2
سيادة الرئيس، تكلمتم عن العلاقة مع تركيا، بأنه كانت هناك خلافات شديدة بين سورية وتركيا، خلافات أيديولوجية، اُتهمتم بمساندة الإرهاب، بمساندة الأكراد، إلخ، ثم توصلتم إلى علاقة مميزة، استطعتم ذلك مع تركيا، ماذا عن الدول الأخرى؟
هذا مبدأ عام بالنسبة لنا، وأنا أعتبره نموذجاً، خاصة عندما أشرح للأجانب وأتحدث عن السلام ونعطي نموذجاً بأن العلاقة بين سورية وتركيا كانت لحوالي ثمانين عاماً تقريباً علاقة بين سيئة وغير جيدة، في أحسن أحوالها كانت غير جيدة، هي علاقة أنا أعتبرها الآن نموذجية، خاصة في زمن قصير، نحن كسورية بادرنا ولكن أيضاً هم كانوا مبادرين، لا أدعي المبادرة كلها لسورية، كان لهم دور أساسي، كانت سياستهم أننا الآن يجب أن نبني علاقات جيدة، ونحن كسورية رأينا هذه الرؤية التركية واستغللناها بشكل إيجابي، وكانت هناك معادلة ممتازة، فإذن أعتقد أننا كسورية لا يمكن أن نقتنع بهذا المبدأ مع تركيا، وألا نكون مقتنعين به مع الدول العربية، لذلك أنا في كثير من الأحيان أكسر البروتوكولات وأبني نفس العلاقة مع الدول العربية. كما قلت، القضية ليست قضية القمة، أعود لنفس المشكلة ليكون نفس الجواب، ما تبنيه هنا أحياناً يُهدم عن غير قصد، فعلينا أن نعيد بناءه، لذلك تتأخر العلاقة العربية ـ العربية أحياناً، بينما لماذا نجحت العلاقة التركية ـ السورية، لأن ما بيننا لم يُهدم، فبقينا كل يوم نبني شيئاً جديداً، وكل يوم تزداد الثقة رغم كل الظروف التي مررنا بها، تركيا تمر معنا بنفس القضايا من الإرهاب إلى العراق إلى قضية فلسطين، فهي بشكل أو بآخر تهتم بها.
سيدي الرئيس، اليوم سورية علاقتها مع تركيا وعلاقتها مع إيران أكثر تميزاً من علاقتها مع بعض الدول العربية، لماذا؟
نعود لنفس النقطة، الجواب هو في السؤال، إذا كانت المشكلة في سورية لا يمكن لسورية وهي معروفة بالعروبة، العروبة موجودة في دم كل مواطن سوري، وأحياناً نُتهم بالمبالغة، ونُتهم بأننا عروبيون أكثر من اللازم، كما يقول البعض، الحقيقة لا يمكن لسورية أن تكون غير عربية، لكن نحن نسأل نفس السؤال، لماذا؟ المشكلة هي مشكلة أداء على المستوى السياسي، أي المسؤول عن ربط هذه العلاقة ليس على مستوى القمة لا يقوم بهذا العمل، بينما مع هذه الدول هناك بعض أسس معينة أولها هم يقفون مع سورية في قضاياها، تركيا وإيران، هناك مشاورات مستمرة بيننا وبينهم، هناك اتفاق في الرؤية حول القضايا المطروحة، من لبنان، إلى فلسطين، إلى الإرهاب، إلى العراق، هناك اتفاق، هناك مشاورات، هذا هو السبب لذلك كانت العلاقة جيدة، هناك رؤية متشابهة بشكل عام لمستقبل المنطقة، مع أن لديهم ربما كل دولة من الدول لديها علاقات تختلف حتى عن سورية في علاقاتها وتوجهاتها، وهناك بعض التفاصيل التي ربما لا نتفق حولها ولكن بالخطوط العامة نتفق.
سيدي الرئيس، أنتم إنسان براغماتي، حتى لو اختلفت معي لنفرض في أمر ما، فإن هناك جوانب نتفق عليها فإنك تأخذ بها، وهذا معنى البراغماتية، المفروض أن تكون موجودة أو مسوّقة أو مترجمة، في الإعلام السوري، في الحديث السوري ـ ليس الخاص ـ إذن لماذا صورة سورية بأنها المتشددة وزعيمة المتطرفين؟
لا، نحن نتشدد في شيء وحيد، هو وضع أسس، لأن لدي قناعة كاملة، ولدينا في سورية قناعة بأن سبب الوضع العربي هو عدم وضع أسس للعلاقة، بنيناها فقط على الجانب الشخصي وهذا خطأ، الجانب الشخصي مهم لكن لا يحل محل دولة، هذه النقطة مهمة، نحن نريد أن نضع أسساً، هناك أسس في العلاقة بين الإخوة في المنزل، وهناك أسس للعلاقة بين الجيران، وتختلف من دولة إلى دولة، ومن مجتمع إلى مجتمع ضمن الدولة الواحدة، لذلك نحن يجب أن نضع أسساً، هذه الأسس نحن نتشدد بها، عدا عن ذلك نحن فعلاً براغماتيون، وإلا فلماذا لم نتشدد مع كثير من الدول؟
هناك بيننا وبين تركيا وجهات نظر تختلف، ومع إيران كما قلت، ومع الدول الأوروبية، العلاقة مع أوروبا تتحسن، ومع أنه مازالت هناك خلافات، لكن هناك شخص يرى فقط الخلافات، وهناك شخص ينظر إلى الأمور بشكل أشمل، أما علاقتنا مع بقية الدول العربية فهي جيدة، لا أريد أن أقول إن سورية متشددة وهي مختلفة مع كل الدول العربية، لكن أيضاً هناك مصالحنا، لا نستطيع أن نخرج عن مصالح سورية، لو كانت القضية تمس موضوعاً شكلياً، نحن لا نهتم، لكن مصلحتنا المباشرة، قضايانا، لا نستطيع أن نتنازل عنها إلا إذا ثبت أن هناك توجهاً فعلاً لا يضرنا، فنحن لا مانع لدينا، لكن ألا يكون على حساب مصالحنا، هذا هو التشدد الوحيد.
سيادتكم قلتم في حديث صحافي سابق لصحيفة «البايس» الإسبانية، تحدثتم أنه لو عادت عملية السلام، اتفاقية مدريد، لا تأخذ أكثر من ستة أشهر، على أي أساس قلتم ذلك؟
طبعاً نحن افترضنا أننا قطعنا أغلب الشوط في عملية السلام في ذلك الوقت، وبقيت قضايا أسهل، نظرياً نحن نقول تجاوزنا 80%، ولكن لا يوجد مقياس رقمي دقيق، ولكن تقديرياً يقال 80% من القضايا حُلت وبقي 20%، ونحن كان تصورنا أن كل عملية السلام أساساً تحتاج إلى سنتين، خاصة بعد التوقيع والانسحاب. طبعاً ربما نتحدث عن جانب آخر، في صحيفة «البايس» تحديداً كان المفروض حتى عملية إتمام السلام والانسحاب لاحقاً لا يحتاج إلى أكثر من ستة أشهر، بفرض أن الطرف الآخر الإسرائيلي صادق في عملية السلام، أيضاً يبقى هذا رقماً تقديرياً في ظرف مثالي، ربما أحياناً الواحد بالمائة الأخيرة توقف كل العملية.
.jpg)
مبادرات السلام
سيادة الرئيس، سورية تطمح إلى السلام، وهي الدولة العربية التي فيها أراض محتلة هي الجولان بعد الأراضي الفلسطينية طبعاً، ومزارع شبعا في لبنان، لكن هناك الآن مبادرات سلام تجاه الجانب الفلسطيني، وليس هناك مبادرة سلام تجاه الجانب السوري، لماذا؟
هي نوع من اللعبة القديمة الإسرائيلية ـ الأميركية التي هي استخدام مسار ضد مسار آخر، أو معاقبة طرف آخر بعدم تحريك مساره، لديها وجهة نظر نحن لا نعتبرها ذات قيمة في سورية، لأنه بالمحصلة إن أرادوا سلاماً شاملاً وخلق الاستقرار، فهم بحاجة إلى كل الأطراف، لا سورية تحل محل فلسطين ولا لبنان محل سورية، جميعنا مع بعضنا البعض، لذلك نقول بالسلام الشامل، وعدم العمل من أجل السلام الشامل يدل على عدم الجدية من قبلهم، هذا من جانب، ومن جانب آخر هم يبحثون أحياناً عن حركة وهمية تجاه السلام لأسباب داخلية لا علاقة لها بالوصول للسلام الحقيقي، لديهم وضع داخلي صعب، لديهم فشل في مواقع أخرى، كالعراق، وأفغانستان، كمشاريعهم التي طرحوها، بما يسمونه نشر الديموقراطية ومكافحة الإرهاب، الحرب الاستباقية، كل هذه العناوين فشلت، فلا بد من البحث عن نصر ولو كان وهمياً، لذلك أنا لا أعتقد أن هناك عملاً جدياً في عملية السلام.
سيدي الرئيس، ما التوجه الحقيقي إذا كانت هناك اتفاقية مدريد، ثم المبادرة العربية، مبادرة الملك عبدالله في قمة بيروت، سورية كان موقفها جيداً من الأمر، لكن لا يوجد آلية؟
صحيح، أولاً يجب أن يكون لديك الإرادة، ثانياً أن يكون لديك الرؤية، ثالثاً تأتي الآلية. عندما لا تتوافر الإرادة ولا الرؤية لا قيمة لوجود الآلية، ولا يمكن أن توجد آلية، الإرادة تبدأ وكل عملية سلام تنطلق من طرفين، سواء قلنا العربي بشكل عام والطرف الإسرائيلي والراعي، الراعي فيه الأمم المتحدة، فيه الولايات المتحدة، فيه أوروبا، فيه دول أخرى مهتمة، لكن نحن نعرف بأن الراعي الرئيسي هو الولايات المتحدة، لكونها دولة عظمى، لكونها دولة لها علاقة خاصة بإسرائيل، فهي أكثر فعالية، ولكن هذا الراعي لا يكفي، لأنه لا يعرف المنطقة بالتفاصيل، فهو بحاجة إلى مساعدة الآخرين، ربما الاتحاد الأوروبي، ربما روسيا، الصين، أو أي دولة أخرى لها وزن على المستوى العالمي، بالإضافة إلى الأمم المتحدة. المشكلة أن هذه الإدارة تتحدث عن مبدأ الحرب الاستباقية، لا يمكن أن تكون هناك حرب استباقية مع السلام، مبدآن متناقضان، هذه النقطة الأولى.
ثانياً بشكل واضح نحن في حديثنا معاً بعد حرب العراق قالوا نحن الآن في المدى القريب، لسنا مهتمين بعملية السلام، كولن پاول قال هذا الكلام خلال لقائه معي، نحن غير مهتمين بعملية السلام، وهناك رؤساء عرب وأوروبيون سمعوا هذا الكلام من الرئيس الأميركي بأنه الآن غير مهتم، فإذن الإرادة غير موجودة. بكل الأحوال لا توجد رؤية للسلام، ولم يحاورنا أحد حول هذه الرؤية، فإذن الحديث عن الآليات لا قيمة له.
حزب الله
سيادة الرئيس، في الموضوع الإيراني أيضاً ما حدث في لبنان في العدوان الإسرائيلي، السيد حسن نصرالله قال في خطابه الأخير، مع احترامي لإيران واحترامي لسورية، نحن لا نؤمر، نحن نتفق معهم في أمور، ولكن نحن لا نؤمر. بكل الأحوال هناك قلق من الهلال الشيعي، ما حدث في لبنان كانت كلفته عالية جداً كبشر. الدمار سهل ولكن الإنسان وإعادة الثقة مع الآخرين ككل، انعكس انعدام الثقة حتى مع إيران، وإن كان هناك تحسب في العلاقة بين إيران والخليج قبل الحرب، فإن الحرب قد جعلت الخليج يتوجس من إيران.
" يا رب احرس الدكتور و أعطيه الحكمة ليقود بلادنا العظيمة "
كفرت بكل الأديان والرب غير موجود
ومريم ليست بعذراء ومحمد مدعٍ أفاق
ونعم للإلحاد ونعم للعقل
3/6/2007
|