اولا يعطيك الف عافية على مجهودك هذا، الحقيقة انا لم اظن في يوم من الايام ان نقاشا حول صحة الدين بين شخصين -يتبع كل منهما دينا مختلفا - سيقود في نهاية المطاف الى اقناع احد منهما اذ ان لكل منهما مرجعياته وقناعاته وايمانه لكنني امل ان يحترم كل منا اراء الاخر ودينه (حتى وان خالفت ايمانه الاشخصي).
السياق والخروج عنه
لقد استشهدت بعدة مقولات من العهد الجديد واعلنت انها تتنبأ بالنبي محمد (ص) <لاحظ احترامي لمعتقداتك رغم مخالفتها ايماني>:
اقتباس:
(( يا أولاد الأفاعي من أراكم أن تهربوا من الغضب الآتي... والآن قد وضعت الفأس على أصل الشجر، فكل شجرة لا تصنع ثمراً جيداً تقطع وتلقى في النار، أنا أعمدكم بماء التوبة، ولكن الذي يأتي بعدي هو أقوى مني، الذي لست أهلاً أن أحمل حذاءه، هو سيعمدكم بالروح القدس ونار، الذي رفشه في يده، وسينقي بيدره ويجمع قمحه إلى المخزن، وأما التبن فيحرقه بنار لا تطفأ ))
|
لقد قمت بتفسير هذا النص المأخوذ من متى 7/3-12 بتصرف (تم حذف بعض العبارات واشرت لذلك بـ"..." ولا بأس بهذا اذ ان المعنى العام لم يتغير). اردت ان اقدم تفسيري لهذه القطعة ولكنني (لقلة خواصي) ساكتفي بكتابة النص الذي مباشرة بعده:
((حينئذ ظهر يسوع؛ فأقبل من الجليل الى الاردن، الى يوحنا المعمدان ليعتمد منه. فأخذ يوحنا يمانعه، قائلا: " أنا المحتاج أن اعتمد منك... وأنت تأتي اليّ " فأجابه يسوع، وقال :" دعني الان افعل؛ اذ يليق بنا ان نكمل كل بر". حينئذ تركه. فلما اعتمد يسوع، خرج على الفور من الماء؛ واذا السماوات قد انفتحت له، وروح الله ينزل بشكل حمامة، ويحل عليه. واذا صوت من السماء يقول:"هذا ابني الوحيد الذي به سررت".)) متى 13/3-17
لا اظنني بحاجة الى ان اضيف شيئا فمن الواضح من النص ان المقصود في القطعة الاولى هو يسوع المسيح، كل ما عليك هو قراءة النص كاملا وفهم السياق الذي ورد فيه (هذا ما قالته لي معلمة العربية في الصف الثالث باحد دروس فهم المقروء).
اقتباس:
يقول متى أن التلاميذ سألوا المسيح ما قصده :
(( "فسألوه قائلين: يا معلّم متى يكون هذا؟ وما هي العلامة عندما يصير هذا؟
فقال: انظروا لا تضلوا، فإن كثيرين سيأتون باسمي قائلين: إني أنا هو، والزمان قد قرب، فلا تذهبوا وراءهم، فإذا سمعتم بحروب وقلاقل فلا تجزعوا، لأنه لا بد أن يكون هذا أولاً، ولكن لا يكون المنتهى سريعاً.
ثم قال لهم: تقوم أمة على أمة، ومملكة على مملكة، وتكون زلازل عظيمة في أماكن ومجاعات وأوبئة، وتكون مخاوف وعلامات عظيمة من السماء....))
|
لم افهم قصدك. ان "قيام امة على امة" هي كناية عن الحرب وكذلك الامر بقيام "مملكة على مملكة" ولا ادري كيف يبرهن ذلك على صحة الاسلام فالحروب موجودة منذ بدء التاريخ ولا اظنها بدأت مع الاسلام (بل انني اعارض هذه المقولة واعتبرهل عنصرية من الدرجة الاولى) ولا اظنك تؤمن بذلك.
اذا قصدت القول ان ورود كلمة "امة" في العهد الجديد (مفضلا عدم قراءة السياق الذي وردت فيه) هو دليل على التنبؤ بمجيئ الامة الاسلامية فاقول لك ان كلمة امة لا تخص الامة الاسلامية فقط واذكر قوله تعالى <لاحظ مرة اخرى مدى احترامي لأيمانك> {يا ايها الناس انا خلقناكم شعوبا وامما لتعارفوا...} وكذلك بوجود مؤسسة تدعى الامم المتحدة وبمؤلَّف اقتصادي شهير يدعى "ثروة الامم" الخ...
ان كان لك قصد اخر فاستمحيك عذرا.
شعب الله المخ طار
مع الاعتذار لشهيد الفن والقضية ناجي العلي الذي اقتبست عنوان هذه الفقرة من احد رسومه.
اقتباس:
((قال لهم يسوع: أما قرأتم قط في الكتب: الحجر الذي رفضه البناؤون هو قد صار رأس الزاوية، من قبل الرب كان هذا، وهو عجيب في أعيننا، لذلك أقول لكم: إن ملكوت الله ينزع منكم ويعطى لأمة تعمل أثماره، ومن سقط على هذا الحجر يترضض، ومن سقط هو عليه يسحقه. ))
|
ان كنت لا تعلم فان اليهود يؤمنون انهم شعب الله المختار وان الله (حسب ايمانهم) غيور على شعبه (اي اليهود) وعلى هذا الاساس فان اليهودية هي دين قبلي (كما كان في القدم لكل قبيلة الهها الخاص) بعكس المسيحية والاسلام. هنا القصد ان اليهود لم يعودوا بمجيئ المسيح شعب الله المختار بل ان كافة امم العالم ستبشر بالدين الحق (بحسب ايماني انا) <لاحظ اضافة هذه العبارة الاعتراضية من اجل الا امس مشاعرك> وهذا كل ما في الامر.
على فكرة لقد ادعيت ان محمد(ص) هو نفسه ملكوت الله ولكن يرد في القطعة " إن ملكوت الله ينزع منكم ويعطى لأمة تعمل أثماره" فهل كان محمد (ص) موجودا في ذلك الزمان؟ (ان هذا سؤال بلاغي). لا بد ان المقصود بملكوت الله هو شيئ اخر.
سؤال اخر، لم يرد بالنص ان الامة التي سينتقل اليها ملكوت السماوات مرذولة فمن اين جئت بهذا الادعاء (ليس هذا بسؤال بلاغي).
قواعد النحو العبرية
لا اظنك تعرف العبرية (ان كنت اخطأت بحقك بقولي هذا فانني اعتذر منك). انني اتكلم هذه اللغة بطلافة عجز عنها بعض اليهود (اذ انني اعيش في بقعة داخل الوطن العربي لكن الجنسية التي احملها ليست لدولة عربية، بكلمات اخرى فانني عربي من النوع الذي يحلو لباقي العرب اقران انتمائنا العربي ببعض الارقام كـ 48 مثلا وهناك من يتشاءم من هذا الرقم فيقرن عروبتنا بالداخل - ولست ادري اي داخل هذا-) وبحكم ذلك يمكنني ان اطلع على التوراة نصها الاصلي (المحرّف حسب رأيك) ولهذا اقول لك بعض النقاط املا ان تتقبلها:
- ان تعبير اخوة لا يعني ما قصدته بل معناه قريب من معنى "جماعتنا" العامي اي ان المقصود بالنص نبي اخر من بني اسرائيل.
اقتباس:
ولم يقم بعد نبي في إسرائيل مثل موسى الذي عرفه الرب وجها لوجه)) (التثنية: 34/10)
في التوراة السامرية ما يمنع صراحة قيام مثل هذا النبي في بني إسرائيل فقد جاء فيها:
(" ولا يقوم أيضاً نبي في بني إسرائيل كموسى الذي ناجاه الله" ) (التثنية 34/10).
|
- هناك في النحو العبري واو تسمى واو القلب فان جاءت قبل فعل يفيد معنى المستقبل فانها تقلب المعنى وتحوله الى الماضي، ولهذا فان المعنى كما ورد في الترجمة العربية "لم يقم بعد" اي لم يقم من قبل.
النقاط والحروف
كما تعلم فان النقاط (على الاحرف) والحركات (من فتحة وضمة الخ) لم يكن لها من وجود في لغتنا العربية عند تدوين القران ولكنها اضيفت عليه بعد مرور سنين طويلة. لقد تعلمت هذا في احد دروس التاريخ وقد قال الاستاذ وقتها ان احد المصاعب في تحقيق ذلك انه من الممكن لنفس الجملة ان تحمل معنيين متناقضين ان كُتبت بغير تنقيط او تحريك وساق لنا وقتها مثالين اولهما

(ان جاءكم علي فاقبلوه)) اذ ان هذه الجملة يمكن ان تقرأ ((ان جاءكم علي فاقتلوه)) ولكن من الواضح ان القصد هي اقبلوه فعلي هو ابن عم الرسول وهو من الصحابة. اما المثال الثاني فكان (ويا لسخرية الاقدار) نفس ما سقت انت دليلا على نبوة محمد (ص):
اقتباس:
{غلبت (هزمت) الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون(سينتصرون ثانية) في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد } (الروم: 2-5)
|
فالسؤال الذي تم طرحه هل القصد سيَغلبون ام سيُغلَبون ولكن بما ان التحريك تم بعد ان غَلب الروم الفرس فقد تم التحريك بحيث يلائم المعنى الحدث التاريخي.
اذكرك انه (بحسب الايمان الاسلامي) فان القران منزل فهو كلام الله ولذلك فانه لا يحتمل الخطأ ولكنه لم ينزل مكتوبا بل تم جمع الايات وتدوينها فيما بعد (في عهد عثمان على ما اعتقد) ومن ثم زيدت النقاط على الحروف (بعهد الحجاج) ومن ثم زيدت الحركات (لست ادري باي عهد) ولذلك فاننا نرى ان عملية التدوين ثم التنقيط ومن بعدها التحريك قام بها بشر وهم غير معصومين عن الخطأ مهما حاولوا وقد قاموا بذلك بعد سنين طويلة من نزول القران (رغم تأكدي من حرصهم الا انهم بشر).
على فكرة يرد بالانجيل فقرة يتنبأ بها المسيح بخراب القدس (وقد حدث ذلك فعلا سنة 71 ميلاديا اذ هدمها الروم بقيادة تيطس) وترد في متى 1/24-27 اعذرني ان لم اكتب الفقرة كلها فهي طويلة واظنك تملك انجيلا ويمكنك الاطلاع عليها.
الخاتمة
اخيرا (وليس اخرا) فانني اود ان اعتذر منك ان رأيت في بعض تعليقاتي التي وردت بين <> اهانة لايمانك فهي عكس ذلك تماما لقد اردت ان استفزك (استفزازا ايجابيا) بحيث ترى كيف يمكنك باضافة كلمة هنا وجملة هناك ان تحترم معتقدات الاخر، راجيا ان تكون صياغة الحوارات بيننا نابعة عن احترام متبادل (والاحترام اساس اي حوار) فالدين لله والوطن للجميع.
ملحوظة: ارجو ان تقرأ ردي كاملا (على طوله) وان ترد علي اذ
يهمني ان اسمع رأيك