الأخ الفاضل krimbow
لك تحياتي وشكري على مشاركتك
اقتباس:
والله يا صاحبي الظلم بالعالم العربي صاير وين ما كان
يعني شي مؤسف فعلا أنو تكون هيك الحالة
|
حقيقة شئ مؤسف.. العالم صار عبارة عن بركان يغلي .. وفي رأيي يجب أن ننظر الى الأمور بدقة فكرية حتى نميز بين الحق والباطل في هذا الغليان الطاغي
اقتباس:
بس بدي هنيك على رؤيتك الحلوة للأوضاع
و بدي هنيك أكتر على أسلوبك بجمع الانفتاح الفكري مع صيغة الحوار الاسلامي
و هاد شي فعلا نادرا ما نلاحظو
|
شكرا لك وأتمنى أن أنال حظا مما ذكرته عني..
اقتباس:
يعني يا بتلاقي الواحد متعصب للاسلام و رافض الانفتاح الفكري بكل اشكالو
يا بتلافي منفتح فكريا و رافض الاسلام و حتى الله بكل أشكالو
انت جمعت التنين بواقعية
بتستاهل مية
|
إن الذي عصمني من التعصب للإسلام هو أنني نشأت في بيت (فكري).. وكمعظم السودانيين كانت لي علاقة وطيدة (بالتصوف) الشئ الذي يعصمك عن التشدد والهوس.. ولكن أفضل واكبر ما نفعني في حياتي هو عثوري على الفكرة الجمهورية (لمؤسسها الشهيد الأستاذ محمود محمد طه).. وهي فكرة تنظر للإسلام كحل لجميع مشاكل العصر .. ولكنها تنظر الى تطور التشريع الاسلامي كوسيلة لا بد منها لحياة الاسلام مرة اخرى.. واسمح لي أن أنقل لك جزء من كلامه عن التطوير .. وهو جزء مأخوذ عن كتابه (الرسالة الثانية من الاسلام):
اقتباس:
الإسلام دين واحد.. وهو دين الله الذي لا يرضى غيره.. قال تعالى فيه: (أفغير دين الله يبغون، وله أسلم من في السموات، والأرض، طوعا وكرها، وإليه يرجعون؟؟) وهو، بهذا المعنى إنما هو الاستسلام الراضي بالله رباً.. وبالإسلام جاء جميع الأنبياء من لدن آدم وإلى محمد.. قال تعالى في ذلك: (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا، والذي أوحينا إليك، وما وصينا به إبراهيم، وموسى، وعيسى، أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه.. كبر على المشركين ما تدعوهم إليه.. الله يجتبي إليه من يشاء، ويهدي إليه من ينيب..).. (شرع لكم من الدين) هنا لا تعني الشرائع وإنما تعني (لا إله إلا الله).. ذلك بأن شرائع الأمم ليست واحدة، وإنما هي مختلفة اختلاف مقدار، وذلك لاختلاف مستوياتها.. وإنما (لا إله إلا الله) هي الثابتة، وإن كان ثباتها في مبناها فقط، وليس في معناها.. وإنما يختلف معناها باختلاف مستويات الرسل.. وهو اختلاف مقدار أيضا.. قال المعصوم في ثبات مبنى (لا إله إلا الله).. (خير ما جئت به أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله..) واختلاف شرائع الأنبياء الناتج عن اختلاف مستويات أممهم لا يحتاج إلى طويل نظر.. ويكفي أن نذكر باختلاف شريعة التزويج بين آدم ومحمد.. فقد كان تزويج الأخ من أخته شريعة إسلامية لدى آدم.. وعندما جاء محمد أصبح الحلال في هذه الشريعة حراماً.. أكثر من ذلك أصبح التحريم ينسحب على دوائر أبعد من دائرة الأخت.. قال تعالى في ذلك: (حرمت عليكم أمهاتكم، وبناتكم، وأخواتكم، وعماتكم، وخالاتكم، وبنات الأخ، وبنات الأخت، وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم، وأخواتكم من الرضاعة، وأمهات نسائكم، وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن، فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم.. وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم.. وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف.. إن الله كان غفورا رحيما) فإذا كان هذا الاختلاف الشاسع بين الشريعتين سببه اختلاف مستويات الأمم، وهو من غير أدنى ريب كذلك، فإنه من الخطأ الشنيع أن يظن إنسان أن الشريعة الإسلامية في القرن السابع تصلح، بكل تفاصيلها، للتطبيق في القرن العشرين، ذلك بأن اختلاف مستوى مجتمع القرن السابع، عن مستوى مجتمع القرن العشرين، أمر لا يقبل المقارنة، ولا يحتاج العارف ليفصل فيه تفصيلا، وإنما هو يتحدث عن نفسه.. فيصبح الأمر عندنا أمام إحدى خصلتين: إما أن يكون الإسلام، كما جاء به المعصوم بين دفتي المصحف، قادرا على استيعاب طاقات مجتمع القرن العشرين فيتولى توجيهه في مضمار التشريع، وفي مضمار الأخلاق، وإما أن تكون قدرته قد نفدت، وتوقفت عند حد تنظيم مجتمع القرن السابع، والمجتمعات التي تلته مما هي مثله، فيكون على بشرية القرن العشرين أن تخرج عنه، وأن تلتمس حل مشاكلها في فلسفات أخريات، وهذا ما لا يقول به مسلم.. وهم يظنون أن مشاكل القرن العشرين يمكن أن يستوعبها، وينهض بحلها، نفس التشريع الذي استوعب، ونهض بحل مشاكل القرن السابع، وذلك جهل مفضوح..
المسلمون يقولون أن الشريعة الإسلامية شريعة كاملة.. وهذا صحيح.. ولكن كمالها إنما هو في مقدرتها على التطور، وعلى استيعاب طاقات الحياة الفردية، والاجتماعية، وعلى توجيه تلك الحياة في مدارج الرقي المستمر، بالغة ما بلغت تلك الحياة الاجتماعية، والفردية من النشاط، والحيوية، والتجديد.. هم يقولون، عندما يسمعوننا نتحدث عن تطوير الشريعة، يقولون: الشريعة الإسلامية كاملة، فهي ليست في حاجة إلى التطوير، فإنما يتطور الناقص.. وهذا قول بعكس الحق تماما، فإنه إنما يتطور الكامل.. فالكمل من العارفين مثلهم الأعلى أن يتخلقوا بما وصف الله تعالى به نفسه حين قال عز من قائل: (كل يوم هو في شأن).. فهم يجددون حياة فكرهم ، وحياة شعورهم، كل يوم.. واليوم عندهم هو يوم الله.. وليس هو هنا أربعاً وعشرين ساعة، وإنما هو وحدة (زمنية) التجلي، وتلك (زمنية) أصغر من الدقيقة، بل أصغر من الثانية، بل أصغر من الثالثة.. إنها (زمنية) قد تنقسم فيها الثانية إلى بليون جزء، حتى أنها لتكاد أن تخرج عن الزمن، في المفهوم الذي يتصوره العقل للزمن.. فهم قد ينطلقون، أو قد يحاولون أن ينطلقوا، مع الله في إبداء مظاهره لخلقه، يجددون حياة فكرهم، وحياة شعورهم بهذه الصورة المستمرة.. هذا هو الكمال.. وليس الكمال التزام صورة واحدة.. فالعشبة الضئيلة التي تنبت في سفح الجبل، فتخضر، وتورق، وتزهر، وتثمر، ثم تلقي ببذرتها في تربتها، ثم تصير غثاء تذروه الرياح، أكمل من الجبل الذي يقف فوقها عاليا متشامخا، يتحدى هوج العواصف.. ذلك بأن تلك العشبة الضئيلة قد دخلت في مرحلة متقدمة من مراحل التطور - مرحلة الحياة والموت - مما لم يتشرف الجبل بدخولها، وإنما هو يطمع فيها، ويطمح إليها..
وبالمثل، فإن كمال الشريعة الإسلامية إنما هو في كونها جسما حيا، ناميا، متطورا، يواكب تطور الحياة الحية، النامية، المتطورة، ويوجه خطاها، ويرسم خط سيرها في منازل القرب من الله، منزلة، منزلة.. ولن تنفك الحياة سائرة إلى الله في طريق رجعاها، فما من ذلك بد..
|