يعرف الجميع كيف تمكنت السلطة البعثية منذ توليها الحكم في سوريا، وخاصة بعد الحركة التصحيحية، من القضاء على كل حركة سياسية تعارضها أو تخالفها إن كانت من الأحزاب التي نجت بشكل ما من بطش سادة الانقلابات العسكرية التي سبقتها، أو تلك التي حاولت القيام والتشكل لاحقاً. فقد احتوت بعض القوى حين ضمتها في تحالف صوري بقيادتها تحت اسم الجبهة الوطنية التقدمية، وأعطت لهذه الجبهة مهمة فائضة عليها، فاعتبرتها القيادة السياسية العليا في الدولة. إلا أن الطريقة القمعية العنفية هي التي اشتهرت فيها السلطة السورية وصارت إحدى سماتها بل وإحدى مقومات استمرارها بالانفراد بمسك كل مفاصل النظام السياسي. فقد قامت السلطة خلال الفترة بين منتصف السبعينيات ونهاية الثمانينيات بزج كل أعضاء هذه التنظيمات في السجون ما عدا بضعة أفراد تمكنوا من اللجوء إلى بلدان أخرى. وبهذا نجحت السلطة في القضاء على كل التنظيمات والأحزاب التي خالفتها واستراحت بعدها من أي تهديد أو تشويش يأتيها من الشارع السياسي. وبعدها ستبدأ منذ بداية التسعينيات (لم تنته حتى هذه اللحظة) إطلاق سراح السجناء بدفعات متباعدة عبر مراسيم عفو رئاسي تعتمد مبدأ المكرمة وليس العفو أو المصالحة السياسية. أي ليس اعترافاً بهذه الأحزاب أو قبولا بها.
