فصل في ماهيّة الطبيعة
كان الذين يتكلمون في الحوادث الكائنات، التي دون فلك القمر، من الحكماء والفلاسفة، يَنسُبون هذه الآثار والأفعال كلّها إلى الطبيعة؛ وكما أن أقواماً من العلماء يُنكرون أفعالها، وينكرون الطبيعة أيضاً أصلاً، احتَجنا أن نذكر معنى قولهم: الطبيعة، ونبيّن أن الذين أنكروا أفعالها ذهب عليهم معنى الطبيعة، ولم يعرفوها، فمن ذلك أنكروا أفعالها.
واعلم يا أخي، أيدك الله وإيانا بروحٍ منه، أن الطبيعة إنما هي قوةٌ من قوة النفس الكلّية، مُنبثَّة منها في جميع الأجسام التي دون فلك القمر، ساريةٌ في جميع أجزائها كلّها، تسمى باللفظ الشرعي الملائكة الموكَّلين بحفظ العالم وتدبير الخليقة، بإذن الله، وتُسمى باللفظ الفلسفي قُوىً طبيعية، وهي فاعلة في هذه الأجسام بإذن الباري، جلّ ثناؤه. والذين أنكروا فعل الطبيعة إنما ذهب عليهم معنى هذه التسمية، وظنّوا أنها متوجهة نحوالجسم، والجسم، من حيث هوجسمٌ، لا فعل له البتة بالإجماع من الفريقين، بدلائل قد صحّت وبراهين قد قامت.
واعلم يا أخي بأن الذين أنكروا فعل الطبيعة يقولون إنه لا يصحّ الفعل إلا من حيٍّ قادرٍ، وهوقول صحيح، ولكن يظنون أن الحي القادر لا يكون إلا بجسم، إذا كان على هيئةٍ مخصوصةٍ بأعراضٍ تحلّه بزعمهم، مثل الحياة والقدرة والعلم ما شاكلها، ولا يدرون أن مع هذا الجسم جوهراً آخر روحانيّاً غير مرئيٍّ، وهي النفس، وأن هذه التي وصفوها من الأعراض بأنها حالةٌ من الجسم، هي التي تُظهرها فيه، أعني النفس بفعلها في الجسم.
واعلم يا أخي إنما ذهب على الذين أنكروا فعل الطبيعة علم النفس، وخفي عليهم معرفتها، من أجل أنهم طلبوا إدراكها بالحواس، فلم يجدوها، فإنما عرفوا ذلك بالأفعال الصادرة عنها في الأجسام، وذلك أنهم اعتبروا أحوال الجسم، فوجدوه المجرَّده لا فعل له البتة، ولا للأعراض الحالّة فيه، وإنما الأفعال كلّها للنفس، وأما الجسم وأعراضه فإنها للنفس بمنزلة أدواتٍ وآلاتٍ لصانعٍ يُظهر بها ومنها أفعاله، كما يُرى ذلك من الصُّنّاع البشريين، فإنهم بأدواتٍ جسمانية يُظهرون صِناعتهم في الأشياء، مثال ذلك النجار فإنه يُظهر أفعاله في الخشب الذي هوجسمٌ طبيعيٌ بآلاتٍ وأدواتٍ جسمانية، كالفأس والمنشار والمِثقب وما شاكلها، وكلها أجسام صناعيَّة، وأجسام الصُّنّاع هي أيضاً من الأجسام الطبيعية، وهي آلات لنفوسهم، وأدواتٌ لها يُظهرون بها صناعتهم وأفعالهم، كما بيّنا في رسالة تركيب الجسد ورسالة الصنائع العمليّة. وإذ قد بان ما الطبيعة وأنها قوّةٌ من قوى النفس الكلّية والفلكيّة، وأنه لا فعل إلا للنفس، وأنها تفعل أفعالها بقوّتها في الأجسام، وأن الأجسام كلّها آلاتٌ وأدواتٌ ومفعولاتٌ لها، كما أن الفكر والعلم آلاتٌ للنفس في إدراك المعلومات والمعقولات، وإخراجها من القوّة إلى الفعل، فنرجع الآن إلى ذكر الأجسام البسيطة التي دون فلك القمر، ونقول إنها الهيولى الموضوع للطبيعة، وهي فاعلةٌ فيها الأشكال والصُّور، صانعةٌ منها الحيوان والنبات والمعادن، وإن الأشخاص الفلكية لها كالأدوات للصانع، وذلك أن الفلك يدوم دورانه حول الأرض في كل أربعٍ وعشرين ساعة دورةً واحدة، وبحركات كواكبه ومطارح شُعاعاته في سمك الهواء على سطح الأرض والبحار وإسخانها لها، يحلّل المياه فيُصيّرها بخاراً، ويلطّف أجزاء التراب فيصيّرها دخاناً، وتخلطان، ويكون منهما المِزاجات كما يكون من أصباغ المصوّرين،
عندما تتأجج نار التحششيش .. تنأى الحشائش بالحشيش الحشحشش ..
وحشيشة التحشيش .. عمر أحشش ..
حش الحشائش في حشيش محشش ..
حشاش يا أخا الحشيش ..
حشش على تحشيش محششنا القديم ..
سوريا الله حاميا
jesus i trust in you
|