ثم إن قوى النفس الكلية الفلكية السارية في جميع الأجسام المسمّاة الطبيعية، تنقُش وتصوّر وتصوغ من تلك المِزاجات والأخلاط أجناس الكائنات التي هي الحيوان والنبات والمعادن، بإذن الله، عزّ وجلّ. ولما كان أول اختلاط ومزاجٍ يحدث في هيئة هذه الأركان، هوتغيرات الهواء وحوادث الجولسهولة انفعاله، وسرعة استحالته، احتجنا أن نذكر حال الهواء أولاً، ثم حال المياه، ثم حال بقاع الأرض فنقول: إنا قد بيّنا في رسالة السماء والعالم أن كرة الهواء محيكة بكرة الأرض من جميع جهاتها، وأن سمكها من ظاهر سطح الأرض إلى أدنى فلك القمر، مثل قطر الأرض ستّ عشرة مرةً ونصفها، وذلك أن قطر الأرض ألفان ومائةٌ وسبعة وستون فرسخاً، فيكون سمك الهواء 35758 فرسخاً.
واعلم يا أخي بأن سمك الهواء ينفصل بثلاث طبائع متبايناتٍ، إحداهما مما يلي سطح الأرض، والأُخرى هي الوسط بينهما، وذلك أن الهواء الذي يلي فلك القمر هونار سموم في غاية الحرارة، يسمى الأثير، والذي في الوسط باردٌ في غاية البرودة، يسمى الزَّمهرير، والذي يلي سطح الأرض مُعتدل المزاج في موضع دون موضع، يسمى النسيم. والعلّة في اختلاف هذه الطبائع الثلاث هوأن الهواء المماس لفلك القمر، لدوام دورانه معه وسرعة حركته، قد حمِيَ حمياً شديداً، حتى صار ناراً سَموماً، ثم إنه لما كان مُنهبطاً إلى أسفل كان أبطأ لحركته وأقلّ لحرارته، وكلما قلَّت الحرارة غلبت البرودة، فلا يزال كذلك إلى أن يصير في غاية البرودة التي تسمى زمهريراً. والذي يلي سطح الأرض معتدل المِزاج في موضع دون موضع، ولا يكون سمك كرة الأثير، بالإضافة إلى كرة الزمهرير، إلاّ شيئاً يسيراً. ولولا مَطارح شعاعات الشمس والقمر والكواكب على سطح الأرض، وانعكاسها في الهواء، وإسخانها له، لكان المُماسّ لظاهر سطح الأرض أشدّ برداً مما سواه، كما يعرض ذلك تحت قطب الشمال، وذلك أنه يصير هناك ستة أشهر ليلاً كلّه، فيبرد الهواء برداً شديداً، وتجمد المياه، ويُظلم الجوويَغلظ ويهلك الحيوان والنبات. وأما في مُقابلة هذا الموضع، مما يلي قطب الجنوب، يكون في هذه الأشهر الستة نهاراً كلّه، فيدوم إشراق الشمس على تلك البقاع، ويتصل انعكاس شُعاعاتها في الهواء، فيُحمى ويُسخن إسخاناً شديداً، حتى يصير ناراً سموماً مُحرقةً للحيوان والنبات. وعلّة أُخرى هي أن الشمس في وقت مُسامتتها لهذه البقاع تكون قريبة من الأرض، لأن حضيضها في آخر القوس. وأما إذا كانت في البروج الشمالية فإن تحت قطب الشمال يكون أيضاً ستة أشهر نهاراً كلّه، ولكن لا تسخن تلك البقاع كإسخانه البقاع التي تحت قطب الجنوب، لأنها تكون بعيدةً من الأرض، مرتفعةً في الفلك، لأن أوجها في آخر الجوزاء.
ثم اعلم يا أخي بأن بين بُعدها في الأوج، وبين قربها في الحضيض، مقدار قطر الأرض مائة مرّةٍ، وهذا مقداره 216755 فرسخاً. ومن أجل هذا صار العامر من الأرض في الربع الشمالي من خط الاستواء إلى نيّف وست وستين درجةً، وهوبين ممر رأس الحمل على سمت الرأس، إلى حيث ممر الكفّ الخضيب على سمت الرأس، وفي هذا الربعالأقاليم السبعة، كما بيّنا في رسالة جغرافيا، ووصفنا فيها ما في كل إقليم من المدن والجبال والبحار والأنهار.
واعلم يا أخي أن على سمت هذه الأقاليم يخترق من الهواء النسيم أكثر، وفي هذه البلدان تعتدل الطبائع. ونريد أن نذكر سمك كرة الغيم والنسيم وأكثر ما ترتفع، وذلك تارةً يزيد في سمكه وارتفاعه، وتارةً ينقُص من ذلك، بحسب زوايا شُعاعات الشمس والكواكب المنعكسة في طرفي النهار وأنصافه، وأيام الشتاء والصيف، وذلك أيضاً بحسب ارتفاعات الشمس والكواكب من الآفاق وممراتها على سمت البقاع.
عندما تتأجج نار التحششيش .. تنأى الحشائش بالحشيش الحشحشش ..
وحشيشة التحشيش .. عمر أحشش ..
حش الحشائش في حشيش محشش ..
حشاش يا أخا الحشيش ..
حشش على تحشيش محششنا القديم ..
سوريا الله حاميا
jesus i trust in you
|