ان أقدم ماعرف عن تاريخ دمشق السياسي لا يرقى الى أبعد من ألف عام قبل الميلاد يوم كانت دمشق عاصمة دولة صغيرة للاراميين,والأراميون شعب قديم من تلك الشعوب التي خرجت من الجزيرة العربية على موجات متلاحقة, باخثة عن المجال الحيوي(الكلأ والماء )في بادية الشام وأطراف الهلال الخصيب.ثم كانت تتسرب منها الى السهول والوديان في سورية وبلاد الرافدين .وبهذا تعارف العلماء على تسمية شعوبها بالسامية.
كذلك كان شأن الشعب الآرامي في أواخر الألف الثاني قبل الميلاد حين راح يؤسس دويلات انتظمت من خلالها بلاد الشام الداخلية من الشمال الى الجنوب ,وكانت دولة دمشق أقوى هذه الدول وأشهرها.
وبدأت دمشق بالظهور على مسرح الأحداث ,في منطقة الشرق القديم,لأول مرة في التاريخ مع بداية العهد الآرامي,ثم أخذت مكانتها تزداد أهمية يوما بعد يوم .وكما جاء في كتاب المسعودي أنه(( اذا كانت أخبار دمشق قبل العهد الآرامي ماتزال ضئيلة,فليس معنى ذلك أنها وجدت فجأة في هذا العهد, اذ لا بد من أن تكون قد مرت كغيرها من المدن السورية بمرحلة من النمو والتطور)) وورد في احدى الدوريات الثقافية التي كانت تصدر في الستينات أنه وخلال عمليات التنقيب التي جرت في العام 1965 في محيط الجامع الأموي عثر على فخار يرجع الى عهد البرونز القديم أي الألف الثالث ق.م
ودمشق في موقعها هذا لا بد وأنها جذبت الانسان الأول للاقامة على أرضها التي تتوفر فيها كل أسباب الحياة,من تربة خصبة ومياه غزيرة واقليم معتدل وموقع ممتاز .والطريف في الأمر أن اسم دمشق ورد في بعض الوثائق الفرعونية هكذا : (( دمشقا ))وهو اسم لا يختلف مع ماورد في التوراة
والوثائق الآشورية .غير أن الآراميين أطلقوا على دمشق اسم ((دار ميسيق )) التي تعني الأرض المسقية أو الدار المسقية .ثم حور اليونانيون والرومانيون الأسم الآرامي الى داماسكس بينما احتفظ العرب بالتسمية الأولى فأطلقوا عليها اسم (( دمشق )).
ومن أهم ما تم معرفته من أخبار دمشق الآرامية نزاعها وحروبها الدائمة مع مملكة اسرائيل ,وكيف أنها أصبحت أكثر منها قوة وغلبة بعد عهد النبي
داوود وسليمان من بعده ,حتى اضطر ملوك اسرائيل مرارا" الى دفع جزية من الذهب والفضة لارضاء ملوك دمشق ,وكانوا يتقيدون بما يشترطه هؤلاء عليهم من تخفيض لقواتهم العسكرية واستعدادهم الحربي .وكانت دمشق على علاقات صداقة مع الدول الآرامية في الشمال ,وكانت في الغالب زعيمة
الأحلاف التي ألفتها هذه الدويلات للوقوف أمام الغزو الآشوري . ثم تشبتك دولة دمشق مع الأشوريين في معارك عديدة,وتسقط أخيرا" بأيديهم , وتحتلها
جيوش (( تغلات فلازار الثالث ))في عام 734 ق.م .فتفقد دمشق بهذا الاحتلال استقلالها لعدة قرون .
وانتقلت في القرن السابع من أيدي الآشوريين الى الكلدانيين ,ثم يحتل الفرس دمشق حوالي العام 538 ق.م ويتخذون منها عاصمة الولاية السورية ومقرا" للقيادة العسكرية الفارسية.وجاء العام 333 ق.م الذي يعتبر نقطة التحول التاريخية في حياة دمشق السياسي وللحديث بقية
ليالي الشام http://www.leale-cham.com
|