عرض مشاركة واحدة
قديم 12/08/2006   #2
post[field7] dot
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ dot
dot is offline
 
نورنا ب:
May 2006
مشاركات:
3,276

افتراضي


لم يثن هذا الفشل المتكرر عزيمة هاريل الذي أعلن عن اقتناعه أن الطفل موجود خارج إسرائيل وفي مكان ما بأوروبا. فأقام خلية عمل مكلّفة بالبحث عنه في باريس. ولم يتم العثور على الطفل فاتجه فريق من الموساد إلى أميركا الجنوبية والولايات المتحدة الأميركية.

ألقت الشرطة البريطانية على عشرة من عملاء الموساد كانوا قد تزيّوا بهيئة «متدينين» مع لحى مزيفة وشاركوا في الاجتماع الديني صباح يوم سبت في كنيس بضواحي لندن. لكن جرى الإفراج عنهم سرا وسريعا عن طريق تدخل السفارة الإسرائيلية لدى السلطات المعنية.
جرت في تلك الأثناء دعوة حاخام متشدد حقيقي إلى باريس للإشراف على عملية ختان أحد صبيان عائلة يهودية غنية، استقبله في المطار حاخامان بثياب سوداء على غرار أزياء المتطرفين اليهود، ولم يكونا في الحقيقة سوى اثنين من عناصر الموساد.

وقد جاء في التقرير الذي أرسلاه لمسؤولهما: «اقتيد الحاخام إلى أحد مواخير شارع بيغال من دون أن يعتريه أي شك حول طبيعة المكان. دخلت عاهرتان كنّا قد دفعنا لهما الأجر إلى غرفته وألقيتا نفسهما عليه. التقطنا له صورا ثم عرضناها عليه مع التهديد بنشرها إذا لم يخبرنا عن مكان الطفل. لكنه أقنعنا بعدم معرفته مكان وجوده فقمنا بتمزيق الصور أمامه».

هناك حاخام آخر هو شاي فراير اعترض عملاء الموساد طريقه عندما كان يقصد جنيف قادما من باريس. بدا أن هذا الاحتمال الجديد لا يؤدي إلى أية نتيجة. مع ذلك أصدر هاريل الأوامر باعتقال الحاخام في مقر الموساد بجنيف حتى نهاية التحقيق خشية أن يقوم بإخطار المجموعات اليهودية المتطرفة كلها.

هناك سبيل آخر بدا واعدا وتمثل في مادلين فراي ابنة الأسرة الأرستقراطية الفرنسية التي كانت أنقذت الكثير من الأطفال اليهود أثناء الحرب العالمية الثانية، وكانت تتردد بعد ذلك كثيرا نعلى إسرائيل حيث قابلت بعض أعضاء الفرقة المتطرفة، وكانت هي نفسها قد اعتنقت اليهودية. في شهر أغسطس 1926 حدد عملاء الموساد مكان إقامتها في إحدى ضواحي باريس.

قابلت مادلين عملاء الموساد بجفاء عندما قدّموا أنفسهم لها، فجاء هاريل نفسه لمقابلتها وشرح لها الظلم الكبير الواقع على والدي الطفل يوزيل. أكّدت مادلين أنها لا تعرف شيئا عن الأمر، فطلب منها هاريل رؤية جواز سفرها، كانت توجد تحت صورتها صورة لابنتها فأشار رئيس الموساد لأحد عناصره كي يعطيه صورة ليوزيل. كان الشبه كبيرا إلى حد التماثل بين الوجهين. فاتصل هاريل حالا بتل أبيب وقال:

«أعرف كل ما أحتاج معرفته عن مادلين من أبسط تفاصيل حياتها الغرامية عندما كانت طالبة إلى قرارها الالتحاق بالحركة اليهودية المتطرفة بعد تخليها عن مسيحيتها. لقد قلت لها، كما لو أنني أملك البرهان القاطع، إنها صبغت شعر الطفل يوزيل بغية إخراجه من إسرائيل. نفت كل شيء».

لكنها اعترفت أخيرا بكل شيء وكيف أنها سافرت كسائحة إلى حيفا بحرا. وبعد أسبوع خرجت أمام الشرطة قاصدة زيوريخ جواً بعد أن ألبست يوزيل ثياب طفلة وصبغت شعره.

أمضى يوزيل بعض الوقت في مدرسة تلمودية متطرفة في جنيف ثم اصطحبته مادلين إلى نيويورك. وعندما سألها هاريل عن مكان وجوده الراهن أعطته العنوان في بروكلين بنيويورك، وأن اسمه أصبح يانكال جيرتنر. عندها قال لها هاريل مبتسما:

«شكرا مادلين، وإنني أرغب عرض منصب عليك في جهاز الموساد. فموهبتك يمكنك أن تقدم خدمات كبرى لإسرائيل». ورفضت مادلين ذلك. طار عملاء الموساد إلى نيويورك حيث كان ينتظرهم فريق من عناصر مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي بطلب خاص من بن غوريون إلى وزير العدل الأميركي. وصل الجميع إلى العنوان.
فتحت السيدة «جيرتنر» لهم الباب، دخلوا فوجدوا الأب يصلي وبجانبه طفل شاحب وعلى رأسه القلنسوة اليهودية وخصلتا شعر طويلتان تتدليان على وجهه. فقال له أحد عملاء الموساد «مرحبا يوزيل. نحن هنا كي نعيدك إلى أهلك». هكذا مضت ثمانية أشهر منذ بداية البحث وأُنفق مليون دولار في العملية.

لم يمنع هذا النجاح الذي حققه هاريل من تقديمه استقالته بتاريخ 25 مارس 1963 بعد حملة شائعات وتشهير قادها مائير اميت، رئيس جهاز «أمان» وخلف «هاريل» على رأس الموساد. كان عمر هاريل آنذاك خمسين عاما. وانتهت باستقالته حقبة من تاريخ الجهاز الإسرائيلي.

الأولوية للتجسس

بعد عدة دقائق فقط من جلوسه خلف مكتبه الجديد استدعى أميت رؤساء الدوائر. لقد اصطفوا أمامه، ونظر إليهم بهدوء واحدا بعد الآخر، ليقول لهم بعد ذلك أنه لن تكون هناك بعد آلان مهمات البحث عن أطفال، وأعطى الأولوية للتجسس.

وبعد فترة قصيرة من استلام أميت منصبه حضر إلى السفارة الإسرائيلية بباريس شخص قدّم نفسه باسم «سلمان». وقال أنه يمكن أن يقدم، مقابل مليون دولار، إحدى الطائرات المقاتلة الأكثر مضاء آنذاك أي «الميغ-21». وختم سلمان حديثه بالجملة الغريبة التالية: «ما عليكم سوى إرسال أحدهم إلى بغداد. وهناك يقوم بالاتصال بهذا الرقم ويطلب جوزيف، ولا تنسوا تحضير المليون دولار».

عرض الدبلوماسي مضمون المحادثة على جاسوس إسرائيلي موجود في السفارة حافظ على موقعه رغم التغييرات التي قام بها مائير أميت. وأرسل الجاسوس بدوره المعلومات إلى تل أبيب مع رقم الهاتف الذي أعطاه «سلمان».

حيّرت القضية أميت، فمن جهة هناك خشية أن يكون سلمان عميلا مزدوجا جندته الاستخبارات العراقية من أجل نصب فخ للموساد. وهناك خطر الكشف عن عملاء الموساد في العراق. لكن كان إغراء الحصول على الميغ-21 كبيرا أيضا، إذ كان مسؤولو الطيران الإسرائيليون على استعداد لدفع ملايين الدولارات للحصول على المعلومات الخاصة بها.

قال أميت نفسه حول تلك القضية: «كنت أفكر بها قبل أن أنام وحالما أستيقظ، وكل الأوقات بينهما عندما تكون لديًّ دقيقة فراغ. فمعرفة السلاح المتقدم للعدو هي أولوية بالنسبة لكل جهاز استخبارات، والحصول على طائرة من هذا النوع أمر شبه مستحيل». اختار أميت للعميل الموفد إلى بغداد اسما وجواز سفر بريطانيين:

جورج بيكون الذي ذهب بصفة مدير مبيعات في شركة لندنية مختصة بتصنيع أجهزة التصوير الشعاعي الطبي. وصل إلى بغداد بطائرة تابعة للخطوط الجوية العراقية ومعه عدة صناديق من العينات، بل وأظهر كفاءة عالية حيث باع عدة أجهزة لمستشفيات عراقية.

في بداية الأسبوع الثاني لإقامته اتصل بيكون بالرقم المعني. وينقل عنه المؤلف قوله: «اتصلت من هاتف مدفوع الأجر في بهو الفندق. ذلك أن خطر التنصت أقل مما هو في الغرفة. رفع أحدهم السماعة عند الرنّة الأولى وسأل بالفارسية عن المتحدّث.

فأجبت بالإنجليزية معتذرا بغموض وكأنني قد أخطأت بالرقم. فطلب مني المتكلم - بالإنجليزية هذه المرّة - الافصاح عمّن أكون. فقلت إنني صديق لجوزيف، وهل يعرف أحدا بهذا الاسم؟ فرجاني الانتظار. قلت لنفسي إنهم يحاولون الآن تحديد موقع الهاتف الذي أتحدّث منه وأنني ربما وقعت في الفخ. لكن شخصا ودودا قال لي أن اسمه جوزيف وأنه مسرور لاتصالي. وسألني إن كنت أعرف باريس. كان هو الشخص المقصود قلت لنفسي».

جرى اللقاء ظهر اليوم الثاني في أحد مقاهي بغداد. يقول بيكون عن اللقاء: قال لي جوزيف أنه مسرور لرؤيتي (...). وتحدث عن المطر والطقس الجميل (...). فهمت أنه ليس عميلا في جهاز مكافحة التجسس، فهدأت انفعالاتي، وقلت له أن أصدقائي مهتمون جدا بالسلعة التي تحدث عنها صديقه.

فأجابني: «سلمان ابن أخي. يعيش في باريس كنادل في مقهى. جميع الندل الجيدون غادروا». ثم اقترب من الطاولة وأضاف: «أنت هنا من أجل الميغ؟ أستطيع جلبها لك. لكن هذا كلفته مليون دولار».

ثم طلب العجوز عدم التحدث حيث هما، وحددا موعدا في أحد الأماكن العامة على ضفة الفرات في اليوم التالي. لم تغمض عينا «بيكون» تلك الليلة بسبب هاجس أن فخا قد نُصب له إمّا من قبل الاستخبارات العراقية وإمّا من قبل عصابة من المحتالين الدهاة.

قدّم له موعد اليوم الثاني إيضاحات أكثر عن شخصية جوزيف ودوافعه. إنه ينتمي في الأصل إلى عائلة يهودية فقيرة.

عمل عندما كان فتى لدى عائلة مارونية غنية صرفته من الخدمة بعد 30 سنة من العمل. فوجد نفسه في الشارع وعمره 50 سنة. واعتراه وهو بتلك الحالة الحنين إلى جذوره اليهودية.

عبّر عن رغبته تلك لأخته المدعوة مانو التي كان ابنها منير قائدا لطائرة مقاتلة في سلاح الطيران العراقي. فأخبرته مانو بأنها تحلم هي أيضا بالهجرة إلى إسرائيل. لكن كيف؟

بقيت الفكرة في ذهن جوزيف، وسمع منير يردد أمامه عدة مرّات أثناء الطعام أن رئيسه لا يكف عن القول بأن الإسرائيليين مستعدون لدفع مليون دولار من أجل إلقاء نظرة واحدة على طائرته. هكذا رسخ مبلغ المليون دولار في رأسه.

وفكر جوزيف بهجرة جماعية تترك الأسرة كلها في اطارها العراق دفعة واحدة. كان منير شديد التعلق بوالدته وعلى استعداد لفعل أي شيء من أجلها، وقد يقبل الفرار بطائرته.

13-05-2007

مدونتــي :

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 


  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04636 seconds with 10 queries