الموضوع: أسبوع وكاتب ...
عرض مشاركة واحدة
قديم 12/10/2006   #136
شب و شيخ الشباب chefadi
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ chefadi
chefadi is offline
 
نورنا ب:
May 2006
المطرح:
بيتي متل ورقة احترق
مشاركات:
544

افتراضي


الحياة أبدا
كتبت عام 1962 و عدلت عام 1997 و نشرت بعد وفاته


فكرة عن المسرحية :
"الحياة أبداً" نصّ مسرحي لسعد الله ونوس، جديد وقديم: جديد لأنه لم ينشر سابقاً، وقديم لأنه كتب في أيام شبابه. لم يكن فيه، ربّما، ما يُقْنع صاحبَه بنشره حين كتبه، وإن كان فيه، لاحقاً، ما يبرّر النشر ونسبه إلى أبوّة راضية. ذلك أن سعداً عاد إليه، في أيّامه الأخيرة، وتخلّص من تحفظ سابق، كأن يكتب في نهاية النص: "تم إضافة خلع السترة وتكرار ولادة الخير والشرّ يوم 1997/1/26. تأتي شرعية النشر من "إضافة" بدلت من منظور النص القديم ووضعت فيه منظور أمن مرحلة "اختبار الصواب" المتأخرة، التي جعلت سعداً ينقد "المسرح الأيديولوجي" ويرى إلى وقائع الحياة التي تفيض على الأيديولوجيات جميعاً. الحياة أبداً نصّ ناقص التحديد زمنياً، ففيه ما يشير إلى زمن الإضافة الأخيرة، دون أن يكون فيه ما يعيّن تاريخ كتابته الأولى، كما لو كان النص قد عاش في هواجس كتابته طويلاً. فقد كان سعد الله ونوس، الذي يعشق قراءة المذكرات ويكتب يوميات متفرقة، لا يُعْرض عن "الدقة" إلا لسبب أملاه نصّ مقلق يتحدث عن الموت والحياة، وعن موقع الإنسان في صراع ضروري لا نهاية لها.
ومع أن جدل الخير والشر، الذي يتأسس النص الجديد القديم عليه، قائم في أعمال ونوس كلها، فإنه بنية الحياة أبداً تردّه إلى طور الكتابة الأول، حيث كان سعد الشاب يتأمل الإنسان في قضاياه الوجودية، التي تتضمن العدل والوجود العاقل والحلم بتناغم إنساني لا شروخ فيه.

دراسات من النص المسرحي :

جسد ونّوس الخير في شخصية "الشيخ الأخضر السترة" والشر في شخصية "الشيخ البنيّ السترة". وجعلهما في مواجهة هادئة حيناً ومتوترة حيناً آخر. أما المكان فهو عبارة عن جزيرة استطاعت أن تنجو من الانفجار الهائل الذي قضى على الأرض, ويبدو من خلال الحوار أنّ الشخصية الشريرة كانت وراءه. وهنا يرمز ونّوس الى الخراب الذي قد تصنعه القنابل الذرية القادرة على افناء الحياة على الأرض. وإضافة الى هاتين الشخصيتين - الرمزين يختلق ونّوس شخصيّتين أخريين تمكنتا من النجاة: انهما الشاب والفتاة اللذان سيواصلان الحياة على الجزيرة على رغم الدمار الكبير. فالفتاة ستحمل من الشاب وتضع توأمين أحدهما يُلّف بالسترة الخضراء والآخر بالسترة البنية. والدلالة هنا واضحة تمام الوضوح, فالطفلان اللذان يرثان سترتي الشيخين سيكونان شبيهين لهما ويمثلان صراع الخير والشرّ كصراع أبديّ, فما أن يرتفع صراخ الطفلين حتى يغيب الشيخان.
تكمن "بداهة" المسرحية في كونها مرتبطة برؤية الصراع بين الخير والشر. الخير يحتاج الى نقيضه ليستمر والشرّ يحتاج الى نقيضه لكي يبقى. انهما يتفقان ويختلفان والواحد يمثل الوجه الخفيّ للآخر. لعلّها جدلية الخير والشر التي عرفتها الحضارات القديمة وما برحت تعرفها حضارتنا الحديثة وان تخطتها نحو رؤية أعمق وأعنف. لكنّ ونّوس لا ينتصر للخير ولا للشر, وهذا ما أبعد رؤيته عن الطابع التقليدي والأخلاقي الذي يتبناه القائلون بانتصار الخير.
أراد سعدالله ونّوس أن يكون المكان جزيرة ناجية من الدمار الذي يشبه الطوفان القديم. فالعالم هنا هو في بدايته بعدما شهد نهاية مأسوية. والجزيرة التي استقبلت الشاب والفتاة هي أشبه بالأرض العذراء المملوءة بالأشجار المثمرة. أما الشاب والفتاة فهما بلا ذاكرة تقريباً وحياتهما ستبدأ من الصفر وكأنهما لم يعيشا في السابق. انهما الانسانان الجديدان اللذان سينطلقان نحو حياة هي "الحياة أبداً" كما يفيد العنوان.
شخصيات المسرحية شخصيات - أفكار وليست حقيقية ولا من لحم ودم. شخصيات مجازية لا أفعال لها في المعنى الدرامي. والمسرحية هي مسرحية "فكرية" في المعنى الأليف أو البدهي للفكر. ولغتها لم تنج من الإنشائية والنزعة الضبابية التي أخذها ونّوس ربما عن حواريات جبران. عالم تجريدي لا واقعي حاول الكاتب أن يقول من خلاله فكرة أبدية الصراع بين هذين "القطبين" اللذين تعرفهما البشرية خير معرفة.
كان سعدالله ونّوس يدرك ان هذه المسرحية غير قابلة للإخراج والتمثيل, وأنها لا تخلو من بعض الهنات, وأنّها مسرحية غير مكتملة, فأمثولة النهاية يمكن استخلاصها من لحظات البداية. لكنه حافظ عليها - سراً ولم يتخلّص منها نهائياً. لقد تركها كي تنشر بعد رحيله كوصية "أوتوبية" و"مثالية" تكمن فيها بعض الإشارات التي ظـهرت لاحقاً في عالمه المسرحي, السياسيّ والفكريّ.


ما "الحياة أبداً" إلا الصراع الأبدي بين الخير والشر، وما "الموت أبداً" إلا انتصار أحد الطرفين على الآخر.





الصور المرفقة
نوع الملف : jpg BK_53734.jpg‏ (2.7 كيلو بايت, 79 قراءة)

إذا تعبت أضع رأسي على كتف قاسيون و أستريح و لكن إذا تعب قاسيون على كتف من يضع رأسه .......... المـــــــــــــــــــــا غوط
 
 
Page generated in 0.03690 seconds with 11 queries