حين يصبح الحلم حقيقة
حين يصبح الحلم حقيقة
كثيرة هي الأحلام وكثير هم الحالمون، فهل يكون الحلم وسيلة هروب من الواقع؟؟ أم هو ما يأمل الإنسان أن يصل إليه أو يكون عليه؟؟!!! كل هذه الأسئلة تظل دون إجابات إلى أن يتحقق أحد الأحلام، ولكن هل من الممكن أن تكون أحلامي واقع في أحد الأيام؟، هذا ما أظل أقوله لنفسي؛ فالحلم حلم رغم كل شيء والواقع شيء آخر مختلف كل الاختلاف عن الحلم.
ففي كل يوم استيقظ ورائحة الغرفة المكبوتة تعبق في أنفاسي، تغلفها رائحة الفقر الكريهة ومذاق الحياة المريرة التي لا بد لي وأن أعيشها كما هي، أنظر للسقف فأرى الشقوق تملأه، ولكن... هناك شرخ كبير يملأ الحائط ويقسمه نصفين، ترى كيف لم أراه من قبل!! وكأن السقف ينقسم عن نفسه ليخرج شيئاً من جوفه، إلا أني سرعان ما أدركت أنه لا بد لي أن أغادر فراشي الدافئ حتى لا يدركني الوقت وأنا منغمس في أفكاري البلهاء، فتفوتني ساعات الصباح الأولى دون أن أنجز خلالها شيء.
نهضت وتناولت الفطور الذي أعدته أمي، هذا الفطور الذي لا يتغير ففي كل يوم تقدم أمي المسكينة كسرات الخبز التي سخنتها على رأس البابور -بعد أن تبللها بقليل من الماء- مع القليل من الزعتر، فالبرد والصقيع في الخارج قد جمد أوصالنا والدم في عروقنا!!! فكيف بكسرات من الخبز مضى عليها أيام وأيام، لا بأس أقول في نفسي لا بد وأن يأتي اليوم الذي نتناول فيه الخبز ويكون طرياً دون حاجةٍ لتسخينه، وتعيدني أمي الحنونة من أفكاري لتحثني على الإسراع، فلقمة الخبز لن تنتظرني لأمضغها بكل يسر، بل يجب علي أن أكافح لانتشلها من بين ملايين الأفواه الجائعة، وإن كانت قليلة لا تسد الرمق.
أنظر حولي فلا أجد في هذه الأزقة غير الفقر والبؤس والكل مثلي يحلم ويحلم ويحلم، ولكن هيهات أن يصير الحلم حقيقة فالأحلام مثل الأوهام لا تتحقق بمجرد التفكير بها فلا بد أن نكدح ونصارع الحياة لنقيم لأنفسنا مكان وجدار نرتكز عليه في هذا الواقع، وتطل الأشجار من آخر الزقاق وكأنها تمد لي يد الأمل لتحملني فوق أفكاري السوداوية، وتخبرني أن لا شيء مستحيل في هذا الزمن، فأسرع لأقبل أغصان الأشجار الواهبة الأمل في النفوس الحزينة، كل هذا يجب علي فعله يومياً فقد أصبح جزءاً لا يتجزأ من حياتي الرتيبة، إلى أن جاء اليوم الذي تحقق فيه الحلم فقد تبدل الحال بحال أفضل والبيت والشق في السقف تحولا لبيت صغير جميل يضم عائلتنا الصغيرة بحب وحنان.
وتحولت كسرات الخبز القليلة اليابسة، إلى خير كثير وفير، في ذلك اليوم نظرت حولي غير مصدق لما أرى، فهل حقا أصبح الحلم واقع!!!، ولم يعد وهماً ولا خيال!!، الآن أصبحت الابتسامة رفيقتي الدائمة التي لا تفارقني، وها هو صوت أمي العذب يأتي عبر مسامعي ليطرق فيها لحن الحياة الجميل، فالتفت إليها وإذا بأمي كما كانت حزينة شاحبة!!! والغرفة هي الغرفة!!! والشق هو الشق!!! حتى الفطور كان كما هو!! فما هذا الذي رأيته قبل قليل أهو حلمٌ آخر من أحلامي الصغيرة؟؟؟ آه كم أنا مغفل ومسكين فلشدة تعلقي بأحلامي وواقع أحلامي الجميل بت أرى نفسي إنساناً آخر أكثر سعادة حين يصبح الحلم حقيقة في حلم آخر.
تمر سنين الحزن بطيئة...
تخنق أنفاس الأرض بآهاتها...
وتعلن عن غياب السعادة...
لكن الأمل موجود في طيات الحزن...
ينتظر لمسة طفلٍ أو ابتسامة أمٍ
تلامس وجه الحزن ليبتسم للسعادة
من جديد....
لماذا نحن يا أبتي...
لماذا نحن أغراب؟؟؟
أليس لنا بهذا الكون
أصحاب وأحباب؟؟؟
ساعة الرمل لا تحب الاستلاب
كلما أفرغها الوقت من الروح
استعادت روحها بالانقلاب
*********
لم يكن الفن يوماً إلا جزءاً
من الكبرياء القومي عند الشعوب
|