هل يعرف عوامنا المضلّلون أن اليهود القدامى - واليهود الأرثوذكس حاليّاً - كانوا يرفضون أن يصلّوا بغير اللغة العبريّة: كي تصل الصلاة إلى يهوه، لابدّ من تأديتها بالعبريّة، فالملائكة التي تنقل إلى يهوه كلماتهم التي يعتبرونها مقدّسة، لا تفهم غير تلك اللغة، وبالتالي لا يمكنها أن تنقل أي نصّ بغيرها!وبالتالي كان على اليهودي العربي أو الروسي، على سبيل المثال، أن يؤدّي طقوسه بلغة لا يعرف منها غير كلمات الطقس، بل غالباً ما لا يفهم حتى مدلولات عباراته.
ولأن الإسلام ورث عن أخته الكبرى اليهوديّة معظم مفاهيمه الشاذّة وخرافاته التي لا ريب في عقمها، فقد نشر بين أتباعه نسخة عربيّة عن تلك الأسطورة العبريّة المتهالكة، لكن بعد إضافة لمسات يتطلّبها الوضع الإسلامي الخاص. فلم يعد الله قادراً على التواصل مع بعض الأفراد الذين قدّموا للناس أوراق اعتماد كرسل فحسب، بل انتحل هو أيضاً
- كيهوه تماماً - صفة الإله العنصري الذي ليس على استعداد لأن يسمع صلاة بغير اللغة العربيّة.- لماذا اللغة العربيّة؟ لا أحد يمتلك جواباً عقلانيّاً مقنعاً: موضوع غير منصوص العلّة، وفق التعبير الإسلامي. وصار على المسلم الماليزي أو الزنجباري بالتالي أن يصلّي بلغة لا يعرف عنها سوى قراءة أحرفها دون فهم غالباً -كما يقرأ طفل عربي اللغة الفارسيّة!!!
الله لا يتكلّم إلاّ بالعربيّة؟؟؟
العربيّة بالتالي مقدّسة!!!
32
إذا كان الله لا يجيد الحديث إلاّ بتلك اللغة المقدّسة - العربيّة عند العرب، والعبريّة عند أولاد عمومتهم - الوحيدة، وإذا كانت تلك اللغة وحدها المسموح باستخدامها في لغة الحوار مع الإله: فلماذا خلق اللغات الأخرى؟
كان اليهود يعتقدون قديماً أن يهوه يلعب مع لوياتان كي يتسلّى: جميل!!! ربما كان جلّ جلاله يتسلّى؟
33
لا أحد يجرؤ على مدّ يده إلى تلك اللغة المقدّسة لأنه بالتالي يلعب بلغة الله! تطوير اللغة هو المس بالذات الإلهيّة. لكننا نتساءل ببراءة السذّج: أليست اللغة في نهاية الأمر نتاج فكر ابن زمانه ومكانه؟ أليست اللغة في نهاية الأمر عنصر تفكير مغرق في قدمه يتمطّى على عتبات البدائيّة؟ كيف يمكن لّلغة أن تتوقف عن التطوّر إذا كانت أصلاً وليدة فعل التفكير الذي لا يتوقف هو ذاته عن التطوّر؟ هل يمكن لمفهوم أو آخر أن يعيق عمل العقل مهما بدا هذا المفهوم مقدّساً؟
وكالسذّج البلهاء نتساءل أيضاً: هل باستطاعة اللغة العربيّة، بوضعها الحالي، أن تساير العلوم الحديثة بتعقيداتها المتراكمة وتفاعلاتها المتلاحقة؟ باختصار: لا!! اللغة العربيّة التي تفتقد أحرف أساسيّة لا غنى عنها في بعض العلوم ، كالدوائيات مثلاً، والتي التنوين فيها بدائي بعكس السريانيّة مثلاً، لا يمكن أن توفي بالمتطلبات الأبسط لأدنى مراحل البحث. وحين طرح بعضهم كتابة العربيّة بالحرف اللاتيني، انفتحت عليه كلّ بوابات الجحيم كعميل من الطراز الأوّل: مع أن زواج العربيّة من الحرف اللاتيني قد يشكّل نقلة لا بأس بها للطرفين على حدّ سواء. ولا مانع عندنا أن يفتحوا علينا الأبواب التي فتحوها من قبل على المعلّم سعيد عقل: اسمه كاف للردّ على سواه!!!
______________
من مؤلفات ....