الأخوة الكرام..
لفت نظري هذا البوست
http://www.akhawia.net/viewtopic.syria?t=6275
وأردت أن أكتب مداخلتي فيه ولكني رأيت أن هذه المداخلة تحتاج لإفراد بسوت منفصل وذلك لأني أظن أنها من الأهمية بحيث تستوجب ذلك..
إن هناك خلطا يقع فيه المسلمين والمسيحيين دوما وهو بخصوص الكتب المقدسة (التوراة والزبور والانجيل والقرآن)
وإن كان هذا الخلط يعذر فيه (وبقدر قليل ) الإخوة المسيحيين ، الا أن المسلمين لا عذر لهم في هذا الخلط..
إن أي مطلع على الكتب الأربعة يرى تماما أن هناك خلاف ظاهر (من حيث المبنى) بين الكتب الثلاثة الأولى وبين القرآن..
فالمسلم يعلم تماما أن القرآن (كلام الله)... وكلام الله هذه (مصطلح) أكثر من (معنى الكلمة الحرفي).. فما معنى أن القرآن كلام الله؟؟
القرآن كلام الله بمعنى أن القرآن موحى به (نصا ومعنى) من قبل الله سبحانه وتعالى ، هذا بخلاف الحديث الشريف والحديث (الرباني = الحديث القدسي) فالأحاديث أيضا كلام الله ولكنها (معنى) فقط ، أما المبنى (النص) فهو من عند النبي صلى الله عليه وسلم.. وهذه الخاصية القرآنية لا يزعم أي (كتابي) أنها خاصية الكتب المقدسة أيضا ، لأن الكتب المقدسة هي ما اوحى به الله (معنى لا مبنى) الى رسله (موسى ويوشع وداوود وأيوب وعيسى الخ) عليهم السلام..
عليه فإن خلط المسلمين الذي يقعوا فيه دائما هو مقارنتهم (للكتب المقدسة) مع (القرآن) وإن صح منهجهم فهو يوجب عليهم مقارنة الكتب السماوية الأخرى بالأحاديث النبوية لا القرآن ...
هذا أولا .. وثانيا فإن المسلمين يقولون بتحريف التوراة والانجيل والزبور (نصا) وبالمقابل فإن القرآن معصوم عن التحريف نصا.. وهذا القول خاطئ فكل الكتب المقدسة بخلاف خصائصها محفوظة من الله وما الآية التي تقول:
(إنا نحن أنزلنا الذكر وإنا له لحافظون) صدق الله العظيم
ما هذه الاية في خصوص القرآن فقط .. وليست كلمة (الذكر) هنا مخصوصة للقرآن .. والدليل قوله تعالى:
( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ)
والزبور هنا هو الزبور المعروف ، والذكر هنا يقصد به التوراة .. هكذا جاء في إبن كثير والطبري وقال به إبن عباس والضحاك والشعبي وعامر... وإن كان هناك خلاف في معنى الآية الا أننا اعتمدنا قول ابن عباس .. والغريب أن الطبري قد إعتمد قول (سعيد بن جبير) بدلا عن قول ابن عباس وهذا لا يصح (نقلا) لأن ابن عباس صحابي ومعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد دعا له (بأن يعلمه الله التأويل) فهو أفضل (من إبن جبير) في هذا المضمار..
وعلى العلوم فإن الخلاف نفسه يتيح لنا فرصة أن نختار حسب ما يوافق (الصحيح ) ويباعد (الخطأ).
أما ما جاء في القرآن من (تحريف) للكتب فليس هناك دليل على التحريف (النصي) وهاكم ما جاء في تفسير ابن كثير:
( أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)
يَقُول تَعَالَى " أَفَتَطْمَعُونَ " أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ" أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ " أَيْ يَنْقَاد لَكُمْ بِالطَّاعَةِ هَؤُلَاءِ الْفِرْقَة الضَّالَّة مِنْ الْيَهُود الَّذِينَ شَاهَدَ آبَاؤُهُمْ مِنْ الْآيَات الْبَيِّنَات مَا شَاهَدُوهُ ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبهمْ مِنْ بَعْد ذَلِكَ " وَقَدْ كَانَ فَرِيق مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَام اللَّه ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ " أَيْ يَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى غَيْر تَأْوِيله" مِنْ بَعْد مَا عَقَلُوهُ " أَيْ فَهِمُوهُ عَلَى الْجَلِيَّة وَمَعَ هَذَا يُخَالِفُونَهُ عَلَى بَصِيرَة "
أ هـ
ومن الواضح هنا أن (تخريف) أتت بمعنى (يَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى غَيْر تَأْوِيله).. وهذا قطعا يحدث في أي نص (حتى القرآن) فكل طائفة تأول النص على هواها وعلى ما يوافق منهجها .. حتى أن المعتزلة قد قاموا بالتحريف (النصي) في قوله :
(قل أعوذ برب الفلق * من شرِ ما خلق)
الى
(قل أعوذ برب الفلق * من شرٍ ما خلق)
فبإضافة (كسرة إضافية) الى كلمة (شر) صارت (ما) التي تأتي بعدها (ما) النافية.. ولقد قال الشوكاني (هذا خلاف الجمهور)...
عليه فإنه لا تحريف (نصي) في الكتب المقدسة جميعا.. مع الحفاظ على خاصية كل كتاب على حدى....
هذا ما وجب قوله في هذا المقام
والله الموفق
ولكم محبتي