عرض مشاركة واحدة
قديم 20/10/2006   #2
post[field7] dot
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ dot
dot is offline
 
نورنا ب:
May 2006
مشاركات:
3,276

افتراضي


من ناحية ثالثة، وربما لأسباب مفهومة، يبدو أن أكثر من نظام حكم في العالم العربي عاد يشجع فرقاً معينة في التيار اليساري على العودة إلى ساحة العمل السياسي. ولا تخفى حقيقة أن بعض فرق التيار اليساري المعارض، وهي جماعات تعارض مجمل سياسات أنظمة الحكم القائمة معارضة شديدة، صار يجد مصلحة مشتركة مع بعض هذه الأنظمة في العمل على وقف تمدد التيار الإسلامي وربما أراد الاستفادة من فرصة انحشار الأنظمة في أزمة مع تيار الإسلام السياسي وبخاصة المتطرف. المثير في هذه التطورات الجديدة، أن فرقاً متعددة ماركسية وشعبوية في التيار اليساري وفرقاً متعددة في التيار الإسلامي وفرقاً في تيارات ليبرالية جديدة، كلها تستخدم الآن في منشوراتها وكتاباتها بمعدل متزايد مفردات الخطاب السياسي الناصري، أو على الأقل تختار منه ما تراه مناسباً لكشف عيوب الدولة العربية القائمة ناقصة السيادة وخطر الفجوات المتزايدة الاتساع بين الأغنياء والفقراء، وفوضى القيم وتراجع الأداء وانحسار الدور الخارجي وتدهور العمل العربي المشترك.
في أكثر من مجال ومكان، يبدو أن مصالح كثيرة التقت على هدف استخدام بعض جوانب الخطاب السياسي الذي كان بالفعل علامة فارقة في مرحلة الانتقال من مرحلة الاستعمار إلى مرحلة الاستقلال، ومن نظام اقتصادي اجتماعي إلى نظام آخر، ومن مرحلة إبداع سياسي في عقد الأربعينات بتجربة الانطلاق نحو تكامل الإقليم وتكتله إلى مرحلة انطلاق نحو مشاركة أوسع في ميادين التكتل والتجمع في مجموعة حياد إيجابي وعدم انحياز وسوق مشتركة وأمن إقليمي جماعي، وكان أيضاً علامة فارقة في رحلة البحث عن موقع مستقر بين هويات في مجتمعات تنتقل بسرعة نحو الحداثة.
أظن أن الرمز في هذه القضية أهم من الواقع والمضمون، فما كان علامة فارقة في الخمسينات، لا يمكن أن يعود علامة فارقة بعد نصف قرن، إلا إذا تشابهت كافة الظروف أو أغلبها في العهدين إلى حد التطابق.. وهو ما لم يحدث ولن يحدث. ومع ذلك يصعب إنكار أن هزات الانتقال في السنوات الأخيرة كانت شديدة القسوة، هكذا كانت هزة العودة إلى الخضوع الضمني أحياناً والمعلن في أحيان أخرى للنفوذ الأجنبي، وكانت هزة فقدان الدور الإقليمي والدولي لقوى بعينها لحساب قوى أخرى صاعدة في الإقليم بجهودها الذاتية أو محمولة على الأكتاف. هكذا أيضاً كانت شديدة القسوة هزة فوضى الهويات بسبب الانغماس في سلبيات العولمة أو الاستسلام لها، وكانت الهزة العظمى حين طال وقوف الشعوب متفرجة على انهيارات في التعليم والصحة والأخلاق والقيم، بعدما قررت الدولة التخلي عن دورها، وبالتعبير العسكري “أبلغت فرار”.
إن العودة إلى استخدام مفردات خطاب سياسي ومضمونه الذي ساد في مرحلة سابقة يعني أمراً من ثلاثة أمور، أحدها أن بعض ما تضمنه الخطاب السياسي المستعاد مازال صالحاً، وثانيها أننا نمر في مرحلة انتقالية تشبه وإن لم تكن تتطابق مع مرحلة ساد فيها هذا الخطاب، وثالثها أننا عاجزون عن إنتاج خطاب سياسي جديد يناسب الحال الراهن.
أم أن العودة تعني أن شعوب المنطقة تتهيأ لمواجهة أو مواجهات صعبة؟


المصدر : الخليج

13-05-2007

مدونتــي :

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 


  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03159 seconds with 10 queries