الأخ الفاضل (الحق أحق بأن يتبع)
تحية وود وسلام...قلت لي :
اقتباس:
ذكرت يا أخي أن ما قتلوه وما صلبوه، أي ما قتلوه وما صلبوه رغما عن الله، ولكن لم يتقلوه وحدث ما حدث بأمر الله.
ياأخي كلامك هذا خلاف الظاهر وخلاف ما حدث لعيسى عليه السلام ولا يوافقه بأي النواحي البتة.
وذلك لأن الله سبحانه ذكر : ( وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم ) ، ماذا تقول في شبه لهم؟
وقال تعالى : ( وما قتلوه يقينا ) أي لم يقتلوه متيقنين بل شاكين فيه، ولكن ( بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما ).
|
في البدء أحب أن أقول لك حقائق أرجو أن نتفق فيها ..
القرآن هو كلام الله .. المنزل على نبيه بواسطة الوحي جبريل.. وكلام الله صفة من صفاته النفسية .. والصفات درجة من درجات تنزلات الله الثلاث وهي :
1/ الاسماء
2/ الأفعال
3/ الصفات.
والصفات النفسية السبع هي (ترتيبا):
الحياة ، العلم ، الارادة ، القدرة، السمع ، البصر ، ثم الكلام.
وهذه الصفات لا تقم منه (ولا غيرها) بجارحة من الجوارح .. فالله مع صفاته هذه هو:
حي بذاته، عالم بذاته، مرد بذات، متكلم بذاته، قدير بذاته، سميع بذاته، بصير بذاته، متكلم بذاته. أي أنه لا يسمع بجارحة ولا يرى بجارحو ولا يتكلم بجارحة .. لا جارحة مثل جوارحنا ، ولا غيرها.. تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
والقرأن هو كلام الله الذي أنزله على نبيه (انزلناه تنزيلا) اي درجة بعد درجة .. وهو في كل درجة من الدرجات يصاحبه علم جديد ، يختلف عن الدرجة السابقة ، والتالية، إختلاف مقدار..
وبما أن القران هو كلام الله كما اسلفنا ، وبما ان الله متكلم بذاته كما اسلفنا .. فان الله في ذاته عندما تنزل الى الوصف عبر عن تلك الحالة بالاسماء .. ومعلوم عندك (99) اسما.. كما انها تزيد عن ذلك لتخرج عن العد فإن
ال(99) اسما هي ما نعلمه نحن ، وهناك ما يعلمه اهل العلم بالله، وهناك من الاسماء ما لا يعلمه الا الله .. ومن تلك الاسماء التي نعلمها هي (الأول، والآخر) ، ومنها (الظاهر والباطن).. عليه فإن قولك :
اقتباس:
ياأخي كلامك هذا خلاف الظاهر
|
إن صح هذا القول ، وكان كلامي حقا خلاف الظاهر ، فهو عندها لن يكون خلاف الحق .. لأن الحق فيه الظاهر.. وفيه الباطن سواء بسواء..ولكن كلامي لم يكن خلاف الظاهر كما زعمت ... بل اعتمدت فيه على الظاهر . .. وقلت لك بالحرف الواحد:
اقتباس:
فهي لا تعني بأنهم لم يقتلوه .. بل هي تنفي أن يكونوا قتلوه (مراغمة لأمر الله) وأنهم قد قتلوه دون (إرادة الله) ومغالبة لها .. فإن كانوا هم في ظاهر الأمر قد ما قتلوه وما صلبوه في حقيقة الأمر بل تم ما تم تحت يدي الله وارادته ..
وهي أشبه بقوله جل من قال لنبيه صلى الله عليه وسلم : (وما رميت إذ رميت، ولكن الله رمى) صدق الله العظيم .
وهي أشبه بقوله جل من قال (ولم تقتلوهم .. ولكن الله قتلهم )..
|
والظاهر هنا أن المنهج القرآني (ككل) لا يتجزأ قد إنتهج منهجا واضحا من إرجاع الإمور الى الله (ظاهرها وباطنها)..
ولكن الله أكد على اليهود هنا بأنهم لم يقتلوه .. وذكرهم بإرادته هو في القتل .. لعلة.. وهي أنهم كايدوا وقالوا :
(بانا قتلنا المسيح عيسى بن مريم).. لهذا أتى الله ليذكرهم بأنهم لم يقتلوه .. أي كأنه ردهم من طرف التشدد الذي وقعوا فيه ... بتصريحهم بالكفر والعصيان.. بأن ردهم الى طرف الحقيقة (دون الوقوف عند الشريعة التي قرروها هم بأنفسهم عندما اعترفوا بقولهم).. هذا هو الظاهر من القول ..
قولك :
اقتباس:
وخلاف ما حدث لعيسى عليه السلام ولا يوافقه بأي النواحي البتة.
وذلك لأن الله سبحانه ذكر : ( وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم ) ، ماذا تقول في شبه لهم؟
|
إن ما حدث لسيدنا (عيسى) هو القتل لا مراء في ذلك.. والقرآن يقل ذلك في أكثر من موضع .. لقد قال جل من قائل :
( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ (87))
لقد ذكر الله تعالى هنا رسولين (إسما) وقال لبني اسرائيل : انكم كلما جائكم رسول استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون.. فمن قتلوا ، ومن كذبوا من الرسولين(موسى، وعيسى)؟؟؟
ويقول جل من قائل :
إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (55)
وهنا يتضح جليا أن عيسى عليه السلام قد توفي بلا جدل وبلا مراء .. وكل (تفاسير) المفسيرين التي أولت هذه الوفاة غير تأويلها (الظاهر) الذي زعمت أنني قد جافيته، كل المفسرين قد بنوا منهجهم على تأويل قوله(وما قتلوه)
لهذا ، ولخطأ تفسيرهم إنسحب هذا الخطأ على كل الآيات التي تؤكد (قتل ، وصلب ، وموت) السيد المسيح.
قلت لي :
اقتباس:
وقال تعالى : ( وما قتلوه يقينا ) أي لم يقتلوه متيقنين بل شاكين فيه، ولكن ( بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما ).
|
وما قتلوه يقينا .. تعني فيما تعني ما ذهبت أنا اليه بأن القتل قد حدث .. وهذا ايضا (ظاهر اللغة)لأن القتل اليقين هو القتل بالعلم .. ولهذا يقول جل من قائل (كلا لو تعلمون علم اليقين) الاية..وهم عندما قتلوه لم يقتلوه بعلم ، بل قتلوه لجهلهم به ...(وهذا بديهي) فلو أنهم عرفوا بأنه المسيح حقا (ويقينا) لما قتلوه.. بل قتلوه لأنهم كفروا به .. وما كان الله ليؤتي العلم الى كافر.. ولكفرهم به وضعوه في أذهانهم في مكانة (دنيا) فقال الله عن المكانة الدنيا التي وضعوه فيها :
(بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما ).
والرفع هنا لا تعني طبعا الرفع الحسي .. بل هي تعني الرفع في الدرجات وفي المقدار .. وهذا وارد عندك في القرآن في أكثر من موضع .. يقول تعالى (مثلا):
(يرفع الله الذين اوتوا العلم) الاية
وهي لا تعني فيما تعني الرفع الحسي ..
ويقول :
(تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات... واتينا عيسى بن مريم البينات وايدناه بروح القدس) الاية...
فانظر ايضا كيف انه جاء بالرفع مقدارا ثم جاء ذكر (عيسى) عليه السلام من بعده بصورة مباشرة ولكنك لا تستطيع ان تدعي بان الرفع هنا هو الفع الحسي ايضا...
والايات كثيرة تلك التي تتحدث عن الرفع وانه في الدرجات ...
وقلت لي :
اقتباس:
وسوف ينزل عليه السلام إلى الأرض في آخر الزمان، وربما يكون في زماننا اليوم ولا أحد يدري، والدليل على نزوله قوله صلى الله عليه وسلم : ( والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد وحتى تكون السجدة خيرا له من الدنيا وما فيها ) " رواه البخاري ".
|
لا انكر الحديث الذي ذكرته .. وهو لا ينفي ما قلته لك ... ورغم هذا فان لي فيه فهما لا يوافق وما ذهبت انت اليه .. ولكني لضيق الوقت ، ولإختلاف الموضعين، لا استطيع ان استمر في الاسهاب أكثر من هذا .. فاسمح لي بكفكفة أطراف الموضوع . وبإنهائه فيما يخصه .. وقد نعود مرة أخرى بإذن الله للحديث المذكور بالشرح والماقشة والمجادلة بالتي هي احسن ..
لك محبتي
وفي انتظار ردك
اخوك(قصي)