الموضوع: أسبوع وكاتب ...
عرض مشاركة واحدة
قديم 19/10/2006   #182
صبيّة و ست الصبايا butterfly
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ butterfly
butterfly is offline
 
نورنا ب:
Jan 2006
المطرح:
قلب الله
مشاركات:
14,333

افتراضي


وقد قام بالحوار معها الصحفي المعروف (جهاد فاضل) الذي أجرى العديد من الحوارات مع رموز الفكر العربي.


بداية, سألت غادة السمان: ألهمتك بيروت كثيرا, كما ألهمتكِ الشام, فهل هناك مدن أخرى كان لها نصيب في عملية الإلهام هذه ? هل يُلهم المكان, كما يلهم الإنسان ؟
?
- إذا كان ثمة من يولد وفي فمه ملعقة من ذهب, فقد ولدت وفي فمي بطاقة سفر.
كثيرة هي المدن التي ألهمتني إلى جانب دمشق وبيروت, وحاولت التقاط تلك الشخصية المكهربة المتدفقة في سيالات روحية صوبي. ثمة مدن غربية أو عربية التقيتها وأنا مستعدة نفسيا لكتابة عمل قصصي أو روائي فتحلّ روح الشحنة في أي عمل إبداعي. وثمة مدن التقيتها في فترة مغايرة, فأحاول اعتقال لحظاتي الهاربة معها في مقالة أو خاطرة. وثمة مدن رائعة أزورها و(هوائياتي) هامدة, فلا تلتقط (أنتيناتي) شيئاً لنقص عندي. ولكنني غالبا أتفاعل مع المدن كما مع الأرواح التائهة وأنسكب في دورتها الدموية ونتواصل, وألتقط إشاراتها السرية الثرية, وهكذا فأنت تجد القاهرة في سطوري كما الكويت وتونس وسواها من المدن العربية (في كتاب (الجسد حقيبة سفر)).
تجد أيضا مدينة فيينا في سطوري في قصتي (الدانوب الرمادي). يومها أهداني المرحوم سليم اللوزي آلة تصوير (كاميرا) وطلب مني كتابة تحقيقات عن رحلتي الأولى, وبالأحرى إجازتي في فيينا. لكنني كنت أمرّ بفترة خصبة قصصياً, وتمرد القلم. وكتبت قصة صوّرت فيها الأشياء بعين الروح بدل الكاميرا. ولم يغضب سليم اللوزي ونشر القصة بحفاوة ورفض أن أعيد إليه الكاميرا. يومها لعبت فيينا دور صاعق التفجير وتوالت قصص كتابي (رحيل المرافئ القديمة).
في كتبي في أدب الرحلات, وهي حتى الآن: (الجسد حقيبة سفر), ( شهوة الأجنحة), (القلب نورس وحيد), تجد محصلة جنون القلب أمام إلهام المكان الأشد ضراوة من إلهام الحب في مشارق الأرض ومغاربها بين القطب وخط الاستواء, وبين سنغافورة وسان فرانسيسكو عرضاً.
وتسللت المدن التي ألهمتني إلى أعمالي القصصية. وهكذا تجد في مجموعتي (القمر المربع) باريس ونيويورك ولندن (التي أقمت فيها فترة طويلة أيام الدراسة). وتجد في روايتي (ليلة المليار) مدينة جنيف التي أقمت فيها عامين أيضا خلال الحرب اللبنانية الثالثة (أم الرابعة?) وألهمني مناخها ومناخ (عرب سويسرا) تلك الرواية, كما كتابي (غربة تحت الصفر).
ولعل الأماكن تلهمنا كما البشر أو أكثر قليلا. في مدينة سالزبورج مثلاً, في (التيرول) كنت أسمع طوال الوقت (المزمار المسحور) لموزار, طفل المدينة, وأطارده.. في مدينة بون, في الأزقة حول البيت الذي ولد فيه بيتهوفن, كنت أسمع ألحانه وهي تنبعث من الشوارع المجللة بالمطر والضباب.
في نويشغنشتاين - بافاريا, كان الملك لودفيل الثاني عاشق إبداع فاجنر, يلاحقني بموسيقاه كشبح حي وأكثر حياة من أهل القرية كلهم, وأكثر رسوخا من قصره المنيف الطفولي الخرافي على قمة جبل له (بحيرة بجع) استثنائية الجمال. وهو القصر الذي قلّده والت ديزني في (ديزني لاند) كقصر لأحلام الطفولة, وسرقته هوليوود من بافاريا.
زرت بيت فاجنر الكبير في لوسرن مثلا, لكنني لا أدري لماذا شعرت بكثافة حضوره الروحي في نويشنغشتاين التي لم نكررها أصلاً أكثر من حضور روحه في أماكن عاش فيها.. كأن روحنا تحضر في المكان الذي يضمنا أهله إلى قبولهم. وبهذا المعنى أتمنى أن يظل شبحي حاضرا في دمشق ومدننا العربية, كما استمر فاجنر في نويشغنشتاين, كأننا نستمر بصورة غرائبية بعد موتنا داخل الأماكن التي سكنّا فيها أو أحببناها أو حلمنا بها أو احتوتنا فيها قلوب الذين أحبّونا, وهي استمرار حقيقي, وأكثر حقيقة من عنواننا الرسمي!
بل كأنه لا يوجد بيت غير مسكون ومدينة لا تحتلها الأشباح ليلاً, وهي تجلس فوق قمم الأبنية وتناديك لتسمع حكاياتها. والمهم استعدادنا لاستقبال كهارب الأمكنة.
عالمي كما ترى يغلي بالحضور اللامرئي للمبدعين والأشباح ولتاريخ من عراقة البسطاء. ولا أميز كثيرا بين الأحياء والأموات في المدن التي أزورها. فالمهم في أبجديتي تلك اللمسة المكهربة التي توقظني من سبات بعض الأموات والأحياء.
نعم. الأماكن تلهمنا لأنها بالتأكيد مزدحمة دائما حتى حين تبدو لأعين البعض خاوية. وقد نلتقي بأنفسنا (في مدينة لم نزرها من قبل) كما كنا حين كنا أطفالاً, أو كما سنصير حين نشيخ, وقد نلمح أمواتنا في شوارع بعض المدن.
مدن أحن إليها
أقمت كثيرا في مدن, وطفت كثيرا بمدن أخرى. ما المدن التي تحنّين إلى الإقامة فيها, أوالسفر إليها من جديد?


- أظن أن الحنين نمط من أنماط مقاومة الزمن الهارب حيث يعيد المرء بناء الماضي داخله, كما لو أنه يحجره على لحظة أو مرحلة معينة.
وربما لذلك أشعر بالحنين الجارف نحو مدينة أحببتها حتى الثمالة, وتشاجرت معها كما تفعل أي عاشقة صغيرة وهجرتها, وهي دمشق. دمشق التي لم أزرها منذ ألف عام, مازالت في أعماقي على حالها يوم غادرتها. مازال أصدقاء الأمس شبانا كما كانوا.
ومازالت أشجارها وأزهار غوطتها على حالها كيوم الفراق. وحتى الذين ماتوا, مازالوا أحياء وشبانا في خاطري. وربما لا أجرؤ على الذهاب خوفاً من أن أمشي في شوارعها ولا يعرفني اليوم أحد ولا ألتقي بالذين كنت ألتقيهم بالأمس (أي حين كنت طالبة صغيرة). ولحظتها سأعي أنني قدمتّ من زمان!
أحن بقلبي إلى دمشق, وأحنّ بعقلي إلى بيروت, حيث زرعت بيتي على أرض عربية. وأحنّ بمزاجي إلى مدن الحرية كنيويورك ولندن وروما وجنيف وسان فرانسيسكو وبيرن وسنغافورة وباريس حين أغيب عنها وسواها كثيراً.
وباختصار, أحنّ كثيرا إلى المدن التي حين تغيب عن العين, (يتلفت القلب).
المدينة والكابوس
لم يكتب أحد عن بيروت كما كتبتِ.. فهل يُعقل أن يكون الحنين إليها مجرد حنين بالعقل والمنطق وحسب?



- لا تزال بيروت كابوسي المفضل, كابوسي اللذيذ. ولا تزال عاقلة ومجنونة وبشعة وجميلة وقاتلة ومقتولة.. ككل الفاتكين المعشوقين!
إنني خريجة عشرة أعوام حرب, لكنني لم أختر الهجرة كموقف عقلاني, بل رحلت لأسباب شخصية عائلية. وإذا طالعت كتبي بإمعان, ستلحظ أنني من الأوائل الذين تعارفوا مع بيروت ما قبل الحرب من الداخل, بيروت القاع لا القناع, ووعيت من يومها - حتى في الزمان الذي كان يُدعى بأيام العز - العاصفة الدموية الآتية. ومن وجهة نظري. الحرب قامت بإحراق (الديكورات) والأقنعة, وبتعرية الواقع المستور الذي تفاقم وازداد بشاعة, كما هي الحال مع الحروب كلها. لكن بيروت لم تكن آية في الجمال قبل الحرب, وآية في البشاعة بعدها. وليس ثمة أبيض وأسود في الأمر, بل تدرجات رمادية.
الحقيقة أن بيروت ما بعد الحرب قد خسرت موقعها كمعيار نزيه للنقد الأدبي, الفني, وكغربال العرب. وفقدت منابرها الرصينة قيمتها حين اعتلاها مَن هبّ ومَن دبّ. وقبلها في الستينيات كانت دعوة ليلى بعلبكي للمحاضرة على منبر (الندوة اللبنانية) حدثا. في الستينيات كان الخط الفاصل بين الثقافة والإبداع لايزال محتدما, وبوسعك أن تكون مفلسا ومشردا وبلا عمل مثل محمد الماغوط, وتجد مَن يعترف بإبداعك. ولم تكن كل نصف جميلة, نصف شابة, نصف موهوبة, نصف ثرثارة تُدعى شاعرة, وتعتلي منبراً كان محترماً أدبياً ورصيناً وتخلى عن ذلك من باب مسايرة العصر والهوس الاستعراضي الفقاعي.
من القيم التي رفعت من شأن بيروت الفكري والأدبي في الستينيات, أنها كانت غربالا نقديا نزيها (أو على الأقل أكثر نزاهة بكثير مما يدور الآن). وكان لدى المرء نوع من الخجل أمام الحقيقة الأدبية. أما اليوم فقد فقدت بيروت الثقافية عامة تلك النزاهة النسبية في الحكم على التجارب المتدفقة عليها.

انك " فقير إلى الآخر " كما هو فقير إليك " وأنك محتاج إلى الآخر ، كما هو محتاج إليك
الأب جورج

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 



- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 


 
 
Page generated in 0.05030 seconds with 10 queries