هل افهم من حديثك ان لومارتان ومنتغمري اعتنقوا الاسلام؟ بحسب علمي انهم بقوا على دينهم وجل ما في الامر انهم اعجبوا بشخصية الرسول. وهذا امر مفهوم فمما لا شك فيه انه من الشخصيات التي تركت بصماتها على التاريخ وقد كان الرسول قائدا محنكا ورجل دولة عظيم. بل انني اذهب الى ابعد مما قاله هذان الشخصان واقول انني احترم الاسلام واوافق معه في بعض الامور لكن هذا لا يعني انني اومن به فانا لا اوافق على امور اخرى في الاسلام ولهذا لا افهم كيف تربط بين احترام الاسلام ورسوله واعتناق الاسلام الذي يحدث فقط ان امن الشخص بكل قلبه بالاسلام.
ملحوظة: ان اسم هذا القسم هو حوار الاديان لذا (برايي المتواضع) المواضيع فيه يحب ان تكون ذات علاقة بحوار الاديان - قد اكون مخطئا، والله اعلم، ويكون هدف قسم حوار الاديان امر لا علاقة له بحوار الاديان لكنني مصر على موقفي -. يحز على قلبي ان ارى كل هذا الجدل العقيم بين المسلمون والمسيحيون في امور لا طائل منها. لا اظن ان هدف هذا القسم هو اقناع احد الاطراف اعتناق دين الاخر بل هو محاولة للحوار وتقريب وجهات النظر بين الديانات المختلفة وقد يتشاءم البعض ويكتفون بالجزم ان هدف هذا القسم هو تعريف كل طرف على دين الاخر بحيث تقل الافكار المسبقة والخاطئة عن الطرف الاخر.
شخصيا لا اومن ان ابراز محاجات اكل الدهر عليها وشرب قبل الف عام سيقنع احدا بتغيير دينه وخصوصا تلك المواضيع التي يكتبها ربع النسخ واللصق الذين لا يكلفون انفسهم عتاء قراءة ما ينسخون ويكتفون في القاء شعارات معلوكة في اجاباتهم. واود ان استمحيك عذرا يا اخ مسلم فانا استطرد هنا ولا اقصدك شخصيا.
ان قوام الدين (اي دين) هو الايمان وان كان الايمان وحده لا يكفي لكنه شرط ضروري لاكتمال دين اي انسان. والايمان ليس بحاجة الى البراهين فمعنى الايمان هو ان يؤمن الانسان بشيئ ويصدفه بكل قلبه دونما اي تشكيك ودون ان يحتاج الى اي برهان. الايمان يجب ان يكون مطلقا والا لم يكن ايمانا.
لذا فان كل الروايات عن المعجزات وكل النبوؤات التي تحققت (كما يزعم البعض) لا تكفي لجعل الانسان يؤمن بدين معين لكنها قد تؤجج ايمان المؤمن كما انها لن تحمل اي انسان على تغيير دينه وينطبق هذا المبدأ على اعجاز القران كما ينطبق على المعجزات التي فام بها المسيح وتلاميذه من بعده. واود ان اذكر ان لكل الديانات حتى الوثنية منها روايات تؤكد على عظمة الدين وصحته وتذكر لنا كتب التاريخ ايات عظيمة قام بها كهنة هذا الدين او ذاك فهل نعتنق هذه الديانات؟ طبعا لا. كما ان كل محاولة لاظهار التناقض بدين معين لم تقنع اصحاب الدين اذ ان الدين قوامه الايمان ولا يمكن مقارعة المؤمن بالحجة اذ انه مؤمن؛ فلا كسوف الشمس اقنع عبدتها بخطأ دينهم ولم يرتد من عبد التمر من اجدادنا عن دينه حتى بعد ان قاموا باكل الالهة التي صنعوها من التمر عندما اجتاحت المجاعة ديارهم.
لذا ارى ان نبتعد عن هذه المحاولات للتبشير ب"الدين الحق" (مهما كان) اذ انها لن تغير شيئا بل قد تعتبر استفزازا في بعض الاحيان (رغم ان كاتبيها ربما لم يقصدوا ذلك) ومن المفضل ان نتحاور حوارا راقيا (بعيدا عن ازقة الابتذال الوعرة) وان اقتنع احد بوجهة نظر الاخر فمن حقه تغيير دينه اما ما يحدث الان من دعاوى قوامها شعارات رنانة جوفاء فانها لا ولن تؤثر في احد.
لا شئ يربطني بهذه الارض سوى الحذاء
لا شئ يربطني بهذه المروج سوى النسيم
الذي تنشقته "صدفة"
فيما مضى
ولكن من يلمس زهرة فيها يلمس قلبي
<><><محمد الماغوط><><>
"لقد اصبحت مـنــفــيــا، ولم اغادر بلـــــــــدي"
|