إن مرض عبادة الفرد , يصبح فيه المعبود مثل المدمن , يريد مديحا أكثر ويريد طاعة أكثر , وبدأ المتملقون والمنافقون ومن بينهم قادة في < أحزاب الجبهة الحاكمة> الذين تناسوا أطروحتهم التقدمية , والتزامهم مصلحة الجماهير الفقيرة ، يتسابقون في كيل المديح والإطراء , وفي البحث عن جمل وكلمات طعانة وفي انتقاء صفات تعجز المعاجم عن الإحاطة بها , لتكريس ظاهرة عبادة الفرد وإسباغ هالة قدسية عليه , وهذا شرط ضروري , وطريق وحيدة للحصول على المكاسب , إن كان منصبا أو مالا وما يتبع ذلك من سيارات فارهة (شبح , نملة , غواصة 000)ومظاهر سلطوية براقة , واستغلال لتكديس الثروات , وبدأ الجرثوم يفعل فعله في جسم أخذ المرض يد ب فيه , وتحقق ما قاله الهولندي < ايرازموس > أحد أبرز وجوه الحركة الإنسانية في القرن السادس عشر : " إذا اختلس شخص قطعة قماش أو سلة طعام , فانه يحاكم وقد يشنق لذلك , ولكن سارقي الأموال العامة والذين يكدسون ثروة طائلة من خلال العمليات الاحتكارية التي يمارسونها والرشاوى التي يأخذونها وكل العمليات الأخرى على هذه الشاكلة , فانهم يصبحون من علية القوم" , وبدأت أحوال العباد المعيشية في التدني , وانتشر همس بين موظفي الدولة , يطالب بزيادة الرواتب لمواجهة الغلاء الذي يزداد بسرعة جنونية , فأطلق نائب رئيس الوزراء حينذاك قوله المشهور الذي ذاع في أوساط الموظفين : < منشان كم جحش مو عارفين يدبروا راسهم , بدنا نزيد الرواتب > , وانتشرت حالات الفساد المرعبة في كل ثنية من ثنايا السلطة , وساد عرف جديد < كل شئ يمكن تحقيقه , بمقدار ما يدفع عليه من رشوة > 0
