتى إنه لا يسمح للضوء بمغادرته!
فإذا انجذب هذا الضوء لداخل النجم ولم يصل إلينا منه شيء، أصبح هذا النجم مختفياً لا يُرى. لذلك سماه العلماء بالثقب الأسود.
هذا الثقب مثله كمثل أي جزء من أجزاء الكون، إنه يسير ويجري بسرعة كبيرة في هذا الكون. وبسبب حقل الجاذبية العظيم لهذا الثقب فإنه يجذب إليه كل ما يصادفه في طريقه ويبتلع أي شيء يقترب منه حتى الأشعة الضوئية!
لقد صدرت آلاف الأبحاث العلمية حول هذه المخلوقات الثقيلة والسابحة في الفضاء. ولو طلبنا من العلماء اليوم أن يعرِّفوا لنا الثقوب السوداء تعريفاً علمياً مطابقاً لأحدث ما وصلوا إليه، فإن هذا التعريف سينحصر في ثلاث نقاط:
1ـ الثقوب السوداء هي نجوم شديدة الاختفاء لا يمكن رؤيتها أبداً، وهي كثيرة العدد.
2ـ إنها تسير بسرعات كبيرة لتدور حول مركز المجرة مثلها مثل بقية النجوم.
3ـ وهي تجذب وتبتلع كل ما تجده في طريقها.
والآن نأتي لكتاب الله عز وجل لنرى هذه الحقيقة جلية واضحة. يُقسم البارئ سبحانه وتعالى بمخلوقاته العظيمة بأن هذا القرآن حقٌّ، يقول تبارك وتعالى مقسماً: (فلا أُقسم بالخُنّس * الجوارِ الكُنّس) [التكوير:15-16]، وتأمل معي كلمات هذا البيان الإلهي وتدرِّجها ومدى مطابقتها لمعطيات العلم الحديث:
1-(الخُنّس): هي الأشياء التي لا تُرى أبداً. وهذه الكلمة من فعل (خَنَسَ) أي اختفى ولذلك سُمِّي الشيطان بـ (الخنَّاس) أي الذي لا يُرى.
2 -(الجوارِ): أي التي تجري وتسير بسرعة منتظمة، وهذه من كلمة (يجري) بحركة محددة.
3-(الكُنّس): من فعل (كَنَسَ) أي جَذَبَ إليه أي شيء قريب منه وضمَّه إليه بشدة، وهذا ما يحدث فعلاً في الثقب الأسود.
ليس هذا فحسب، بل إن للقرآن تفوقاً واضحاً على العلم، فالعلم يسمي هذه النجوم بالثقوب السوداء، وهذه تسمية غير دقيقة علمياً. فكلمة (ثقب) تعني الفراغ، وعلى العكس تماماً هذه النجوم ذات أوزان ثقيلة جداً.
أما كلمة (أسود) فهي أيضاً غير صحيحة علميّاً، فهذه النجوم لا لون لها لأنها لا تُصدر أي أشعة مرئية. وكما نعلم فإن اللون الأسود يمكن رؤيته.
لذلك فإن كلمة (الخُنَّسْ) هي الكلمة المعبِّرة تعبيراً دقيقاً عن حقيقة هذه المخلوقات. وكلمة (الكُنَّس) التي عبَّر بها القرآن قبل أربعة عشر قرناً عن حقيقة هذه النجوم، نجدها في آخر المقالات العلمية عن هذه الثقوب السوداء، حتى إن أحد العلماء يقول عنها: (إنها تكنُسُ صفحة السماء)! ثم انظر معي إلى كلمة (الخُنَّس) كيف جاءت على صيغة الجمع والتكثير، وهذا ما ثبت فعلاً، ففي نهاية القرن العشرين تبيَّن بأن الثقوب السوداء تملأ الكون!
وسبحان الخالق العظيم! أليس هذا تطابقاً تاماً مع العلم الحديث؟ في ثلاث كلمات نجد حقيقة علمية استغرق اكتشافها سنوات طويلة، وجاء البيان الإلهي قبل أربعة عشر قرناً ليتحدث عنها، أليس هذا إعجازاً واضحاً؟
رؤية ثقب أسود
هذا سؤال حيَّر الباحثين طوال السنوات القليلة الماضية، كيف يمكن رؤية ثقب أسود وهو لا يصدر أي أشعة ضوئية؟
لقد برزت فكرة عند أحد الباحثين في علوم الفلك وهي أن الثقب الأسود له حجم معين، وهو يسير في أرجاء الفضاء الكوني، ولا بُدَّ أنه سيمرُّ أمام نجم ما فيحجب عنا ضوءه. تماماً عندما يمر القمر أمام الشمس فيحجب ضوءها عنا وهذا ما يسمَّى بكسوف الشمس.
ولكن التجربة ليست بهذه البساطة، فالأبعاد الكونية واسعة جداً جداً، وهذه الثقوب السوداء قليلة الحجم مقارنة بحجم الكون، فما هو العمل في هذه الحالة؟
إن المثابرة والاستمرار ويقين هذا الباحث بأن الثقب الأسود لابد أن يمرَّ أمام نجم ما هو الذي أنجح تجربته. فأثناء مراقبته الطويلة لمجموعة من النجوم وإذ بأحد هذه النجوم يختفي ضوؤه فجأة ثم يظهر بعد ذلك. وعندما عرض هذه الصورة على علماء الفلك أجمعوا على أن ضوء هذا النجم قد اختفى بسبب مرور ثقب أسود مما أدّى إلى حجب الأشعة الضوئية الصادرة من ذلك النجم وذلك لفترة من الزمن ثم عودة النجم للظهور من جديد.
هذه التجربة أثبتت وجود هذه الأجسام في الفضاء وأثبتت حركتها، كما أثبتت ومن نظرية الاحتمالات أن عدد هذه الثقوب السوداء يقدر بالملايين بل بآلاف الملايين!
أليست هذه التجربة هي برهان على أن القرآن حق، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى؟وبالنتيجة يمكن القول بأن الله تعالى يُقسم بمخلوقاته العظيمة أن القرآن حق وأن الرسول على حقّ. فقد رأينا كيف أقسم الله تعالى بالخُنَّس وهي الثقوب السوداء (فلا أُقسم بالخنّس *الجوارِ الكنّس) [التكوير:15-16]، ولكن السؤال: ما هو الهدف من هذا القَسَم؟ (إنه لقول رسول كريم)! الهدف من هذا القَسَم هو إثبات أن القرآن كتاب الله، وأنه ذكرٌ للعالمين كافة، وفي هذا النص الكريم دليل على أهمية الإعجاز العلمي في إثبات أن القرآن كتاب الله تعالى، وعلى المؤمن أن يسعى في تدبر هذه البراهين العلمية لينال رضا الله عز وجل.
سبحان الله و بحمده عدد خلقه و رضا نفسه و زنة عرشه و مداد كلماته تعالي الله عما يصفون
بسم الله الرحمن الرحيم
قل هو الله احد الله الصمد لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوا احد
صدق الله العظيم
اشهد الا اله الا الله و ان محمدا رسول الله
|