ان هذا الواقع القائم يفسر الى حد كبير اسباب فشل جميع محاولات الاصلاح الاداري التي ظهرت منذ اكثر من نصف قرن، دون ان يؤدي اي منها الى اي تغيير يذكر في هذا السياق! والسبب يتمثل في انها كانت تبتعد عن معالجة الخلل الذي تدل عليه بوضوح نتائج استمراره عبر العصور في كل مظاهر المحاصصة والاستزلام وتعيين الانصار والمحاسيب وهي المظاهر التي تنتج عن "التحايل على الديموقراطية".
ان تجاوز حالة التخلف السياسي او العودة الى الديموقراطية تحتاج الى اقدام على اعادة النظام الى جذوره الديموقراطية التي ابتعد عنها منذ عهد الاستقلال والتي لا تزال نتائجها تظهر شقاقا وانقسامات تكاد تطيح وحدة هذا الوطن ومقوماته!
وعندئذ فقط يستطيع المواطن اللبناني انتزاع حقوقه وحماية حرياته من طريق اللجوء الى القانون Recours au droit كما هي الحال في ظل جميع الانظمة الديموقراطية العريقة وليس من طريق "اللجوء الى وساطة اصحاب النفوذ السياسي"، ولكن المشكل الكبير يتمثل في ان نصوص القانون المطلوبة يجب ان تصدق من قبل "اصحاب النفوذ السياسي انفسهم" فهل يقدمون قبل فوات الاوان؟
المهم ان نظاما سياسيا تسمح قوانينه بالتمييز بين المواطنين في توزيع خدمات الدولة وحمايتها لا يمكن ان يكون نظاماً ديموقراطياً!
وهنا لا بد من تذكر هذا الكلام لأحد كبار المؤرخين الغربيين: "مسكينة هذه الديموقراطية، منذ اكثر من الفي عام كانت ولا تزال تحاول اجتياز البوسفور الى الجهة الاخرى من دون ان تتمكن من تحقيق ذلك!".
(1) موريس ديفرجيه (القانون الدستوري والمؤسسات السياسية) صفحة 49 طبعة ثامنة.
(2) جريدة "النهار"، صفحة 7، عدد 22/8/2006 في كلام لسماحة السيد علي الأمين.
(3) صحيفة النهار، عدد 12/12/2005 في كلام لأدمون رزق (نائب ووزير سابق) تحت عنوان "أتلهف لرؤية رجل".
(4) صحيفة "النهار"، عدد 29/11/2005.
* باحث في القانون