المساعدة القانونية للناس العاديين
في الوقت الذي نفذت فيه الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة والبنك الدولي بالفعل مبادرات كثيرة لتشجيع الاصلاح القانوني والقضائي, فان معظمها يجرى على المستوى الوطني في مجالات مثل التدريب القضائي والادارة القضائية واصلاح النظام القانوني. ويمكن لمبادرة من مجموعة الثماني ان تكمّل هذه الجهود بتركيز الانتباه على مستوى الناس العاديين في المجتمع, حيث يبدأ التحسس الحقيقي للعدالة. ويمكن لمجموعة الثماني ان تنشئ وتموّل مراكز يمكن للافراد ان يحصلوا فيها على مشورة قانونية بشأن القانون المدني او الجنائي او الشريعة, ويتصلوا بمحامي الدفاع (وهي غير مألوفة الى حد كبير في المنطقة). كما يمكن لهذه المراكز ان ترتبط بكليات الحقوق في المنطقة.
مبادرة وسائل الاعلام المستقلة
يلفت تقرير التنمية البشرية العربية الى هناك اقل من 53 صحيفة لكل 1000 مواطن عربي, بالمقارنة مع 285 صحيفة لكل الف شخص في البلدان المتطورة, وان الصحف العربية التي يتم تداولها تميل الى ان تكون ذات نوعية رديئة. ومعظم برامج التلفزيون في المنطقة تعود ملكيته الى الدولة او يخضع لسيطرتها, وغالباً ما تكون النوعية رديئة, اذ تفتقر البرامج الى التقارير ذات الطابع التحليلي والتحقيقي. ويقود هذا النقص الى غياب اهتمام الجمهور وتفاعله مع وسائل الاعلام المطبوعة, ويحد من المعلومات المتوافرة للجمهور. ولمعالجة ذلك, يمكن لمجموعة الثماني ان:
* ترعى زيارات متبادلة للصحافيين في وسائل الاعلام المطبوعة والاذاعية.
* ترعى برامج تدريب لصحافيين مستقلين.
* تقدم زمالات دراسية لطلاب كي يداوموا في مدارس للصحافة في المنطقة او خارج البلاد, وتمول برامج لايفاد صحافيين او اساتذة صحافة لتنظيم ندوات تدريب بشأن قضايا مثل تغطية الانتخابات او قضاء فصل دراسي في التدريس في مدارس بالمنطقة.
الجهود المتعلقة بالشفافية / مكافحة الفساد
حدد البنك الدولي الفساد باعتباره العقبة المنفردة الاكبر في وجه التنمية, وقد اصبح متأصلاً في الكثير من بلدان الشرق الاوسط الكبير. ويمكن لمجموعة الثماني:
* أن تشجع على تبني "مبادئ الشفافية ومكافحة الفساد" الخاصة بمجموعة الثماني.
* أن تدعم علناً مبادرة منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية/ برنامج الامم المتحدة للتنمية في الشرق الاوسط - شمال افريقيا, التي يناقش من خلالها رؤساء حكومات ومانحون وIFIs ومنظمات غير حكومية استراتيجيات وطنية لمكافحة الفساد وتعزيز خضوع الحكومة للمساءلة.
* اطلاق واحد او اكثر من البرامج التجريبية لمجموعة الثماني حول الشفافية في المنطقة.
المجتمع المدني
أخذاً في الاعتبار ان القوة الدافعة للاصلاح الحقيقي في الشرق الاوسط الكبير يجب ان تأتي من الداخل, وبما ان افضل الوسائل لتشجيع الاصلاح هي عبر منظمات تمثيلية, ينبغي لمجموعة الثماني ان تشجع على تطوير منظمات فاعلة للمجتمع المدني في المنطقة. ويمكن لمجموعة الثماني ان:
* تشجع حكومات المنطقة على السماح لمنظمات المجتمع المدني, ومن ضمنها المنظمات غير الحكومية الخاصة بحقوق الانسان ووسائل الاعلام, على ان تعمل بحرية من دون مضايقة او تقييدات.
* تزيد التمويل المباشر للمنظمات المهتمة بالديموقراطية وحقوق الانسان ووسائل الاعلام والنساء وغيرها من المنظمات غير الحكومية في المنطقة.
* تزيد القدرة التقنية لمنظمات غير الحكومية في المنطقة بزيادة التمويل للمنظمات المحلية (مثل "مؤسسة وستمنستر" في المملكة المتحدة او "مؤسسة الدعم الوطني للديموقراطية" الاميركية) لتقديم التدريب للمنظمات غير الحكومية في شأن كيفية وضع برنامج والتأثير على الحكومة وتطوير استراتيجيات خاصة بوسائل الاعلام والناس العاديين لكسب التأييد. كما يمكن لهذه البرامج ان تتضمن تبادل الزيارات وانشاء شبكات اقليمية.
* تمول منظمة غير حكومية يمكن ان تجمع بين خبراء قانونيين او خبراء اعلاميين من المنطقة لصوغ تقويمات سنوية للجهود المبذولة من اجل الاصلاح القضائي او حرية وسائل الاعلام في المنطقة. (يمكن بهذا الشأن الاقتداء بنموذج "تقرير التنمية البشرية العربية".)
ثانياً - بناء مجتمع معرفي
"تمثل المعرفة الطريق الى التنمية والانعتاق, خصوصاً في عالم يتسم بعولمة مكثفة". (تقرير التنمية البشرية العربية, 2002)
لقد اخفقت منطقة الشرق الاوسط الكبير, التي كانت في وقت مضى مهد الاكتشاف العلمي والمعرفة, الى حد بعيد, في مواكبة العالم الحالي ذي التوجه المعرفي. وتشكل الفجوة المعرفية التي تعانيها المنطقة ونزف الادمغة المتواصل تحدياً لآفاق التنمية فيها. ولا يمثل ما تنتجه البلدان العربية من الكتب سوى 1,1 في المئة من الاجمالي العالمي (حيث تشكل الكتب الدينية اكثر من 15 في المئة منها). ويهاجر حوالى ربع كل خريجي الجامعات, وتستورد التكنولوجيا الى حد كبير. ويبلغ عدد الكتب المترجمة الى اللغة اليونانية (التي لا ينطق بها سوى 11 مليون شخص) خمسة اضعاف ما يترجم الى اللغة العربية.
وبالاستناد على الجهود التي تبذل بالفعل في المنطقة, يمكن لمجموعة الثماني ان تقدم مساعدات لمعالجة تحديات التعليم في المنطقة ومساعدة الطلاب على اكتساب المهارات الضرورية للنجاح في السوق المعولمة لعصرنا الحاضر.
مبادرة التعليم الأساسي
يعاني التعليم الأساسي في المنطقة من نقص (وتراجع) في التمويل الحكومي, بسبب تزايد الاقبال على التعليم متماشياً مع الضغوط السكانية, كما يعاني من اعتبارات ثقافية تقيّد تعليم البنات. وفي مقدور مجموعة الـ8 السعي الى مبادرة للتعليم الأولي في منطقة الشرق الأوسط الكبرى تشمل هذه العناصر:
* محو الأمية: أطلقت الأمم المتحدة في 2003 "برنامج عقد مكافحة الأمية" تحت شعار "محو الأمية كحرية". ولمبادرة مجموعة الـ8 لمكافحة الأمية ان تتكامل مع برنامج الأمم المتحدة, من خلال التركيز على انتاج جيل متحرر من الأمية في الشرق الأوسط خلال العقد المقبل, مع السعي الى خفض نسبة الأمية في المنطقة الى النصف بحلول 2010 . وستركز مبادرة مجموعة الـ8, مثل برنامج الأمم المتحدة, على النساء والبنات. واذا اخذنا في الاعتبار معاناة 65 مليوناً من الراشدين في المنطقة من الأمية, يمكن لمبادرة مجموعة الـ8 أن تركز أيضا على محو الأمية بين الراشدين وتدريبهم من خلال برامج متنوعة, من مناهج تدريس على انترنت الى تدريب المعلمين.
* فرق محو الأمية: يمكن لمجموعة الـ8, سعياً الى تحسين مستوى القراءة والكتابة لدى الفتيات, انشاء أو توسيع معاهد تدريب المعلمين مع التركيز على النساء. ولمعلمات المدارس والمختصات بالتعليم القيام في هذه المعاهد بتدريب النساء على مهنة التعليم (هناك دول تحرم تعليم الذكور للاناث), لكي يركزن بدورهن على تعليم البنات القراءة وتوفير التعليم الأولي لهن. للبرنامج أيضاً استخدام الارشادات المتضمنة في برنامج "التعليم للجميع" التابع لـ"يونيسكو", بهدف اعداد "فرق محو الأمية" التي يبلغ تعدادها بحلول 2008 مئة الف معلمة.
* الكتب التعليمية: يلاحظ تقرير التنمية البشرية العربية نقصاً مهماً في ترجمة الكتب الأساسية في الفلسفة والأدب وعلم الاجتماع وعلوم الطبيعة, كما تلاحظ "الحالة المؤسفة للمكتبات" في الجامعات. ويمكن لكل من دول مجموعة الـ8 تمويل برنامج لترجمة مؤلفاتها "الكلاسيكية" في هذه الحقول, وأيضاً, وحيث يكون ذلك مناسباً, تستطيع الدول أو دور النشر (في شراكة بين القطاعين العام والخاص) اعادة نشر الكتب الكلاسيكية العربية الخارجة عن التداول حالياً والتبرع بها الى المدارس والجامعات والمكتبات العامة المحلية.
* مبادرة مدارس الاكتشاف: بدأ الأردن بتنفيذ مبادرته لانشاء "مدارس الاكتشاف" حيث يتم استعمال التكنولوجيا المتقدمة ومناهج التعليم الحديثة. ولمجموعة الـ8 السعي الى توسيع هذه الفكرة ونقلها الى دول اخرى في المنطقة من طريق التمويل, من ضمنه من القطاع الخاص.
* اصلاح التعليم: ستقوم "المبادرة الأميركية للشراكة في الشرق الأوسط" قبل قمة مجموعة الـ8 المقبلة (في آذار/ مارس أو نيسان/ أبريل) برعاية "قمة الشرق الأوسط لاصلاح التعليم", التي ستكون ملتقى لتيارات الرأي العام المتطلعة الى الاصلاح والقطاع الخاص وقادة الهيئات المدنية والاجتماعية في المنطقة ونظرائهم من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي, وذلك لتحديد المواقع والمواضيع التي تتطلب المعالجة, والتباحث في سبل التغلب على النواقص في حقل التعليم. ويمكن عقد القمة في ضيافة مجموعة الـ8 توخياً لتوسيع الدعم لمبادرة منطقة الشرق الأوسط الكبرى عشية عقد القمة.