سؤال..
سيادة الرئيس خلال حديثنا حتى الآن عبر إجابة وأخرى أشدت بالمقاومة الإشادة المتوقعة.. إنما قد يخطر ببالي سؤال هنا مادمتم إلى هذا الحد معجبين بالمقاومة اللبنانية وتشيدون بها لماذا أو كيف تكون هذه المقاومة في لبنان دليلاً لكم للحصول على حقوقكم في سورية... كيف ستواجهون الاحتلال الإسرائيلي بالاستفادة من تجربة المقاومة اللبنانية...
الرئيس الأسد..
كما قلت في البداية الدولة تبني جيشاً.. والجيش من مهامه تحرير الأرض.. حرب /1973/ التي خاضتها سورية ومصر بنيت على هذا الأساس.. لكن الجيش عندما يخوض حرباً يجب أن تكون الأمور محضرة بشكل جيد.. نحن نعرف أن هناك
حصارا شبه كامل.. خاصة في التسعينيات.. على سورية.. وبالمقابل هناك إمداد كبير لإسرائيل من قبل الولايات المتحدة.. والأسواق الأخرى مفتوحة لها وأحياناً بالمجان. هذا يعني بأننا غيرنا مهام الجيش.. هذه من مهامه.. ونحن نسعى بشكل مستمر.. وفي السنوات الأخيرة قطعنا خطوات جيدة باتجاه التحضير.. على الأقل في المرحلة الأولى للدفاع عن أرضنا لأن
إسرائيل بلد توسعي.. وبمرحلة لاحقة إن لم يتحقق السلام.. فعندما تقول اللاحرب واللاسلم سيأتي إما حرب وإما سلم.. فإن لم تتحرك عملية السلام من أجل عودة الحقوق.. فالحرب هي المستقبل الطبيعي في هذه المنطقة.. وسورية هي المعني الأول في هذا الموضوع. أما من الناحية السياسية كما قلت علينا أن نرصد أولاً الجو العربي واستعداده للتحرك على أرضية الانتصار.. وليس على أرضية اللامنتصر واللامهزوم.
سؤال..
إلى أي حد ستصبرون على الاحتلال الإسرائيلي سيادة الرئيس...
الرئيس الأسد..
هذا ما ستحدده المرحلة القصيرة المقبلة.. وأنا قلت في هذا الخطاب بشكل واضح بأن الأجيال الحالية ربما تكون آخر أجيال تقبل السلام.. فإذاً سينتهي هذا الصبر مع انتهاء صبر هذه الأجيال. بمعنى أن عملية المقاومة هي عملية شعبية.. ليست قرار دولة أن تبدأ بالمقاومة.. فعندها ربما تتجاوز الناس حكوماتها أو دولها وتقوم هي بهذا العمل المقاوم.. فتحرك عملية السلام كما نسمع الآن.. في منطقتنا وفي الغرب.. هناك حديث مكثف عن عملية السلام.. إن تحركت فربما تذهب العملية باتجاه المفاوضات.
سؤال..
سيادة الرئيس.. الكثيرون كانوا يتوقعون أن تنتفض سورية وتهب لنجدة المقاومة اللبنانية التي حاربت وحدها طيلة هذه الأسابيع.. كان البعض يتوقع أن تتخذ سورية إجراءً عسكرياً ما.. ليس فقط عندما حلقت بعض الطائرات الإسرائيلية فوق قصر الضيافة في اللاذقية وإنما حتى منذ سنتين عندما أغارت إسرائيل على موقع عين الصاحب التي كانت فيه الجبهة
الشعبية.. كانوا يتوقعون عندما قصفت القاع وذهب في هذه المجزرة عشرات من المواطنين السوريين.. ولكن سورية حافظت على أعصابها بشكل أثار الاستغراب...
الرئيس الأسد..
أولاً.. حزب الله لم يطلب النجدة من أحد.. وواضح تماماً بأنه حزب محضر بشكل جيد لخوض معركة قاسية جداً.. فهو لم يطلب النجدة من أحد.
ثانياً.. كما قلت قبل قليل الحزب والمقاومة اللبنانية.. والآن ربما هما جهة واحدة.. هما من يحق لهم أن يتحدثوا عمن قام بواجبه ومن لم يقم بواجبه.. لا يحق لنا أن نتحدث عن مدى ما قمنا به.. على الأقل من الناحية السياسية والمعنوية.. أما بالنسبة للقاع فهي ارض لبنانية في قلب لبنان..
من الجانب الآخر إسرائيل كانت تريد هذا الشيء.
سؤال..
كانت تريد استفزازكم...
الرئيس الأسد..
كانت تريد ذلك في المراحل الأولى.. هذه مجرد معطيات غير مدققة.. لكن نحن نعتقد أن انتصار حزب الله كان كافياً لتلقين إسرائيل الدرس.. وكما قلت قبل قليل عندما يخوض الجيش معارك.. يجب أن يخوضها لتحقيق هدف.. وعندما لا تكون الأمور مكتملة باتجاه تحقيق هذا الهدف يجب ألا تكون الحرب قضية انفعال.. بمعنى أن لها متطلبات معقدة.
سؤال..
أليس في سورية غيرة أن حزب الله حقق ما حققه وأن كل السوريين يجب أن تكون لديهم الغيرة أننا لم نستطع أن نحرر الجولان حتى تاريخه بأي وسيلة سواء كان بالجيش أم بالمقاومة...
الرئيس الأسد..
قبل هذه الحرب بعدة أشهر بدأ الحديث في سورية عن موضوع تحرير الجولان ولو انه بدىء على شكل حديث سياسي تثقيفي للأجيال الجديدة التي لا تعرف سوى عملية السلام ولا تعرف شيئاً عن المراحل التي سبقتها.. يسمعون الكثير عن السلام.. ولكن في الحقيقة لا يعرفون الكثير عن التحرير.. فبدأ طرح هذا الموضوع لأن عملية السلام متوقفة.. ماذا ننتظر! لا خيار سوى المقاومة أو الحرب.. إن لم نكن نرغب بالحرب فلنتجه باتجاه المقاومة.
هذا حديث بدأ ينتشر.. خاصة مع الذكرى الستين لعيد الجلاء في سورية في شهر نيسان الماضي.. هذه الحرب كرست هذه المقولة.. وأنا ذكرتها في الخطاب.. قلت إن تحرير الجولان بأيدينا وبعزيمتنا.. لكن هذه العزيمة بالنسبة لنا كدولة تأخذ الاتجاه السياسي وتأخذ الاتجاه العسكري.. كما قلت بالعودة لموضوع المقاومة هو قرار شعبي لا تستطيع أن تقول دولة ما.. نعم.. سنذهب باتجاه المقاومة.. هذا كلام غير منطقي.. الشعب يتحرك للمقاومة بمعزل عن دولته عندما يقرر هذا الشيء.
سؤال..
هل يمكن أن نشهد مقاومة مسلحة في الجولان...
الرئيس الأسد..
ذكرت الجواب سابقاً.. الشعب هو الذي يقرر.. أعود وأقول إذا لم يحقق السلام عودة الحقوق فهذا هو الخيار الطبيعي والبديهي.. والأمور ستذهب بهذا الاتجاه شئنا أم أبينا.
سؤال..
سيادة الرئيس.. تقول إن الشعب هو الذي يقرر.. هل الشعب مستعد.. كما تحس.. وأنت تعرف إحساس الشعب بالتأكيد.. هل الشعب مستعد للمقاومة المسلحة في الجولان...
الرئيس الأسد..
دائماً هناك تيارات وهناك رؤى.. هناك من يتحدث بشكل حماسي عن الدخول اليوم في هذا الموضوع.. وهناك من يقول يجب أن نحضر أنفسنا.. لكن هذه الحرب كرست هذا الخيار.. ويبقى ماذا تفعل أنت كدولة وكشعب لكي تحضر نفسك للحظة قد يكون فيها عدوان.. ليس بالضرورة أن يكون موضوع التحرير مهماً فقط لأن العدوان هو أيضاً أحد الاحتمالات العسكرية الهامة وماذا ستفعل لتحرير أرضك بالتوازي مع المسار السياسي.
سؤال..
سيادة الرئيس.. الشعب يكون مستعداً للتضحية عادة عندما يحس حقيقة أن البلد بلده.. وأنا أقدر إلى حد كبير قيمة الحريات وأحس ببلدي عندما أحس بالحرية فيها وعندما أحصل على حقوقي فيها.. ومن ضمن حقوقي في بلدي أن أتحدث بحرية. تتذكر سيادتكم عندما التقينا منذ عدة شهور وقلت لك أنه أين /بشار الأسد/ الذي كان يظهر دائماً بين الناس.. هذه هي الصورة التي رأيتها منذ ست سنوات في بداية حكمكم كنا دائماً نراك بين الناس..
العائلة الشابة التي تبشر بأنه يوجد دم جديد يمشي في أوردة الوطن.. لكن هذه الصورة غابت بعد وقت.. وأنا أقرن هذه الصورة مع الحديث عن الحريات لأنه في اعتقادي ليس كل المواطنين في سورية متمتعين بما يريدونه من حريات...
الرئيس الأسد..
هذه الصورة لم تتغير.. وأنا قبل الحرب بأسبوع كنت بين الناس.. دائماً أعيش حياة أقرب ما تكون إلى الطبيعية.. لم تتغير هذه الصورة.. ولم يتغير شيء سوى هذا الشهر الأخير نتيجة الظروف وضغط العمل في هذه الظروف الخاصة. وهذا شيء جيد.. عندما تعيش بين الناس تعرف حاجات الناس.. وتفهم المجتمع بشكل أكبر. لا تستطيع أن تطور بلداً فيه ملايين الناس..
فقط من خلال وجهة نظر شخصية.. بكل الأحوال أن تعيش في عائلة ومجتمع صغير.. مهما وسعت علاقاتك.. تبقى لديك رؤية محدودة نسبة إلى حجم الوطن الكبير.. فلا يكفي أن يكون هو الرئيس الشاب أو الرئيس الذي يعيش مع الناس لكي يكون قادراً على تحقيق كل ما يريده في زمن قصير.. هذا الشيء بحاجة لزمن طويل. نحن قطعنا خطوات.. نسير في هذا المجال بخطوات ثابتة.. لكن لدينا أيضاً وضوح في الأسس التي تسير عليها هذه العملية.. بمعنى أن هناك حريات في دول مجاورة أنت تعرفها ولكن لا نريد الحريات التي تستغل من الخارج.. وهذه موجودة.. الحريات ضمن إطار الوطن من
يعرف الإطار الوطني أيضاً... هذا موضوع آخر.. ولكن نحن كدولة علينا الآن أن نعرف هذا الموضوع لكي لا ندخل في إطار الفوضى ولا في إطار التبعية ولاحقاً في إطار التلاعب في وضعنا الداخلي.