شكراً أخي المسلم فأرى أن أسلوبك في طرح الموضوع في المرتين كان بطريقة شديدة الاحترام لا أرى أنه يحمل صيغة استفزازية وأظن أنه يجب الإجابة عن هذا السؤال بطريقة علمية وما يؤسفني أنه كان دائماً هناك خروج بعيد عن الموضوع , أما بالنسبة للعهد القديم فالمسيحيون لا يسمون أسفاره أناجيل ( هذا لا يعني أنه خارج عن الإيمان) فالأناجيل هم فقط متى ,مرقس , لوقا , يوحنا . وحتى بقية أسفار العهد الجديد (أعمال رسل , رسائل , رؤيا)لا تسمى إنجيلاً بل أطلق مجازاً على العهد الجديد ككلام شعبي أسم الإنجيل . أما بالنسبة للإيمان بالعهد القديم فهو بالنسبة للمسيحيين يمثل إيمان الطفولة أي مسيرة الإيمان لم تصل للنضوج التام إلا بالمسيح وهذا لا يعني أنه لا يعني لنا شيئاً فهو مسيرة الله مع شعبه مسيرة كشفه عن ذاته المتنامية لتصل عمقها بالمسيح , فالعهد القديم هو القناة الذي يوصلنا إلى العهد الجديد .
سأحاول أن أعطي صورة عامة و تعليلاً لذلك .. وكبداية " لا تزن " (خروج 20 : 14) .
- هكذا أعتقد أن كلمة الله تتغلغل وتنطلق من عمق روحنا من عمق خبرتنا الواعية المصغية , هذا ما أراه في سفر هوشع من الكتاب المقدس , إنه بالنسبة لي من الأسفار الأكثر تميزاً و تأثيراً وحناناً , وسألقي الضوء على المعنى العام للسفر في إطار توضيح ماذا قصد الله في قوله " خذ لك إمرأة زنى وليكن لك منها أولاد زنى " وليس الوقوف عند ذلك بل الانطلاق إلى رؤية عامة أظهر منها جمال وروعة النص خاصة من خلال حب الله العميق الحنون الذي أحس به في هذا السفر.
- مقدمة طويلة مختصرة : نحو قراء سليمة للكتاب المقدس بشكل عام:
- الكتاب المقدس ليس مُنزلا ًإنزالاً أي ليس معطى بشكل حرفي للإنسان كما هو الحال في القرآن الكريم , بل موحى به وحياً (وهذا إختلاف مهم في تحليل نصوص الكتاب المقدس ) الله يتكلم بثقافتنا , ففي الكتاب المقدس الكتّاب هم أنبياء ورسل كتبوا وحي الله بثقافتهم ولغتهم وأدبهم وضمن كل معالم حياتهم ... كتبوا ذلك ابتداءً من حوالي 3000 ق.م وحتى 100 م , وهذه الثقافة المرتبطة بكل معالم الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية و التوضع الجغرافي والحياة الميثولوجية للمنطقة واللغة ... هي القالب الخارجي لكلمة الله , وكذلك تكونت نصوص الكتاب المقدس .
ونحن الآن لنقرأ ذلك ونفهم الحقيقة الجوهرية يجب علينا أولاً أن نرفع القشور لنصل إلى اللب الجوهري , ولنصل لذلك يتطلب ذلك منّا التعرّف العميق على ثقافة (بأوسع معانيها) الشعب اليهودي بكل مراحله وخبراته وهذا ما يجعلنا نقول أننا لا نستطيع أن نقرأ الكتاب المقدس بسذاجة أو بساطة ونفهم ما هو مقصود بل سنصل فقط إلى القشرة الخارجية المختلفة تماماً عن قشورنا الحالية فنحكم عليها حكماً فاسداً , وبالتالي نرمي الثمرة ككل وهي تحمل في داخلها نور الحياة .
- إن الله يكلمنا بلغتنا وثقافتنا لكي نفهم , إنه ينطلق من واقعنا وليس من كلية عظمته , إنه ينهض بالإنسان من واقعه إلى السمو , فالله تعامل مع الإنسان كطفل فيكلمه بلغة الأطفال ومع نموّه تتطور الصورة والمفاهيم حتى النضوج ( كثيراً منّا الآن يكونون قد كبروا بالعمر ولكن بالنسبة للنضوج الروحي والإيماني ما يزالون يؤمنون إيماناً طفلياً )
- يجب علينا لأن نفهم ما يريد أن يقول الكتاب (ليس ما نريد أن نجد فيه ) أولاً التجرد من عقليتنا واتجاهاتنا الحالية والدخول في عالم هذا اليهودي في تلك الحقبة , وأفكر وأحاول أن أفهم ماذا تعني هذه الكلمات ليهودي تلك الأيام (أي أن أعود بالزمن لأضع نفسي مكانه) وما شعوره تجاهها , يجب أن أعيش حياته اليومية وواقع بلاده الخارجي وعمله و الميثولوجية المجاورة له وتأثيرها عليه وماذا تعني له المواضيع كالعبودية والحرية والسبي والعودة , ما هو المرض وما سببه , ما هو الشفاء وما سببه ....الخ كلها مختلفة تماماً عن ما نحس به و ما يعني لنا ونفكر به الآن ..
-الأعقد من هذا أنه ليس للكتاب طابع واحد مميز ولا يخضع لتجانس واحد (له طابع مشترك عام ولكنه يحمل خصوصيات متنوعة) فهو لم يكتب بحقبة واحدة وبشكل كامل ومباشر , فنجد تغيّرات واضحة بأسلوب الكتابة بين أسفار وأخرى وذلك خاضع لمكان وزمان والثقافة المنتشرة آنذاك وللأساليب الأدبية , فهناك عدة تقاليد وأساليب في الكتابة في أسفار الكتاب المقدس .
- الأساليب الأدبية : كما أوضحنا سابقاً أن اليهودي آنذاك له ثقافة مغايرة وطريقة تعبير مختلفة ( كما أن الشاعر الياباني يختلف طابع كتابته ومعانيها عن الكاتب العربي حتى بعد الترجمة لأن لكثير من كلماته معاني مرتبطة بحياته) . وسنورد الآن بعض الأساليب الأدبية المتبعة في الكتاب المقدس التي تحدث عنها دارسوا الكتاب المقدس المتخصصين :
· الرواية : التذكير بالماضي لإعطاء عقلية مشتركة فقصة الأجداد يعني الانتماء إلى العائلة نفسها .
· الملحمة: يروي الماضي لإثارة الحمية والإشادة بالأبطال ولو أدى لزخرفة التفاصيل.
· القوانين: تنظيم الشعب.
· الليترجية والرتب : طقوس عبادة (تظهر صلة الإنسان بالله)
· قصائد – مزامير – تراتيل : مشاعر الشعب وإيمانه.
· أقوال الأنبياء : أقوال تلفظها الله .
· مؤلفات حكمية : المسائل الإنسانية الكبرى : موت, حياة ....
· تعليم كهنة : إرشاد (قصص وروايات).
· المدراش : مفردها (درش ) أي (بحث) وهي تجديد قراءة الكتاب المقدس للبحث كيف يمكن أن يكون للكتاب المقدس معنى في الحاضر وهي ما كان يفعله اليهود .
· الترجوم : هي ترجمة شفهية في اللغة الآرامية للكتاب المقدس (حيث بدأ الناس ينسون اللغة العبرية ..اللغة المقدسة) ولكن هذه الترجمة ليست حرفية فكانوا يتوسعون بمعناها كما كانوا يفهمونها في ذلك الزمان .
· الشعر العبري : من ميزاته : صوره ذات لغة واقعية . فالأشياء تصبح عندها رموزاً توحي بحقيقة غنية ولكن غير منظورة . فبدلاً من توسع الشاعر بالأفكار المجردة فإنه كان يفضل تكديس الصورة المحسوسة المثقلة بالخبرة . فبدلاً من أن يقول ( الله قدير) فإنه يرينا إياه يجري عملاً باهراً .
- أعتقد أنه يجب الإحاطة بالموضوع بشكل أوسع متضمنة ثقافات المناطق التي مرّ بها الشعب اليهودي (مصر-كنعان-ما بين النهرين ...) وأمور أخرى كثيراً لا نستطيع الإحاطة بها الآن بل سأكتفي بصورة عامة لنبدأ بحديثنا ..
- آمن لتفهم : لا لأن يصبح يهودياً من يريد القراءة والفهم , ولكن أقصد أن لا يكون لدي موقف مسبق رافض أو يبحث عن الثغرات فإني لن أستطيع الوصول المعنى المقصود بل أبقى أحلّق في فضاء مغاير للنص , بل عليّ أن أؤمن أن هذا الكتاب حقيقي فيه معنى عميق, وعليّ السؤال ماذا يعني ذلك ليهودي تلك المرحلة ..؟
- مثال : أثناء زيارة زوجين وأثناء يصفح ألبومات صورهم كان لا بد لي من شرح ظروف هذه الصور لأفهم وأحس ما يحسون , وأثناء ذلك أفاجأ بورقة تحوي مسألة رياضيات وليس غير ذلك , تفاجأت بمكانها ولكني لم أعرب عن استغرابي فاعتقدت أنه لا معنى لذلك ,أدرك ذلك ذلك الزوجين وقالوا لي هذه أول رسالة حب بيننا , ازدادت دهشتي وعدم فهمي , ففهمت أنه عندما كانت مريضة في الثانوية جلب لها مسألة الرياضيات التي حلّوها في المدرسة إلى البيت وكانت تلك الشرارة الأولى لحبهم . وبهذا التوضيح تحولت حتى بالنسبة لي هذه الورقة التي تحمل رموز مجردة إلى رسالة حب غاية في العمق , أنا بدون هذا الشرح لن أصل إلى الفهم الحقيقي , وكذلك في حال عدم تصديق قولهم ...
باختصار لا نستطيع قراءة الكتاب المقدس بدون موضحات ....
سفر هوشع وموضوعه :
كان هوشع في مملكة الشمال(مملكة الشمال وتسمى اسرائيل وعاصمتها السمرة و جزء منها بيت أفرايم , الملوك فيها ليسوا أبناء داوود , وقد اختلطوا بالوثنيين وأشركوا بالله عبادات وثنية مثل الإله بعل الكنعاني ( هوشع 2:10 ) والأنبياء في هذه المملكة هم الناطقين باسم الله . بينما مملكة الجنوب أو ما تسمى مملكة أورشليم ملكها داوود وسلالته من بعده حيث يكون الأهمية الكبرى دينياً للملك , بني فيها تابوت العهد ....) .
يؤمن اسرائيل بإله تدخل في تاريخه : إله ابراهيم واسحق ويعقوب "الإله الذي أخرجنا من العبودية " هداه هذا الإله حين كان بدوياً في البرية وأدخله إلى أرض كنعان , أما الآن (هنا في هذه المرحلة التي فيها كتب هذا السفر) فقد أصبح اسرائيل حضرياً , وصارت له حقول ومدن . وما يهمّه هو : كيف الحصول على خصوبة الأراضي والمواشي ؟ إلى من يتوجّه لكي ينزل المطر في أوانه ؟ وقد وجد في أرض كنعان ديانة معدّة لتلبية هذه الحاجات : الآلهة بعل (العاصفة والمطر المؤلهين ) والإلاهات عشتروت (الجنسية والخصوبة المؤلهين) ..
هكذا أخطأ الشعب اليهودي (( إله تدخّل في التاريخ , هذا شيء حسن , ولكن لا بد من العيش ... فالأفضل أن يؤمن الإنسان نفسه لدى الآلهة بعل ..))
لقد ظهر في النصوص الله كزوج واسرائيل كالزوجة وخطيئتها بشكل رئيسي الاشراك بالله بعبادات وثنية أخرى فتظهر الخطيئة بمظهر زنى وبغاء وخطيئة إلى الحب (نلاحظ أحياناً تداخل بين خيانة زوجة هوشع وخيانة اسرائيل باعبادات الوثنية خاصة إصحاح 3) وتظهر صورة الزنى بشكل رئيسي في القسم الأول من السفر من الآية (هوشع 1:1 إلى 5 : 15) سنقوم بجولة عليها :
هوشع 1 : 2-11 : زواج هوشع من امرأة زنى (وهي صورة لزنى اسرائيل بالإشراك ) وإنجاب 3 أولاد لهم أسماء رمزية يشيرون إلى غضب و عقوبات الله:
1. يزرعيل : يشير إلى عقاب الله لبيت ياهو على الدماء التي سفكت في يزرعيل
2. لارحمة : يشير إلى عدم رحمة الله
3. لا شعبي : يشير إلى تنكّر الله لشعبه الذي أخطأ
بعدها يعد الله بوحدة بيت يهوذا واسرائيل ونموهم.
هوشع 2 : 4-15 :
2"حاكموا امكم حاكموا لانها ليست امرأتي وانا لست رجلها " يظهر هنا أن الله هو الأب (هو المتكلم راجع آخر الآية 13) واسرائيل هي الأم وهي الزوجة الزانية و سيظهر ذلك بشكل مباشر وأحياناً بشكل غير مباشر من خلال ارتباطها بصفات الأرض ( أو الأمة ):
لاحظ الآية3 " ... كقفر قاحلة وأصيرها كأرض يابسة ... "
الآية5 "....خبزي ومائي وصوفي وكتاني و زيتي وشرابي" صفات مشتركة
الآية 8 " وهي لم تعرف اني انا اعطيتها القمح والمسطار والزيت وكثّرت لها فضة وذهبا جعلوه لبعل. " يظهر بشكل واضح هنا أن الله يشير إلى الاشراك بعبادته الآلهة الكنعانية
11 : "وابطّل كل افراحها اعيادها .... وجميع مواسمها." لاحظ كلمة مواسم
12 : " واخرّب كرمها وتينها اللذين قالت هما اجرتي التي اعطانيها محبيّ واجعلهما وعرا فيأكلهما حيوان البرية." لا حظ صفات الأرض واضحة (كرم تين وعر) الذي كانوا يظنون أنها من عطايا بعل (محبيّ) الذي هو أحد عشاق الزانية اسرائيل بالاشراك به.
13:" واعاقبها على ايام بعليم التي فيها كانت تبخر لهم وتتزين بخزائمها وحليها وتذهب وراء محبيها وتنساني أنا يقول الرب" لاحظ ورود اسم بعليم(الإله بعل) العشيق وتقديمها طقوس العبادة له.
16 :" ويكون في ذلك اليوم يقول الرب انك تدعينني رجلي ولا تدعينني بعد بعلي."
17:"وانزع اسماء البعليم من فمها فلا تذكر ايضا باسمائها."
نلاحظ هنا أنه الصورة واضحة بنوع ما أن الله الزوج , إسرائيل الزوجة , العشّاق الأوثان والآلهة التي يعبدها الكنعانيون التي تعطي الخير والمطر للأرض عندهم .
الكلام السابق هو كلا الرب ( لاحظ آخر الآية 13)
19:"واخطبك لنفسي الى الابد واخطبك لنفسي بالعدل والحق والاحسان والمراحم." هذه الآية و حتى الآية 23 تتكلم عن صورة زواج رائعة (إلى الأبد عدل حق إحسان مراحم أمانة ) والخيرات المرفقة عند عودة الشعب إلى إلهه الذي هو سبب عطاء الأرض (قمح خمر زيت ...), ورفع العقوابات الثلاث التي وردت سابقاً المرتبطة بأسماء الأولاد الثلاثة في الإصحاح الأول السالف الذكر.
هوشع 3 :1-5 :
1 :"وقال الرب لي اذهب أيضا أحبب امرأة حبيبة صاحب وزانية كمحبة الرب لبني إسرائيل وهم ملتفتون إلى آلهة أخرى ومحبّون لأقراص الزبيب."
يوضح تماماً الترابط بين زواج هوشع وبين علاقة الله مع اسرائيل.
2-5 : يشتريها ويتفرغ لها ولا تروح لعشاقها (زوجة هوشع واسرائيل) .. وتقعد" بلا تمثال" ثم تعود للرب
هوشع 4 :
12:" شعبي يسأل خشبه وعصاه تخبره لان روح الزنى قد أضلهم فزنوا من تحت إلههم."
يطرح هنا موضوع روح الزنى الذي هو روح الإشراك بالله
14:"...ذبحوا الذبائح مع بغايا المعابد...." لاحظ ارتباط الزنى بذبائح المعابد الوثنية
19 :الكلام موجه لبيت أفرايم"... وخجلوا من ذبائحهم " الذبائح الوثنية
هوشع 5:
2 :" وقد توغّلوا في ذبائح الزيغان فأنا تأديب لجميعهم."
3 :".....انك الآن زنيت يا افرايم .قد تنجس اسرائيل."
لاحظ ارتباط الزنى والنجاسة والذبائح الوثنية
4 :"أفعالهم لا تدعهم يرجعون إلى إلههم لأن روح الزنى في باطنهم وهم لا يعرفون الرب."
سبق وتكلمنا عن روح الزنى
وما بعد ذلك في هذا السفر يتكلم عن توعّد الله لبيت يهوذا وبيت أفرايم وإسرائيل , ثم تأمّل في رجوعهم عن خطئهم إلى الله .
- بعد هذا الإصحاح يغيب هذه الصورة الواضحة في الجزء الماضي عن الله الزوج وإسرائيل الزوجة الزانية المُشرِكة .
* وسنورد ما ورد ببقية السفر عن الزنى بشكل متقطع لدراسة أشمل :
هوشع 9 :1 "لا تفرح يا إسرائيل طربا كالشعوب.لأنك قد زنيت عن إلهك.أحببت الأجرة على جميع بيادر الحنطة."
هوشع 9 : 10 "وجدت إسرائيل كعنب في البرية.رأيت آباءكم كباكورة على تينة في أولها.أما هم فجاءوا إلى بعل فغور ونذروا أنفسهم للخزي وصاروا رجسا كما احبوا."
وربما هناك آيات أغفلتها أو كان تأويلها غير واضح لم أوردها ...
* وسنورد ما ورد ببقية السفر عن إشراك عبادة الله بعبادات وثنية بشكل متقطع :
هوشع 7 :14" ولا يصرخون إليّ بقلوبهم حينما يولولون على مضاجعهم. يتجمعون لأجل القمح والخمر ويرتدّون عني."
هوشع 8 :4" هم أقاموا ملوكا وليس مني.أقاموا رؤساء وأنا لم اعرف.صنعوا لأنفسهم من فضتهم وذهبهم أصناما لكي ينقرضوا."
هوشع 13 :1-2 "1. لما تكلم افرايم برعدة ترفّع في إسرائيل. ولما اثم ببعل مات.2 والآن يزدادون خطية ويصنعون لأنفسهم تماثيل مسبوكة من فضتهم أصناما بحذاقتهم كلها عمل الصناع.عنها هم يقولون ذابحو الناس يقبّلون العجول."
هوشع 14 :3 " لا يخلّصنا آشور.لا نركب على الخيل ولا نقول أيضا لعمل أيدينا آلهتنا.انه بك يرحم اليتيم"
هوشع 14 :8 " يقول افرايم ما لي أيضا وللأصنام.أنا قد أجبت فألاحظه.أنا كسروة خضراء.من قبلي يوجد ثمرك."
وربما هناك آيات أغفلتها أو كان تأويلها غير واضح لم أوردها ...
- القضايا الأخرى التي جاء السفر ليعالجها غير الإشراك (روح الزنى) وسنتطرق سريعاً لها :
عدم الأمانة والرحمة ومعرفة , بل لعنة وغدر وقتل وسرقة وفسق (راجع 4: 1-2 و 7 :1 و 7 :13 و10 :2 ) والكذب ( 10 :2 و 10 :4 ) الغش عند الكنعانيين (12 :1)
بيت يهوذا يزيحون تخوم بني أفرايم (5 :10) وطاعتهم تزول بسرعة (6 :4)
الاستنجاد بآشور (5 :13) وقيصر (7 :3) الأجنبي (8 :7)
بنو إسرائيل ينصبون ملوك دون استشارته (8 :4)
يأكلون من الذبائح التي يقدمونها للرب (8 :13)
عدم مخافة الرب (10 :3)
- الحب و الرحمة الحنان : أروع ما في النص حنان الله ورحمته التي تظهر في هذا السفر بشكل رائع , فعندما تخون الزوجة ما أصعب أن يستمر الرجل على حبه المتقد , هنا الله مع كل الخطايا يرينا حالة الحب الرحيم الذي يظهر بزواج رائع (راجع ما ورد 2 :19-23 )
كما نرى كيف أن قلب الله لا يقدر أن يترك إسرائيل كأدمة (11 :

" كيف أجعلك يا افرايم.أصيّرك يا إسرائيل.كيف أجعلك كأدمة.أصنعك كصبوييم.قد انقلب عليّ قلبي.اضطرمت مراحمي جميعا" ويصير الرب بيتهم وملجأهم (11 :11) الله يشفيهم ويزول غضبه (14 :4) "أنا اشفي ارتدادهم.احبهم فضلا لان غضبي قد ارتد عنه." ويصبح لهم كالندى (14 :5) وتتغيّر حالهم بوجود الرب (14 :6-

- خاتمة السفر: 14 :9 " من هو حكيم حتى يفهم هذه الأمور وفهيم حتى يعرفها.فان طرق الرب مستقيمة والأبرار يسلكون فيها.وأما المنافقون فيعثرون فيها"
- في إطار كل ذلك أقول ..(حل القضية)
إن كلام الله لهوشع -عن اتجاه اسرائيل إلى عبادة وثنية وحب الله لشعبه حتى يعود- أضاء في حياته تجربته الشخصية التي كانت معاناة مؤلمة في خيانة زوجته له فأصبحت لتجربته الشخصية بعداً أعمق من الخيانة فقط بل أصبحت تحمل معانٍ , حيث هو يؤمن بإله يتدخل في التاريخ وكأنما الله هو من جعله يتزوج بزانية لكي يحس ويدرك هو ومن بعده شعبه عظمة الخطيئة والاشراك بعبادة الله .
أي هوشع يتزوج (زانية كانت أم أصبحت) ويختبر الخيانة الزوجية وفظاعة الزنى , ثم يأتي كلام الله لهوشع ليعطي نوراً لحياة اسرائيل (لتبعد عن الأوثان) وهذا النور يلقيه المؤمن (هوشع) على حدث حياته فأصبح لتجربته السابقة بُعداً أعمق ,وخرجت كلمة الله بلسان هوشع بصورة رائعة , فكأن الله يرينا فظاعة الخطيئة (هنا بشكل رئيسي عبادة الأوثان) كشعور الإنسان بخيانة زوجته (كم هو شعور مؤلم) وكذلك نجد عمق حب الله بل ونوعية حب مميزة ومؤثرة بشكل حقيقي (رحومة , مستمرة , لا تترك ......)
إذاً الله لم يطلب من هوشع الزواج بزانية , بل الزنى هنا يحمل معنىً خاصاً (تطرقنا له موسعاً), وكلمة الله التي ألقيت لهوشع نورت حياة هوشع وخرجت بقالبها هذا إلى الشعب قريبة للفهم ونفوذة للقلوب , فهوشع الذي يؤمن بإله يتدخل في حياته وجد أن الله من قاده إلى هذا الحب الزوجي المؤلم ليشعر هو وشعبه فظاعة الخطيئة .
ليس جديداً على الشعب اليهودي إعادة قراءة تاريخه أو أحداث حياته واختبار حضور الله فيها ..وهذا من طبيعة كتابة وتاريخ وأدب الشعب اليهودي (لو لم يتزوج الزوجان الواردان بالمثال أو لو لم تنشأ بينهما علاقة حب لكانت مسألة الرياضيات بقيت رموز جبرية أما وقد تزوجا فأصبحوا يعيدون قراءة حياتهم فأصبحت رسالة حب ولا ضير إن قال الزوج أن الله أمرض زوجته ليتاح المجال لقيام هذه العلاقة) فالله موجود في كل حياتنا...
" لقد اكتشف عمق حنان الله من خلال حدث شخصي , كان هوشع يحب امرأته , وكانت هي تسير سيرة سيئة , وقد توصل , بفضل حبه لها ,أن يعيد إليها قلب شبابها , هكذا يحبنا الله لا لأننا صالحون بل لنصير صالحين ." من كتاب( دليل إلى قراء الكتاب المقدس)
"إن معاناة هوشع ، وما لقيه من خيبة أمل فى حبه لزوجته ، لاشك في أنه كان لهما أثر قوى في ما تتسم به رسالته من رقة وحنان ، فقد أصبح اختباره الشخصي قناة لتوصيل الرسالة الإلهية بقوة" من دائرة المعارف الكتابية
عذراً فقد أغرقت كثيراً في المقدمة عن قراءة الكتاب المقدس التي أرى ضرورة توضيح صعوبة الفهم الحقيقي لمعاني الكتاب في حين أظن أني لم أدرس سفر هوشع دراسة شمولية وذلك للسرعة والتوجه نحو المراد المقصود , وكذلك أعتذر عن عدم المنهجية وترتيب الأفكار بشكل أكاديمي وذلك للسرعة , عسى أنني أوصلت الفكرة بشكل جيد ...
ملاحظة : من الواضح أن اسرائيل التي تمت الكتابة عنها غير اسرائيل الحالية لن أشرح أكثر فذلك واضح .