الحقيقة
لاتكن ودودا فهذا زمن الحقد
لاتكن وفيا فهذا زمن الغدر
لاتكن نقيا فهذا زمن الوحل
لاتكن عاطفيا فهذا زمن الجليد
لاتكن موهوبا فهذا زمن التافهين
لاتكنقمة فهذا زمن الحضيض
لاتكن شجرة فهذا زمن الفؤوس
لاتحن على طفل فهذا زمن العجزة والمسنين
لاتغث ملهوفا فهذا زمن الابواب المغلقة
لاتستجر بصديق او جار او قريب بقصيدة او لوحة بجد او جدة فهذا زمن التنكر والمتنكرين
لاتصدر اي صوت ولو في دورة المياه فهذا زمن الوشاة والمخرين
ثم لاتقطع صلتك بقاض فقد يصبح متهما
بمتهم ..... فقد يصبح حارسا
بحارس ...فقد يصبح لصا
بلص ...فقد يصبح ثريا
بثري ... فقد ييصبح متسولا
بمتسول ....فقد يصبح رصيفا
برصيف ...فقد يصبح حذاء
لاتقطع صلتك بشي فاي شي قد يصبح كل شي
ولكن الانسان الذي لا يستطيع الا ان يكون ودودا ووفيا وبريئا وشامخا وطفلا ماذا يفعل ؟
هل يبقع ثيابه بالوحل ويموه راسه بالحشائش والاغصان ويختبئ في الكهوف وشعاب الجبال ؟
لن يكون اكثر براعة وخبرة من غيفارا
هل يلجا الى الاديرة وبيوت الاولياء ؟
لن يكون احسن حظا من البابا شنودة
اذن لامفر لنا من ان نظل ودودين واوفياء وعاطفيين وصادقين وشامخين
سنظل ابرياء ولو بقوة الرصاص , فمهما كانت السيوف طويلة لن تكون بطول الزمن
فلقد راينا وقرانا عن الكثير من الاقدام المغلولة الحافية تحت لهيب الصحراء وهي تدوس على ظلال المنتصرين
ولكن انا الفلسطيني المرقع بالف وطن ولا وطن لي
انا الهائم كبقعة الزيت العائمة كل الشواطئ ترفضها ومعظم الدول تطاردها وتتعقب اثارها ...اين استقر ؟
فلسطين
ليس لي اطفال ... انت طفلتي
ليس لي اصدقاء ... انت صديقتي
ليس لي تاريخ ... انت تاريخي
ليس لي مستقبل ... انت مستقبلي
انت المشيمة التي تربطني بما تبقى من سحر الوطن والعروبة ومن متعة النوم والاستيقاظ والتدخين والمناقشة
ولكن كف اراكي وقد سملوا عيني ؟
كيف اصل اليكي وقد بتروا قدمي ؟
كيف اشم رائحتك وقد جدعوا انفي ؟
كيف اعانقك وقد اوثقوا يديّ ؟
كيف انطق باسمك واكياس الرمل حول فمي ؟
يا الهي !
امنحيني قوة الفولاذ ورقة الفراشة
جمود الصخر ومرونة الراقصة لاعبر يومي بسلام
امنحيني عقل انشتاين لاستوعب ما يجري على الساحة العربية
وجسد سميرة توفيق لاتحمل ما يجري
امنحيني غباء الاوزة لاصدق ما ارى
وبراءة جان دارك لاؤمن بما اسمع وارى
امنحيني ارجل العنكبوت لاتعلق انا وكل اطفال الشرق بسقف الوطن لتمرّ هذه المرحلة
((( محمد الماغوط )))
يسوع ما بقيلي غيرك ...... ما تتركني
|