سؤال..
سيادة الرئيس ونحن نتكلم عن الوضع العربي والأوضاع المحيطة بكم.. خطابك الأخير مرة أخرى.. وكان خطاباً هاماً.. قلت فيه أن الجانب الإيجابي من الحرب في لبنان كان تعرية الوضع العربي.. أو رأينا العرب دون مساحيق..
وفي واقع الأمر.. الحال هو كذلك بالتأكيد. هل انفرط العقد العربي من وراء هذه الحرب....
الرئيس الأسد..
أيضاً عندما نتحدث عن شيء.. ربما تكون هناك وجهات نظر مختلفة. ما هو العقد العربي... إذا كان هذا العقد موجوداً ما هي وظيفته... إذا كان هذا العقد من أجل أن أتغنى به.. فهذا موضوع شكلي وحينها لا يهم إذا كان موجوداً أو غير موجود. أما إذا كانت له وظيفة فعلينا أن نحدد متى تكون وظيفة العقد العربي.. أو الإجماع العربي.. مطلوبة.. في حالة الراحة أم في حالة الشدة. في حالة الشدة هناك تجارب قريبة.. الحرب الأخيرة وغزو العراق. في الحالتين عندما بدأ الحديث عن الحرب في العراق وفي لبنان.. انقسمنا كعرب. فإذاً ربما هو يكون موجوداً ولكنه هش.. ولنقل بأنه غير فاعل.. فما قيمة أن يكون موجوداً وهو غير فاعل...! هذا هو السؤال. أما أن يكون موجوداً وانفرط في الحرب الأخيرة فهذا يعني أنه غير موجود في
الواقع وهو مجرد عنوان نضعه.. وهذا نفسه ما يصل إلى فكرة المساحيق. نحن نجمل هذا العقد العربي.. هذا ما أقصده. ونعتبره موجوداً من خلال البيانات التي تأتي كحل وسط لإرضاء مواقف كل الدول.. لكنها بالنتيجة تخرج بدون موقف واضح.. هذا في السابق.. فإذاً هذه هي وجهة نظري بأن العقد العربي من الناحية الفاعلة غير موجود. والدليل أيضاً ما حصل في نيويورك عندما لم يهتموا بالموقف العربي. الدول الكبرى لعبت لعبتها.. والآن الصراع على القوات الدولية في لبنان هو صراع بين دور فرنسا ودور أمريكا.
سؤال..
ألم يستطع العرب على الأقل عندما وحدوا إلى حد ما وجهة نظر موقفهم وذهبوا إلى نيويورك أن يبدلوا قليلاً في القرار الدولي.
الرئيس الأسد..
لا. ما بدله هو الوضع الميداني. هو الذي أثر في تبديل المواقف. طبعاً نحن جزء من العرب.. عندما أقول وفد عربي.. ذهب باسمنا جميعاً.. لكن الوضع الميداني هو الذي بدل. والتوحد لمرحلة واحدة.. فترة قصيرة.. لن يخلق التأثير المطلوب في الساحة الدولية. يجب أن نكون موحدين في معظم القضايا ولفترة طويلة كي يبدأ الوجود العربي بأخذ مداه على الساحة
العربية. الحقيقة هو غير موجود.
سؤال..
بالتأكيد لأنه يبدو أنه ليس هناك توحد على الإطلاق.. بالعكس.. كما يتراءى لي هناك جبهتان على أصعدة مختلفة.. هناك مثلاً جبهة الصمود وجبهة الاستسلام أو السلام كما يقال.. أمام جبهتين مرة ثانية جبهة للشعوب وجبهة للحكام.. هناك جبهة العرب الذين يستقوون بإيران.. وجبهة العرب الذين يستقوون بأمريكا.. هناك جبهات متعددة يبدو معها أن العقد قد انفرط.
الرئيس الأسد..
ليس بالضرورة أن تكون جبهة بمعنى محور سياسي بين دول.. هذه الجبهة دائماً تكون موجودة بين من يريد أن يصمد ومن يريد أن يستسلم.. حتى في الدول التي تصمد.. هذا التيار موجود.. أي هي حالة عامة. نحن في سورية قررنا منذ زمن طويل ألا نتنازل عن حقوقنا فنحن نصمد. جبهة الشعب وجبهة الدولة هي حالة من اللاثقة بين الشعب والدولة. في معظم الدول العربية نتيجة تراكمات تاريخية معينة.. ولكن ربما تظهر هذه الانقسامات أكثر في هذه الظروف. لذلك أعود وأقول بأن ما نراه الآن هو الوضع الطبيعي سواء الوضع على مستوى العلاقات الداخلية للدول العربية أم بين الدول العربية.. ولكنه ظهر وانكشف في هذه الحرب.. وهذا ما قصدته أنا بتعرية الوضع العربي.
سؤال..
في تعرية الوضع العربي الذي لفت نظري جداً في خطابك هو قولك أن هناك جبهة المعنيين بقضية الحرب والسلام ووضعت تحت هذا العنوان المعنيين سورية ولبنان وفلسطين بصفتنا لنا أراض محتلة.. ووضعت الباقين كلهم في سلة واحدة.. أنتم لستم معنيين لا بحرب ولا بسلام.. ليس لكم شأن.. أتيحوا لنا الفرصة. هل حقيقة أنتم فقط المعنيون بقضية الحرب والسلام...
الرئيس الأسد..
لا. أنا قلت تتمة الكلام بأننا نريد دعم إخوتنا العرب وكل من يريد أن يقف معنا من غير العرب.. بالعكس أنا قلت نحن نريد وهذا أساسي.. ونحن لا يمكن أن نكون أقوياء من دونهم. ونحن إذا كنا إخوة ونعيش في المنزل الواحد.. لا يوجد بيننا رسميات وربما حواجز.. ولكن يوجد أصول للتعامل..
بمعنى إذا كان أحد الإخوة لديه مشكلة.. لا يمكن أن تجتمع العائلة وتحل المشكلة بمعزل عن صاحب المشكلة الذي هو واحد من هذه العائلة. ما يحصل أحياناً بأن البعض من المسؤولين العرب يتصرف بهذا الموضوع وكأننا غير موجودين.. بتصريح.. بمبادرة.. بتحرك. ما هي الخسارة لو أتى هذا المسؤول إلى سورية وسألها ما هي تصوراتها عن عملية السلام...! كان
لدينا على سبيل المثال وزير الخارجية التركي لأنه المثال الأخير.. وقبله كان لدينا الأخ الشيخ حمد أمير دولة قطر.. تحدثنا في كل هذه القضايا ولكنهم أتوا إلى سورية وقالوا.. ما هو الموقف... كيف تعتقدون بأننا نستطيع أن نتحرك... ووضعنا تصوراً. والآن يستطيعون أن يتحركوا معنا.. وأحياناً من دوننا.. في مواقع ربما لا نستطيع أن نتحرك فيها.. في هذا الموضوع. تخيل لو أردنا أن نحل قضية دارفور أن نقوم باجتماع قمة على سبيل المثال.. بما أنها قضية ساخنة.. ولا نسأل السودان ما الذي تريده... هذا ما نقصده. أحد الأمثلة هي خارطة الطريق.. حيث وضعوا فيها سورية ولبنان ولم يأخذوا رأي سورية أو لبنان.. وكانت هناك أطراف عربية مساهمة في خارطة الطريق.. لم نسأل.. رفضنا الدخول فيها بشكل كامل منذ
البداية. فما أردت أن أحدده للمرحلة المقبلة.. أن هناك أسسا لا نستطيع أن نتجاوزها.. لا يمكن أن نتحدث عن إجماع عربي.. في غياب الطرف العربي الأساسي.. أبقى أنا صاحب القضية.. أنا من سأفاوض.. وإذا لم تنجح المفاوضات وحصل حرب.. فأنا من سيحارب.. فهذا ما أردت أن أضعه كأسس ولكن الدور العربي أساسي.. ولكن علينا أن نحدد كيف يسير الدور العربي
بالاتجاه الصحيح.. لكي لا يكون ضاراً.
سؤال..
ذكرت زيارة أمير قطر لدمشق.. وما نشر بواسطة الوكالات والصحف السورية بأنها زيارة عمل. أي عمل...
الرئيس الأسد..
قطر طبعاً الدولة العربية الوحيدة الآن في مجلس الأمن.. ودورها أساسي. علاقتنا مع قطر تطورت كثيراً في السنوات الأخيرة.. ولقطر مصداقية بالنسبة لنا بدورها السياسي. لقطر علاقات مختلفة.
سؤال..
سيدي الرئيس.. قلتم مصداقية...
الرئيس الأسد..
نعم بالنسبة لتعاونهم معنا.. بالنسبة لنا في سورية.
سؤال..
أنا أعتقد بأن هذا سيكون مستغرباً قليلاً أن تكون قطر على نفس الخط مع سورية. يعني أنا محتار في وضع قطر على الخريطة السياسية. فبما أن سيادتكم التقيتم بهم عدة مرات ولكم صداقات.. في السنين الأخيرة.. ماذا تفعل قطر بالضبط...
الرئيس الأسد..
نحن لا نطلب من قطر أن تكون سورية.. ولا من مصر والسعودية والمغرب أن يكونوا سورية. كل دولة تختلف عن الأخرى بجوانب.. لكن على الأقل إن لم تكن قادراً أن تكون مثلي أو أن تقدم ما أريد.. كن واضحاً معي.. لا تقدم وعوداً وفي المرحلة الصعبة نرى شيئاً آخر. ما قامت به قطر أنها كانت واضحة معنا.. الأمور واضحة على الطاولة.. فعندما وصلنا إلى المفاصل
المختلفة لم نر منهم أي شيء يختلف عما قالوه.. هذا كاف. قد لا تكون دولة كبيرة ولكن المصداقية مطلوبة الآن.. ويجب أن تلعب كل الدول دوراً.. الكبيرة والصغيرة. من جانب آخر لديهم علاقات.. حاولوا أن يساعدونا بشكل جدي في مواقع مختلفة.. وتمكنوا ضمن إمكاناتهم أن يقدموا شيئا.
مداخلة..
كان موقف أمير قطر في بيروت / الكلام الذي قاله هناك / كان موقفاً حاسماً وواضحاً وقوياً في واقع الأمر.
الرئيس الأسد..
تماماً. فآليات العمل كانت في هذا الإطار.
سؤال..
هل تقوم قطر في الوقت الحالي /من ضمن أهداف الزيارة/ بالمساعدة على عقد قمة عربية... أم أنهم لا يرون جدوى من مثل هذه القمة...
الرئيس الأسد..
يبدو أن هذا الطرح تراجع مؤخراً.. ولكن أيضاً السؤال البديهي ما هو الهدف من القمة... لماذا تجتمع... ما هي النقاط المطروحة... لا توجد لدينا أية معطيات في سورية. لا نعرف ما هو الهدف من هذه القمة. قمة بدون مضمون.. بدون نتائج.. فالأفضل ألا تعقد. ويبدو الآن أن الطرح تراجع من خلال الاجتماع الأخير. أما في لقائي مع الشيخ حمد.. فلم نطرح
هذا الموضوع.. نعتقد أنه تراجع كما قلت.
سؤال..
إنما سيكون استنتاجا بديهيا من قبلي على الأقل أن أقول أنه طرح موضوع الحرب والسلام بين سورية وإسرائيل.. وقطر لها علاقاتها المعروفة بإسرائيل.
هل هناك مقترح طرح في هذا اللقاء الأخير بشأن السلام مع إسرائيل..
الرئيس الأسد..
أولاً أنا لا أعرف حجم العلاقات بين قطر وإسرائيل.. ما نعرفه هو المكتب.. متى تزداد.. متى تنقص.. أنا لا أعرف.
مداخلة..
نحن نقرأ جرائد فقط.
الرئيس الأسد..
وأنا أقرأ مثلك. ولكن ما يهمنا في الموضوع هو دور قطر في مجلس الأمن وعلاقاتها الدولية. عملية السلام بحاجة لعلاقات دولية.. وهذه العلاقات تخدم في وضع التصور العربي لدى المسؤولين الأجانب الذين يتبنون غالباً الطرح الأمريكي المتطرف أو الإسرائيلي. فدور قطر هنا مهم جداً من خلال معرفة وجهة نظر سورية ومن ثم نقلها إلى الدول الأخرى. هذا هو التصور.
سؤال..
هل هناك مقترح محدد طرحه عليك سمو أمير قطر..
الرئيس الأسد..
لا. بالنسبة لسورية لا يوجد شيء محدد يختلف عما طرح في مؤتمر مدريد. لا توجد لدينا أية اقتراحات إضافية. مؤتمر مدريد كأسس كان كافياً.. ونستطيع أن نستمر فقط على هذه الأسس.
سؤال..
الأستاذ محمد حسنين هيكل في حديث له مؤخراً الأسبوع الماضي قال دون أن يحدد المصدر إن هناك اقتراحا وجه إلى سورية.. ولم يذكر مصدر هذا الاقتراح.. بأن تحرك جبهة الجولان وأن تحريك جبهة الجولان سوف يساعد على بدء عملية السلام الحقيقية.
الرئيس الأسد..
كمقترح من دولة..
مداخلة..
مقترح يبدو أنه من دولة ما.
الرئيس الأسد..
كما قلت لك هناك طرح شعبي أحياناً باتجاه هذا الموضوع لأهداف أخرى وليس بهدف أن يكون عملية تحريك. ولكن كما تعرف هناك حوارات تحصل على مستويات مختلفة بين مسؤولين أجانب ومسؤولين سوريين ربما طرح أحد المسؤولين
هذا الموضوع على مستوى ما.. ولكن لم نأخذه بشكل جدي.. وأنا لم أسمع به..أي لم يصلني أي شيء من هذا القبيل.