فصل واعلم يا أخي أن
النار هي كالقاضي بين الجواهر المعدنية،
المتحكم فيها كلها والمفرِّق بينها وبين ما كان من غير جنسها، فأشرفُها هي التي لا تقدر النار على أن تفرِّق بين أجزائها، مثل الذهب والياقوت، وذلك لشدة اتحاد أجزائها بعضها ببعضٍ، فإنه ليس بين خلل أجزائها رطوبةٌ. وأما احتراق بعض الجواهر المعدنية، وأكل النار لها، وسرعة اشتعالها فيها، كالكبريت والزرنيخ والقير والنفط وما شاكلها من المعدنيات، فهي من الأجزاء الهوائية الدهنية المتعلقة بالأجزاء الترابية، غير متحدة بها، والأجزاء المائية قليلة معها، وهي غير نضجةٍ أيضاً ولا متحدة بها، فإذا أصابتها حرارة النار ذابت بسرعة، وتحللت وصارت دخاناً وبخاراً، وفارقت الأجزاء الترابية، وارتفعت في الهواء، واختلطت به، وتفرّقت بين أجزاء الهواء. وأما إذا قيل: ما العلة في أن الذهب يذةب ولا يحترق، والياقوت لا يذوب ولا يحترق، فنقول: إن علة ذوبان الذهب هي من الرطوبة الدهنية المتحدة بالأجزاء الترابية، فإذا أصابتها حرارة النار ذابت ولانت الأجزاء الأرضية التي معها، وأما ما لم يحترق فمن أجل الأجزاء المائية المتحدة بالأجزاء المائية المتحدة بالأجزاء الترابية والهوائية، فإنها تقابل النار وتدفع عن جسدها الترابي وهج النار ببرْدها ورطوبتها، فإذا خرجت من النار جمدت تلك الأجزاء الهوائية الدهنية، وغلظت الأجزاء المائية وانعقدت، وصارت الأجزاء الأرضية كما كانت؛ وعلى هذا القياس سائر الأجسام الترابية. وأما الياقةت فلأنه أجزاء مائية وصفت بطول الوقوف بين الصخور، وأُنضجت بدوام طبخ حرارة المعدن لها، واتحدت أجزاؤها ويبست، فصارت لا تذوب بالنار، لأنه ليس فيها رطوبة دهنية. وأما علة صفائه فمن أجل أنه ايس فيه أجزاءٌ ترابية مظلمةٌ، بل كلها أجزاءٌ مائية قد غلظت وصفت ونضجت وجمدت ويبست، فلا تقدر النار على تفريق أجزائها لشدة اتحادها ويبسها. وأما سرعة ذوبان بعض الأجسام واحتراقها، مثل الرصاص والأُسرب، فهومن أجل أن الأجزاء المائية والهوائية غير متحدة بالأجزاء الترابية. وأما سوادها فمن أجل أنها غير نضجة وثقلها من أجل كثرة الأجزاء الأرضية فيها، والله أعلم.
خواص الجواهر فصل واعلم يا أخي أن لهذه الجواهر خواص كثيرةً، وطباعها مختلفة: فمنها مُتضادة متنافرة، ومنها متشاكلة متآلفة، ولها تأثيراتٌ بعضهافي بعض، إما جذباً أوإمساكاً أودفعاً أونفوراً، ولها أيضاً شعورٌ خفيّ وحسّ لطيف كما للنبات والحيوان، إما شوقاً ومحبة، وإما بغضاً وعداوة، لا يعلم كُنه عللها إلاّ الله تعالى. والدليل على صحة ما قلنا وحقيقة ما وصفنا، قول الحكماء في كتاب الأحجار ونعتُهم لها أن طبيعةً تألف طبيعةً، وطبيعةً تُناسب طبيعةً أُخرى، وطبيعةً تلصق بطبيعة، وطبيعة تأني بطبيعة، وطبيعة تقهر طبيعة، وطبيعة تقوى على طبيعة، وطبيعة تضعُف عن طبيعة، وطبيعة تُلهب طبيعة، وطبيعة تحب طبيعة، وطبيعة تطيب مع طبيعة، وطبيعة تفسد مع طبيعة، وطبيعة تبيّض طبيعة، وطبيعة تحمّر طبيعة، وطبيعة تهرب من كبيعة، وطبيعة تهرب من طبيعة، وطبيعة تُبغض طبيعة، وطبيعة تمازج طبيعة.
فأما الطبيعة التي تألف طبيعة أُخرى فمثل الألماس والذهب، فإنه إذا قَرُب من الذهب التصق به وأمسكه. ويقال إن الألماس لا يوجد إلاّ في معدن الذهب، وفي وادٍ من ناحية المشرق؛ ومثل طبيعة حجر المغناطيس في جذب الحديد، فإن هذين الحجرين، يابسين صُلبين، بين طبيعتهما أُلفةٌ واشتياقٌ، فإنه إذا قَرُب الحديد من هذا الحجر حتى يشتم رائحته، ذهب إليه والتصق به، وجذبه الحجر إلى نفسه، ومسكه كما يفعل العاشق بالمعشوق. وهكذا يفعل الحجر الجاذب للحم، والحجر الجاذب للشعر، والحجر الجاذب للظُّفر، والحجر الجاذب للتِّبن. وعلى هذا القياس ما من حجرٍ من الأحجار المعدنية إلاّ وبين طبيعته وبين طبيعة شيءٍ آخر أُلفة واشتياق، عرف الناس ذلك أم لم يعرفوه.
عندما تتأجج نار التحششيش .. تنأى الحشائش بالحشيش الحشحشش ..
وحشيشة التحشيش .. عمر أحشش ..
حش الحشائش في حشيش محشش ..
حشاش يا أخا الحشيش ..
حشش على تحشيش محششنا القديم ..
سوريا الله حاميا
jesus i trust in you
|