فصل واعلم يا أخي بأن الجنة
إنما هي عالمُ الأرواح،
وكله صورةٌ روحانيّة، لا هيولى جرمانية، بل حياة محضةٌ وراحةٌ ولذّة وسرور وغبطة، لا يعرض لها الكون والفساد، ولا التغير والبِلى، لأنها هي دار الحيوان، لوكانوا يعلمون. فإذا كانت الدار هي الحيوان، فما ظنُّك يا أخي بأهل الدار كيف حالهم، فإنه يقصُر الوصف عنهم إلاّ بالاختصار، كما ذكر الله تعالى في كتابه على لسان تبيه محمد، صلى الله عليه وسلم، فقال: "فيها ما تشتهيه الأنفُسُ تَلذُّ الأعين، وأنتم فيها خالدون".
واعلم يا أخي أن النار وجهنّم هي عالم الأجسام التي تحت فلك القمر، الذي هودائمٌ في الكون والفساد والتغيير والاستحالة والبلى، وأن أهلها "كلما نضِجت جُلودُهم بدّلناهم جُلوداً غيرها ليذوقوا العذاب" فازْهَد يا أخي في غرور هذه الدار كما زهد أنبياء الله، عزّ وجلّ، وأولياؤه والفلاسفة الحكماء، فقد علمتَ بأنها ليست بدار المقام، فاستعدّ للرحلة والانتقال باختيارٍ منك لا مُكرهاً ولا مجبراً قبل فناء العمر وتقارب الأجل.
واعلم أنه لا يستوي لك هذا إلاّ بعد أن تعرف فضل الآخرة على الدنيا، معرفةً صحيحة بلا شكّ ولا تقليدٍ، لأن جبلة الإنسان أن لا يزهد في الحاضر العاجل، ولا يرغب في الغائب الآجل، إلاّ بعد معرفة فضل الآجل الغائب على العاجل الحاضر.
واجتهد يا أخي في معرفة طلب ما أشار إليه أنبياء الله تعالى في الكتب المُنزلة على ألسنتهم، المأخوذة عن الملائكة معانيها في وصف نعيم الجنان وسعادة أهلها، وصِفة النيران وشقاوة أهلها، وما أشار إليه أيضاً الفلاسفة والحكماء في رموزهم في وصف عالم الأرواح، ومدحِ أهلها، وذمّهم عالم الأجسام، وسُوءِ ثنائهم على أهلها. ولعلك تتصوّر بعقلك ما تصوّروا، وتُشاهد بصفاء جوهر نفسك ما شاهدوا بصفاء جوهر نفوسهم، فتنتبه نفسك من نوم الغفلة ورقدة الجهالة، وتعيش عيش السُّعداء العلماء، وترتقي في المعارف، تعلوهِمّتك نحوملكوت السماء، وتكون في الآخرة من السعداء. وفّقك الله أيها الأخ وإيانا وجميع إخواننا حيث كانوا في البلاد للرشاد، إنه رؤوف رحيمٌ بالعباد.
وإذ قد فرغنا من ذكر الأركان الأربعة التي هي دون فلك القمر، وهي النار والهواء والماء والأرض، ووصفنا ما يخصّ كلّ واحدة من الصور المقوِّمة المُبلّغة له إلى أفضل حالاته، وبيّنا كيفيّة استحالات بعضها إلى بعض، وأخبرنا أن أول ما يتحلل من البُخارات، ومن البخارات تنعقد العُصارات، ومن العصارات تتكون الكائنات التي هي المعادن والنباتات والحيوانات، فنختم هذه الرسالة ونبدأ بعدها برسالة أُخرى نذكر فيها البخارات الصاعدة في الهواء، ونصف كيفيّة حوادث الجومنها في رسالة أُخرى، وهي الملقبة برسالة الآثار العلويّة وحوادث الجوّ.
تمت رسالة الكون والفساد ويتلوها رسالة الآثار العلوية.
عندما تتأجج نار التحششيش .. تنأى الحشائش بالحشيش الحشحشش ..
وحشيشة التحشيش .. عمر أحشش ..
حش الحشائش في حشيش محشش ..
حشاش يا أخا الحشيش ..
حشش على تحشيش محششنا القديم ..
سوريا الله حاميا
jesus i trust in you
|