عرض مشاركة واحدة
قديم 21/07/2006   #48
شب و شيخ الشباب HashtNasht
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ HashtNasht
HashtNasht is offline
 
نورنا ب:
Oct 2003
المطرح:
قدامك ...مانك شايفني !
مشاركات:
3,438

افتراضي فكر تشي غيفارا السياسي ( تتمة )


المبدأ الأممي

لا يمكن فهم أممية تشي سوى على ضوء إنسانيته الثورية. فهو يرى أن وحدة مصالح المستغَلين في بقاع الأرض واقع له نتائج سياسية ملموسة. وكان يعرِف الأممي الحقيقي بما هو القادر على « إحساس القلق كلما اغتيل إنسان في مكان ما في العالم و التحمس كلما رفعت راية حرية جديدة في مكان ما » وبما هو الذي يحس « بكل اعتداء ، وكل إهانة لشرف الإنسان وسعادته، بصفتهما إهانة لشخصه أيا كان موقع حدوثهما بالعالم ». وينبغي ممارسة هذا المبدأ الأممي وتطويره عبر تضامن ملموس بين الشعوب المناضلة ضد الإمبريالية وعبر مساعدة اقتصادية وعسكرية من البلدان الاشتراكية للشعوب السائرة إلى تحررها. وأوضح في « خطاب الجزائر» (فبراير 1965) كيف ينبغي على البلدان الاشتراكية ألا تقيم علاقات اقتصادية مع بلدان العالم الثالث على قاعدة علاقات تبادل لامتكافئة قائمة على قانون القيمة. غير أن ذلك ما حدث، لاسيما في كوبا، في إطار « قسمة العمل الاشتراكية » التي نظمها الكوميكون. كانت البلدان الاشتراكية المصنعة، لاسيما الإتحاد السوفيتي، تقيم علاقات تبعية اقتصادية قوية إزاء شركائها. وكان ستالين ينهج تلك السياسة بهدف تطوير تبعية البلدان الاشتراكية «للرفيق الأكبر» السوفيتي. وتدفع كوبا اليوم غاليا عواقب تلك السياسة.
وانطلاقا من أزمة الصواريخ عام 1962 بوجه خاص، لما كان خطر تدخل أمريكي في كوبا داهما، اقتنع تشي أن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تتدخل ضد كل ثورة في أمريكا اللاتينية. فطور انطلاقا من ذلك فكرة تضامن أممي وتصد منظم على مستوى أمريكا اللاتينية ضد الإمبريالية الأمريكية. وكان كذلك معنى التزامه في حرب الغوار ببوليفيا سنة 1967 التي اعتبرها نقطة انطلاق ثورة على صعيد القارة. ولكن سرعان ما امتد تصوره للمبدأ الأممي إلى المستوى العالمي ، وبوجه خاص مع مسألة دعم نضال الشعب الفيتنامي ضد الإمبريالية الأمريكية، لاسيما لحظة تشديد هذه الأخيرة تدخلها العسكري. وطور تحليله سنة 1967 في رسالة إلى منظمة القارات الثلاث Tricontinentale حيث أوضح أن تدخل الإمبريالية في كل مكان بالعالم يستدعي تصديا من الثوريين في نفس المستوى، ليس عبر مساعدة الدول الاشتراكية للشعوب المناضلة وحسب، بل عبر تضامن أممي بين الشعوب التي عليها واجب محاربة الإمبريالية في أي مكان قصد إضعافها. كان تشي يرى وجوب مساعدة فعالة لفيتنام طليعة النضال المناهض للإمبريالية. وصرح في مؤتمر ما بين القاراتIntercontinentale « فيتنام، فيتنامان، ثلاث فيتنامات، فيتنامات عديدة ذاك ما يحتاجه العالم !». والهدف إرغام الإمبريالية على تشتيت قواها وعلى هذا النحو مساعدة نضال الشعب الفيتنامي بشكل ملموس. كان تشي يعيد الارتباط عبر هذا التصور الأممي مع الأهداف الأولى للأممية الشيوعية قبل أن تغدو أداة في خدمة سياسة الإتحاد السوفيتي الخارجية. وقد طبق تصوره بالدفع بحرب الغوار ببوليفيا وبالمشاركة فيها، حيث كانت أحد أهدافها فتح جبهة جديدة ضد الإمبريالية.
وبعيدا عن منظور عالم- ثالثي محض للمبدأ الأممي، كان لدى تشي تصور مرتبط بتصور الصراع الطبقي على المستوى العالمي، حيث كان يرى أن المواجهة بين البروليتاريا والبرجوازية على الصعيد العالمي هي المحددة، وأن تضامنا بين بروليتاريا مختلف البلدان ضروري، بما في ذلك بين بروليتاريا بلدان المتروبول الإمبريالية وبروليتاريا بلدان العالم الثالث. على هذا النحو كان يتصور الثورة العالمية وإقامة الشيوعية التي لن تتحقق سوى على الصعيد العالمي. هكذا كان يعيد الصلة مع التصور الحقيقي لأممية الحركة العمالية.

فكر تشي الاقتصادي

بعد الثورة الكوبية، انطرحت مسألة تحقيق الاشتراكية وإلاجراءات الاقتصادية اللازمة لبلوغها. و شارك تشي مباشرة في ذلك النقاش (كان حينئذ رئيس البنك الوطني ووزير الصناعة ). وتشكل فكره خلال النقاش الاقتصادي الذي شهدته كوبا عامي 1963 و1964. تناول ذلك النقاش المشاكل الاقتصادية بكوبا وكذلك مسائل ذات طابع نظري أكثر مرتبطة بتصور الاشتراكية. ودافع تشي عن تصوراته ضد الذين يدافعون عن النموذج السوفيتي.
وهنا انتسب تشي مرة أخرى إلى أفكار لينين. وتمثل العنصر المحدد بنظره بخصوص كوبا في كون الثورة الاشتراكية انتصرت في بلد متخلف. ثمة إذا تناقض بين علاقات الإنتاج والقوى المنتجة في طور الانتقال إلى الاشتراكية. أي أنه يمكن اتخاذ إجراءات ملموسة وبرغماتية على المستوى الاقتصادي للتقدم نحو مجتمع إشتراكي. وبذلك يرفض كل تصور ميكانيكي أو دوغمائي للفكر الاقتصادي الماركسي، معتبرا أن مقاربة ديالكتيكية للمسألة ( تفاوت علاقات الإنتاج والقوى المنتجة ) وحدها قادرة على تحديد السياسة الاقتصادية.
يتمحور فكر تشي الاقتصادي حول فكرة وجوب ميل التدابير المتخدة على الصعيد الاقتصادي، خلال المرحلة الانتقالية، إلى تجاوز الرأسمالية و التقدم نحو مجتمع اشتراكي. بعد قول هذا كان واعيا أن هذا التغيير يتطلب وقتا وأن بعض عناصر الاقتصاد الرأسمالي ستظل حاضرة خلال مرحلة بكاملها. وهكذا لا يمكن لقانون القيمة الذي ينظم إشتغال السوق في النظام الرأسمالي أن يزول فورا، ولكن يجب أن تميل السياسة الاقتصادية المطبقة إلى إزالة علاقات اقتصاد السوق. كان يرى في مسألة التخطيط مسألة رئيسية. إذ أنها تمثل التدخل الواعي للإنسان في تدبير الاقتصاد وتضع أسس مجتمع اشتراكي. وعلاوة على ذلك، يميز تشي بين التخطيط الممركز والتخطيط البيروقراطي المطبق بالاتحاد السوفيتي. وتجدر الإشارة هنا إلى أنه ، من وجهة نظر عالمية،كان تشي ضد تصور التخطيط الاشتراكي الذي دافع عنه الاتحاد السوفيتي بهدف تطوير تبعية كوبا، كالبلدان الأخرى « السائرة في فلكه» ، إزاء « الشقيق الأكبر » السوفيتي. إن مسألة الرقابة الديموقراطية، تلك المسألة الأساسية للانتقال إلى اقتصاد اشتراكي مسير ذاتيا، هي التي في الرهان. يوضح هذا الوجه من فكر تشي مواقفه بصدد الجزائر التي كانت، من نواح عديدة في وضع مماثل.
في تلك المرحلة، شارك إرنست ماندل، أحد أبرز قادة الأممية الرابعة، في النقاش الاقتصادي، مدافعا عن تصور لمرحلة الانتقال إلى الاشتراكية قريب من تصور تشي. أما في ما يتعلق بمسائل الميزانية وتمويل الأنشطة الاقتصادية، فقد كان تشي يتصورها في إطار التخطيط وعبر تدبير اقتصادي مراقب من هيئات مركزية.

الإنسان الجديد

كان تشي يقول: « من أجل بناء الشيوعية يجب تغيير الإنسان و القاعدة الاقتصادية ». ُطرحت خلال النقاش الاقتصادي في كوبا مسألة حفز البشر إلى النشاط الاقتصادي. و تواجه تصوران : تصور الحوافز المادية وتصور الحوافز المعنوية. وكان تشي معارضا للتصور الذي يعتبر الحوافز المادية ضرورية لإتاحة مستوى نمو اقتصادي من شأنه القضاء على أشكال السلوك الفردي القائمة في ظل الرأسمالية. و جلي بنظره أن تغيير السلوك الإنساني لا يصبح واقعا بين عشية وضحاها، بل لا بد من ارتباطه بالتغييرات البنيوية في المجتمع. وهكذا قد يتيح التعليم ومشاركة الجماهير في الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية... تغيير سلوك الأفراد. كان واجبا إذن تأسيس مشاركة الناس في النشاط الاقتصادي إلى ابعد حد على حوافز معنوية، أي على مشاركة حقيقية في القرارات وفي التسيير الاقتصادي وعلى تطوير الوعي السياسي. وفي هذا الإطار يندرج، بنظر تشي، العمل التطوعي. إذ يرى فيه أولى الخطوات نحو مستقبل العمل في ظل الشيوعية. إنه مشاركة العمال الواعية في بناء الاشتراكية، ويجب أن يلغي فصل العمل اليدوي عن العمل الذهني. وهنا أيضا توجد مسألة الرقابة الديموقراطية على سيرورة التغيير الاقتصادي، في صلب النقاش.

J.S: Death is the solution to all problems. No man = No problem.
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03754 seconds with 10 queries