سؤال..
وطبعاً كانت الخشية من الانتصار الذي أحرزه حزب الله مؤخراً وهنا الموضوع الثاني الذي سنتطرق إليه.. انتصار حزب الله في الواقع ليس فقط كما أراه أنا انتصارا عسكريا.. وإنما انتصار مؤسسي.. انتصار تنظيمي.
حزب الله الذي لم يتفوق فقط في الحرب وإنما تفوق في السلم بعد الحرب.. وأظن أن الكفاءة كانت بالغة بعدما انتهت الحرب في إصلاح ما تهدم وفي صرف التعويضات وإلى آخره. إنما لفت نظري قصة سمعتها البارحة قبل أن نلتقي.. وهي قصة أحد إخواننا السوريين هنا وتصادف أنه التقى تسعة أيتام لبنانيين فقدوا الأب والأم وأحب أن يستضيفهم وأن يصبحوا جزءاً من عائلته ليستمروا معه لكنه تفاجأ بعد أن اتخذ هذا القرار بأن رجال المقاومة في لبنان قالوا إن أبناء رجال المقاومة.. أبناء الجنوب.. حتى ولو كان الأمر في سورية.. حتى ولو كان أحد اخواننا.. نحن نريد لهم آباء وأمهات في المقاومة. رفضوا أن يستضافوا في أي مكان آخر. الحقيقة.. لفتت نظري هذه القصة البسيطة.. إنما دلت على أنهم ينتبهون إلى أولادهم الصغار أين ذهبوا ومن أين أتوا ومن فقد أباه ومن فقد أمه.
أريد أن أسأل سؤالاً.. لمن هذا الانتصار الذي حققته المقاومة... هل هو انتصار للبنان... هل هو انتصار لسورية... هل هو انتصار لفريق من العرب... هل هو انتصار لإيران... أم لمن بالضبط هذا الانتصار...
الرئيس الأسد..
من دون أدنى شك.. هو انتصار للبنان. ولا داعي لأن نوسع أكثر من ذلك مساحة الانتصار.. لأن من قاتل هم اللبنانيون.. ومن دفع ثمن العدوان الإسرائيلي هو لبنان. أغلبنا شاهد ما حصل عبر شاشات التلفزيون.. ولكن يحق لكل الدول العربية أن تفرح بهذا الانتصار.. وأن تعتبر بأنها تستطيع أن تربح من نتائج الانتصار.. أن تحقق شيئاً لمصلحتها. بالمحصلة.. قد يكون هناك انتصار غير مباشر للدول العربية.. أما الانتصار المباشر.. فلا أحد يستطيع أن يشارك اللبنانيين به. وهذا يرتبط بالقصة التي ذكرتها.
طبعاً هي درس لنا كدول عربية.. ويجب أن نستفيد منها أيضاً في سورية.
واضح تماماً أن صمود حزب الله السياسي قبل صموده العسكري.. وأن كل ما بناه حزب الله في الماضي.. هو الذي جعله يحقق هذا النصر اليوم.. ولكن لم
يكن بالإمكان تحقيق هذا الشيء.. السياسي أو العسكري.. من دون الاحتضان الشعبي. وهذا مؤشر صغير أو نموذج صغير للدول الأكبر لتعرف أن القرارات
الكبرى والانجاز الحقيقي والربح إنما يحصل بهذا الاحتضان.
سؤال..
عدد غير قليل من الحكام العرب لم يعتبروا أن هذا الانتصار لهم.
الرئيس الأسد..
من يحق له أن يقول بأن له دورا معنويا.. أو أقل أو أكثر من معنوي بهذا الانتصار.. من يحق له أن يقول هذا الكلام.. هم المقاومون. ربما تقوم أنت بالوقوف مع المقاومة.. ولكن يبقى دورك من دون تأثير.. وربما تقوم بدور بسيط ويكون له تأثير. من يحق له أن يحدد من ساهم في هذا الانتصار.. إن كانت هناك مساهمة.. هم المقاومون اللبنانيون.. ولبنان بشكل عام. أما نحن في سورية.. فلم نعتبر أنفسنا سوى جزء من الشعب العربي السعيد بهذا الانتصار. وبنفس الوقت قلت في خطابي أنه يجب أن نستفيد من هذا الانتصار لمصلحة عملية السلام. ونحن جزء من الدول العربية التي تستطيع أن تستفيد من هذه الحالة.
سؤال..
سيادة الرئيس في الحديث عن لبنان.. يجب أن أقول في البداية.. أنا كنت هنا في سورية منذ حوالي عشرة أيام أو أسبوعين. تشرفنا بلقائك وقتها.. وزرنا بعض الأماكن التي استضفتم فيها الوافدين. والحقيقة أعجبنا جميعا.. الوفد الشعبي المصري.. إعجاباً كبيراً بما قامت به سورية في هذا الوقت.
ونرجو أن يتذكره اللبنانيون دائماً. نحن كنا عبرنا عن امتناننا الكبير لكم وللدور الذي قمتم به في ذلك الوقت. طبعاً سورية تحملت مع لبنان عواقب ما حدث في الأسابيع الأخيرة.. لكن السؤال هو.. لماذا يتحمل لبنان لوحده.. أو في المقدمة.. لماذا يتحمل كل هذا العبء نيابة عن الأمة كلها.
أليس هذا سؤال يطرح في الوقت الحالي.. ويطرحه أكيد اللبنانيون...
الرئيس الأسد..
هذا يطرحه اللبنانيون عندما يفترضون أن ما يحصل في لبنان إنما يحصل بتكليف من دول عربية.. أو يقصدون من خلاله الإيحاء بأن هناك مقاومة في لبنان.. ربما فقط تحمل الجنسية اللبنانية من خلال أشخاصها.. ولكنها لم تصنع في لبنان ولا تقاتل من أجل لبنان وإنما تقاتل من أجل دول إقليمية أو صراعات دولية وما إلى ذلك. هذا الكلام غير صحيح هذا الكلام أنا
أرفضه طبعاً كنتائج.. وكما قلت هذه الحرب تستفيد منها كل الأمة العربية.. إن عرفت كيف تستفيد. لكن الثمن لا تدفعه الدول العربية.. بنفس الوقت لو كان هناك إجماع عربي ودعم للبنان خلال هذه الحرب لتحول الوضع وخفف عبئاً كبيراً عن لبنان.. بمعنى كي أوضح هذه النقطة.. لا شك بأن الولايات المتحدة وإسرائيل تمادوا في العدوان على لبنان نتيجة الموقف العربي أو الوضع العربي أو التفكك العربي.. هذه حقيقة.. لو كان هناك موقف عربي موحد صلب لما كان بالإمكان لإسرائيل أن تقوم بهذا النوع من العدوان الذي لم نره في السابق.. فإذاً هناك جوانب.. أنا أرى الموضوع من جانبين أردت أن أتحدث عن الجانبين.
سؤال..
سيادتك قلت في خطابك الأخير أمام اتحاد الصحافيين أن العدوان كان مخططاً مسبقاً.. كيف...
الرئيس الأسد..
أولاً.. من خلال المعلومات التي سربت من تحقيقات حصلت مع شبكة العملاء اللبنانيين لصالح إسرائيل.. سواء التي كشفت قبل الحرب أم التي كشفت خلال الحرب.. هذا دليل صارخ ودليل ملموس على أن الحرب محضرة وعلى أن الأهداف موجودة. النقطة الثانية.. هناك أحاديث أو مقالات تظهر في معظم الصحف الأميركية والبريطانية تتحدث عن هذا الموضوع ويقال بأن التخطيط بدأ فعلياً في عام /2004/.. ومن جانب آخر كان هناك قبل الحرب أحاديث عن شيء سيحصل.. وأعتقد بأن المقاومة في لبنان كانت محضرة لشيء ما ولكن لم يكن هناك وضوح.. ما أوضح الأمر بشكل كامل هو موضوع العملاء.
سؤال..
سيادتكم قلتم في خطابكم الأخير إن بعض الأطراف اللبنانية شاركت في هذا الإعداد.. ووصفت هذه الأطراف التي توصف بأنها الأكثرية أو الأكثرية النيابية بأنها منتج إسرائيلي.. في نفس الخطاب أيضاً تنبأت بأن حديثك عن هذا المنتج الإسرائيلي سيثير ضجة في وسائل الإعلام.. يعني أنكم كنتم تعرفون مسبقاً أنك وأنت تقول ما قلته ستثير ضجة هل كان المقصود عمداً استفزاز هذه القوى في لبنان...
الرئيس الأسد..
لا.. أنا كنت أوجه خطابي للشعب السوري.. نحن الآن في مفصل كبير جداً كما قلت عنه أنت في بداية الحديث.. مفصل تاريخي.. في هذه الحالة لا أستطيع أن أتكلم كلاماً دبلوماسياً.. وعموميات.. الأفضل ألا نتحدث.. أنا الآن أريد أن أعطي حقائق للشعب.. يجب أن يعرف كل مواطن في سورية من يتآمر علينا ومن لا يتآمر. وأريد أن أوضح نقطة عندما قلت جماعة إسرائيل لا اقصد تحديداً الأكثرية.. الأكثرية هي أكثرية منتخبة.. هناك من ينطبق عليه هذا القول وهناك من لا ينطبق عليه ذلك.. على سبيل المثال كان وزير الخارجية السوري في زيارة للبنان منذ أسابيع قليلة خلال الحرب والتقى رئيس الحكومة وهو من الأكثرية.. قبلها اتصل به رئيس الوزراء السوري وأيضاً تحدث معه عن التعاون وماذا يمكن أن تقدم سورية للبنان خلال الحرب.. لذلك قصدت بهذا التيار بعض الرموز المعروفة وجزء منها له تاريخياً علاقة مع إسرائيل منذ الغزو الإسرائيلي للبنان.. البعض الآخر بدأ بالتعامل مع الموقف الإسرائيلي وليس بالضرورة إسرائيل.. ليس بالضرورة أن تكون لدينا معطيات كاملة.. من خلال القرار /1559/ والذي قال المسؤولون الإسرائيليون بأنهم هم من سعوا من أجله.. وهم تبنوا هذا القرار.. القرار /1680/ الذي يضرب العلاقة السورية اللبنانية لمن هذا القرار... هل هو من أجل سورية أو من أجل لبنان... من أجل إسرائيل.
الحرب الأخيرة فضحت هذه المواقف لذلك كان لا بد من الحديث بشكل واضح.. هذا بالنسبة لنا في سورية. من جانب آخر عندما نقول بأن ما قامت به هذه المقاومة منذ بداية الحرب حتى نهايتها بمعزل عن الانتصار أو النتائج..
لا أريد أن أقول أن ما قامت به هو من أجل العرب.. وإنما كان هناك تعاطف عربي ودعم عربي شعبي وأكثر من شعبي حتى رسمي في كثير من الأحيان لهذه المقاومة.. المعروف بأنهم تبنوا الورقة الأمريكية الفرنسية الأولى.. ولولا تغير الأوضاع الميدانية لكانت هي القرار /1701/.. فهذه القوى سارت بكل هذه المخططات ضد المقاومة فهي من ناحية المقاومة التي تعنينا كعرب.. ولا أتحدث عن المقاومة كموضوع داخلي لبناني.. وإنما كموضوع يعني الآن أي مواطن عربي.. وترى أنت الآن أعلام حزب الله في كل مكان.. فهم تآمروا مع إسرائيل بهذين الاتجاهين.