... والموقف العربي
كيف سيتصرف العرب تجاه المشروع الاميركي؟
صدرت تصريحات عربية كثيرة استنكرت فرض المشروع من الخارج. كان آخرها تصريح الرئيس المصري حسني مبارك والملك السعودي فهد بن عبد العزيز. ويقول البعض، ان القمة العربية التي ستعقد في تونس، قد تعالج الموضوع، وتقترح سلوكا معينا، او موقفا تجاهه. لكن لا بد من سرد بعض الملاحظات عن القمة وما ننتظر منها:
- اصبحت القمم العربية كقمم اصدار التوصيات فقط، اما القرار الفعلي فهو في مكان آخر.
- ان دولا عربية كثيرة قد بدأت اصلا في تنفيذ المشروع الاميركي، على الاقل في بُعد الاصلاحات وفي مجال التعليم والممارسة الديموقراطية (السعودية، قطر، البحرين، الكويت... الخ).
- اذا قرر العرب عبر القمة معارضة المشروع، يبقى الامر في التنفيذ. فنصفها، اي نصف الدول العربية، هي اصلا في المعسكر الاميركي.
وبعضها هو مع صلح ما مع اسرائيل. لذلك علينا عدم توقع قرارات مهمة في هذا المجال من الاجتماع المقبل للجامعة العربية.
***
في الختام، عندما اتى الغرب كمستعمر بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وسقوط السلطنة العثمانية، فرض على المنطقة نظاما سياسيا جديدا عُرف بالدولة - الامة Nation-State، وهو مفهوم كان ولا يزال تقريبا غريبا عن تاريخنا في المنطقة، وعن تاريخ وعينا وفكرنا السياسي. لم يكن العالم العربي مُعداً عندها لتقبّل هذا الفرض. هذا في الوقت الذي كان الغرب فيه قد عايش هذا النظام واختبره لاكثر من 500 عام. بعد 50 عاماً من التطبيق العربي لهذا المفهوم، تردّى الوضع العربي اكثر فأكثر وبتنا في قعر اللوائح التي تصنّف دول العالم بين متقدمة ومتأخرة. بعد 11 ايلول، يأتي الغرب نفسه - لكن مع الولايات المتحدة الآن - ليفرض نظاما جديدا، هو الشرق الاوسط الكبير من ضمن مفهوم العولمة، والعرب ايضا غير معدين له.
ونسأل هنا: هل نسير بالمشروع، او نعانده ونقاومه؟ واذا قررنا الممانعة، فكيف وبمن؟ ففي المرحلة التي تلت الحرب العالمية الثانية، قاومنا مفهوم الدولة - الامة، لاننا اردنا الوحدة، لكننا عدنا وسرنا به مرغمين. وبعد ان سرنا به مرغمين، رحنا نتشبث به، ونقاتل بعضنا البعض للحفاظ على الحدود الفاصلة بين الامة العربية. واصبحت الدولة - الامة، مطلبنا بامتياز، بعدما كانت مرفوضة. فماذا يحمل لنا المستقبل تجاه المشروع الجديد؟ فعلى الاقل يمكن الدول العربية، مجتمعة او فرادة، ان تضرب اميركا ضربة استباقية Pre-emptive، فتعمد الى تغيير سلوكها الشاذ والذي قتل الروح والابداع العربيين، وتقود هي مشروع التنمية في العالم العربي. فهل هذا ممكن؟ بالطبع، فالقرار سياسي بامتياز، والمطلوب قيادات تاريخية، فأين هي؟ اللهم نجِّ الشعب العربي.
* كاتب وباحث استراتيجي، استاذ محاضر في جامعة سيدة اللويزة، وعميد ركن متقاعد.
1- هذا مع التذكير ان المفكر الاميركي الاستراتيجي البحري الفرد ماهان هو اول من اطلق تسمية الشرق الاوسط
2 - W. Laqueur, No End to War, Continuum, NY, 2003, PP-22
3 - National Security Strategy (NSS)
4 - جريدة صدى البلد، تاريخ 23/2/2004
5 - WWW.foreignpolicy.com, March / April 2004