عرض مشاركة واحدة
قديم 20/07/2006   #119
صبيّة و ست الصبايا flonna
شبه عضو
-- اخ حرٍك --
 
الصورة الرمزية لـ flonna
flonna is offline
 
نورنا ب:
Feb 2006
مشاركات:
31

افتراضي الحرية


الحرية

ثم قال له خطيب: هات حدثنا عن الحرية.
فأجاب قائلا:
قد طالما رأيتكم ساجدين على ركبكم امام ابواب المدينة والى جوانب المواقد تعبدون حريتكم.
وأنتم بذلك اشبه بالعبيد الذين يتذللون امام سيدهم العسوف الجبار يمدحونه وينشدون له وهو يعمل السيف في رقابهم.
نعم، وفي غاية الهيكل، وظل القلعة، كثيرا ما رأيت اشدكم حرية يحمل حريته كنير ثقيل لعنقه وغل متين ليديه ورجليه.
رأيت كل ذلك فذاب قلبي في اعماق صدري، ونزفت دماؤه، لأنكم لا تستطيعون ان تصيروا احراراً حتى تتحول رغبتكم في السعي وراء الحرية الى سلاح تتسلحون به، وتنقطعوا عن التحدث بالحرية كغايتكم ومحجتكم.
****
إنكم تصيرون احراراً بالحقيقة اذا لم تكن ايامكم بلا عمل تعملونه ولياليمكم بلا حاجة تفكرون بها، او كآبة تتألمون لذكراها.
بل تكونون احراراً عندما تمنطق هموم الحياة وأعمالها احقاءكم بمنطقة الجهاد والعمل، وتثقل كاهلكم بالمصاعب والمصائب، ولكنكم تنهضون من تحت اثقالها عراة طليقين.
لأنكم كيف تستطيعون ان ترتفعوا الى ما فوق ايامكم ولياليكم اذا لم تحطموا السلاسل التي انتم انفسكم في فجر ادراككم قيدتم بها ساعة ظهيرتكم الحرة؟
الا ان ما تسمونه حرية انما هو بالحقيقة اشد هذه السلاسل قوة، وان كانت حلقاته تلمع في نور الشمس وتخطف ابصاركم.
***
وماذا يجدر بكم طرحه عنكم لكي تصيروا احراراً سوى كسر صغيرة رثة في ذاتكم البالية؟
فإن كانت هذه الكسر شريعة جائرة وجب نسخها، لأنها شريعة سطرتها يمينكم وحفرتها على جبينكم.
بيد انكم لا تستطيعون ان تمحوها عن جباهكم بإحراق كتب الشريعة التي في دواوينكم، كلا، ولا يتم ذلك بغسل جباه قضاتكم، ولو سكبتم عليها كل ما في البحار من المياه.
وان كانت طاغية تودون خلعه عن عرشه فانظروا اولاً ان كان عرشه القائم في اعماقكم قد تهدم.
لأنه كيف يستطيع طاغية ان يحكم الاحرار المفتخرين، ما لم يكن الطغيان اساساً لحريتكم والعار قاعدة لكبريائهم؟
وان كانت هماً ترغبون في التخلص منه فإن ذلك الهم انما انتم اخترتموه ولم يضعه احد عليكم.
وان كانت خوفاً تريدون طرده عنكم فإن جرثومة هذا الخوف مغروسة في صميم قلوبكم وليست في يدي من تخافون.
الحق اقول لكم، جميع الاشياء تتحرك في كيانكم متعانقة على الدوام عناقاً نصفيا: كل ما تشتهون وما تخافون، ما تتعشقون وما تستكرهون، ما تسعون وراءه وما تهربون منه.
جميع هذه الرغبات تتحرك فيكم كالأنوار والظلال.
فإذا اضمحل الظل ولم يبق له من اثر، امسى النور المتلألئ ظلاً لنور آخر سواه.
وهكذا الحال في حريتكم، اذا حلت قيودها امست هي نفسها قيداً لحرية اعظم منها.

من السهل ان تعرف كيف تتحرر ولكن من الصعب ان تكون حراً
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.02790 seconds with 10 queries