بقلم: ألوف بن و عكياف ألدار.
حرب لبنان الثانية كانت مغايرة لسابقاتها: اسرائيل تمتعت بدعم دولي واسع أتاح لها المجال لتمديد فترة القتال من دون الخوف من أن تؤدي التدخلات السياسية الى ايقاف الطائرات والدبابات. ولكن الجيش الاسرائيلي لم ينجح في حسم الحرب عسكريا أو تحديد نقطة الخروج الصحيحة. لهذا السبب كانت هناك حاجة إلى عملية سياسية مكثفة أدت الى صدور قرار مجلس الأمن الرقم 1701. ولكن اسرائيل وجدت نفسها في اطار هذه العملية مضطرة إلى التراجع عن غالبية الأهداف التي حددتها لنفسها منذ بدء المعارك، وعلى رأسها اطلاق سراح الجنديين المخطوفين، اللذين أدى اختطاف حزب الله لهما في 12 تموز الى إشعال فتيل الحرب، والنزع التام لسلاح حزب الله.آثار الدمار في الضاحية الجنوبية لبيروت
بدلا من هذه المطالب، طلبت اسرائيل نشر قوة دولية قوية للمساعدة في الحفاظ على الهدوء ومنع تدفق السلاح إلى حزب الله. كانت هذه انعطافة استراتيجية في السياسة الاسرائيلية التي امتدت لسنوات طويلة وفق مبدأ "سندافع عن أنفسنا بأنفسنا" و"المحافظة على حرية حركة الجيش الاسرائيلي".
قامت"هآرتس" بتحقيق شامل خلال الاسابيع الماضية استعرضت في اطاره عملية صنع القرارات بواسطة المحادثات بين مسؤولين رفيعي المستوى في وزارة الخارجية وديوان رئيس الوزراء وجهاز الدفاع، وكذلك الحال مع دبلوماسيين اجانب في اسرائيل وأميركا ومقر الامم المتحدة. يشير التحقيق الى أن الانقلاب في الموقف الاسرائيلي جرى بعد بدء القتال بعشرة ايام حيث تم التوصل الى تفاهم حول "استراتيجية الخروج" (من الحرب) في القيادة السياسية والعسكرية الاسرائيلية. اتخذ القرار في ظل القتال، ولم يثر اهتماما سياسيا واعلاميا خاصا.
قبل التوصل اليه، كان هناك تباين في الآراء بين وزيرة الخارجية تسيبي ليفني، التي اقترحت ايقاف العملية من الأيام الأولى، وبين أولمرت، الذي فضل إعطاء الجيش المزيد من الوقت.
يدعي أولمرت أن قراره مثار الخلاف بشأن توسيع العملية البرية هو الذي رجح الكفة في مجلس الأمن وأدى الى صدور قرار مؤيد لإسرائيل. في مقر الأمم المتحدة يرون الأمور بصورة مختلفة: لم يذكر أي واحد من الدبلوماسيين الأجانب الذين أجرينا معهم مقابلات من أجل هذه المقالة توسيع العملية البرية كسبب مؤثر على القرار الذي اتخذ.
13 تموز: الخارجية تبلور "استراتيجية الخروج"
في ساعات المساء من يوم الاربعاء 12 تموز، اجتمعت الحكومة في جلسة خاصة حتى تقرر الرد الاسرائيلي على اختطاف الجنديين وإطلاق الكاتيوشا على المناطق الشمالية. الأجواء كانت دراماتيكية وكان واضحا للجميع أن الرد سيكون قويا وأن ضبط النفس أمام استفزازات حزب الله لم يعد واردا، وخصوصاً أنه يأتي بعد اختطاف جلعاد شاليط واطلاق صواريخ القسام على جنوب اسرائيل.
وصلت وزيرة الخارجية ليفني الى الجلسة بعد نقاش داخلي في وزارة الخارجية كان قد جرى في قضية شاليط والأزمة في الجنوب، وانتهى عندما تسلم المدير العام لوزارة الخارجية ورقة تُعلمه بما حدث في الشمال. "كان واضحا للجميع أننا انتقلنا من نقاش موضعي الى نقاش استراتيجي"، يقول أحد المشاركين في النقاش. أضاف إن الهستيريا الإعلامية حول إعادة شاليط أثارت غيرة نصر الله، وشجعته على تنفيذ عملية الاختطاف في الشمال.
"من الأجدر إخراج إعادة المخطوفين من القاموس لأن هذا ليس هدفا واقعيا"، قالت ليفني للوزراء وأوصت بالتركيز على مطلب تنفيذ القرار 1559.
بعد الجلسة اجتمعت "هيئة السبعة" برئاسة اولمرت للمصادقة على تدمير ترسانة الصواريخ الطويلة المدى. خرجت ليفني من الهيئة مع تصور بأن الجيش يحتاج الى ليلة واحدة وربما أكثر بقليل لاستكمال العملية، وأن القضية ستنتهي عند الظهيرة.