الموضوع: نزار قبانى
عرض مشاركة واحدة
قديم 21/07/2006   #218
صبيّة و ست الصبايا maro18
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ maro18
maro18 is offline
 
نورنا ب:
Aug 2005
المطرح:
فى عينيك عنوانى
مشاركات:
2,017

افتراضي


بانتظار غودو




1
ننتظرُ القطارْ
ننتظرُ المسافرَ الخفيَّ كالأقدارْ
يخرجُ من عباءةِ السنينْ
يخرجُ من بدرٍ ، من اليرموكِ ،
من حطّينْ ..
يخرجُ ..
من سيفِ صلاحِ الدّينْ ..
من سنةِ العشرينْ
ونحنُ مرصوصونَ ..
في محطّةِ التاريخِ ، كالسّردينْ ..
يا سيّداتي سادتي :
هل تعرفونَ ما حُريّةُ السّردينْ ؟
حينَ يكونُ المرءُ مضطرّاً
لأن يقولَ رغمَ أنفهِ : (آمينْ)
حينَ يكونُ الجرحُ مضطرّاً
لأن يُقبّلَ السكّينْ ..
يا سيّداتي سادتي :
من سنةِ العشرينْ
ونحنُ كالدجاجِ في أقفاصنا
ننظرُ في بلاهةٍ
إلى خطوطِ سكّةِ الحديدْ
أفقيّةٌ حياتُنا ..
مثلَ خطوطِ سكّةِ الحديدْ
ضيّقةٌ .. ضيّقةٌ
مثلَ خطوطِ السكّةِ الحديدْ
ساعاتُنا واقفةٌ
لا اللهُ يأتينا .. ولا موزّعُ البريدْ
من سنةِ العشرينْ ، حتى سنةِ السبعينْ
نجلسُ في انتظارِ وجهِ الملكِ السعيدْ
كلُّ الملوكِ يشبهونَ بعضَهمْ
والملكُ القديمُ ، مثلُ الملكِ الجديدْ

2
ننتظرُ القطارْ
ونحملُ البيارقَ الحمراءَ ، والأزهارْ
تمضغُنا مكبّراتُ الصوتِ في الليلِ
وفي النهارْ
تنشرُنا إذاعةُ الدولةِ بالمنشارْ
إنتبهوا !
إنتبهوا !
خمسينَ يوماً - ربّما - تأخّرَ القطارْ
خمسينَ عاماً - ربّما - تأخّرَ القطارْ
تقيّحتْ أفخاذُنا من كثرةِ الجلوسْ
تقيّحَتْ ..
في رأسنا الأفكارْ
وصارَ لحمُ ظهرِنا
جزءاً من الجدارْ
جاؤوا بنا عشرينَ ألفَ مرّةً
تحتَ عويلِ الريحِ والأمطارْ
واستأجروا الباصاتِ كي تنقلنا
ووزّعوا الأدوار ..
وعلّمونا .. كالقرودِ الرقصَ
والعزفَ على المزمارْ
ودرّبونا ..
- ككلابِ الصيد - كيفَ ننحني
للقادمِ المسكونِ بالدهشةِ والأسرارْ
إذا أتى القطارْ ..

3
لم نَرَهُ ..
لكنَّ مَن رأوهُ فوقَ الشاشةِ الصغيرهْ
يبتلعُ الزجاجَ ..
أو يسيرُ كالهنودِ فوقَ النارْ
ويُخرجُ الأرانبَ البيضاءَ من جيوبهِ
ويقلبُ الفحمَ إلى نُضارْ
يؤكّدونَ أنّهُ ..
من أولياءِ اللهِ .. جلَّ شأنُهُ
وأنَّ نورَ وجههِ يحيِّرُ الأبصارْ ..
وأنّهُ سيحملُ القمحَ إلى بيوتنا
والسمنَ .. والطحينَ .. بالقنطارْ
ويجعلُ العميانَ يبصرونْ
ويجعلُ الأمواتَ ينهضونْ
ويزرعُ الحنطةَ في البحارْ
وأنّهُ - في سنواتِ حكمهِ -
يُدخلنا لجنّةٍ ..
من تحتها تنسكبُ الأنهارْ
لم نرَهُ ..
ولم نقبّلْ يدهُ
لكنَّ مَن تبرّكوا يوماً بهِ ..
قالوا بأنَّ صوتَهُ
يُحرّكُ الأحجارْ ..
وأنّهُ ..
وأنّهُ ..
هوَ العزيزُ الواحدُ القهّارْ ..


ورؤوس الناس على جثث الحيوانات
ورؤوس الحيوانات على جثث الناس
فتحسس رأسك
فتحسس رأسك!
اذا كان احد قد اعترض طريقنا فمن المحتمل ان نكون نحن قد اعترضنا طريق شخص ما.
فأنا التى اخترت منذ البداية ان اخسر العالم كله على أمل ان اربح نفسى.
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04823 seconds with 10 queries