ــ قطر وليبيا والسودان ...!
لذا فعند التحليل السياسي للمواقف التي صدرت من هذه الدول يتضح لنا بأن هناك بعض الدول وعلى ما يبدو كانت تنتظر هذه الفرصة لتنتفض بوجه المملكة السعودية، وتحديدا بوجه ( آل سعود ) ولقد لعبت هذه النقطة أهمية كبيرة بأن تصطف بعض الدول مع دمشق بدافع توجيه رسالة الى السعودية، ومفادها ( لقد وصل السيل الزبى منكم يا آل سعود ) ولهذا نحن على يقين أن ليبيا مع سوريا لنفس السبب، إضافة أن هناك قيادة ليبية نهجت ولازالت تنهج النهج القومي ( نسأل الله الثبات عليه ) وكذلك هناك السودان الذي يمتاز بمواقف عروبية ومبدئية تستحق التقدير لذا فالسودان لن يبتعد عن الدول التي قررت الإصطفاف مع دمشق ... فأما قطر فهي دولة تشكر على موقفها الأخير، وهي الدولة الوحيدة التي تقول الأمور بصراحة، فعندما فتحوا تمثيلا إسرائيليا في قطر قالوها على الملأ وبطريقة العلن، وعلى العكس من الدول الأخرى وفي مقدمتها السعودية التي لها علاقات مع الكثير من الإسرائيليين المهمين وتنفي ذلك، وهكذا بعض الدول العربية الأخرى، وهو نوع من النفاق السياسي، ولكن مع هذا لعب الجدل والشد التاريخي بين الرياض والدوحة دورا كبيرا بأن تكون قطر مع دمشق كي تغيض الرياض، ناهيك أن الدوحة تتطلع الى موقع دولي كبير في مجلس الأمن والمنظمات الدولية الكبرى، وأن إسرائيل دعمتهم في قضية مقعدهم في مجلس الأمن، وأن وجودها على ضفة دمشق شيئا محمودا، وربما قرأتها قطر قراءة صحيحة ،خصوصا وأن دمشق يراد لها الحصار والإحتواء والعزل التام عن العالم .
حيث ....(( الخطة ))... عزلها تماما من جهة لبنان، وهي معزولة أصلا من جهة إسرائيل ، وكذلك من جهة العراق حيث قوات الإحتلال تتحكم بمصير هذا البلد ومن هنا أوعزوا الى مستشار الأمن القومي ( موفق الربيعي ) ليصعّد هذه الأيام ضد مشق، وهناك شبه عزل من جهة تركيا ، أما من جهة الأردن فهناك الأردن الذي إصطفت مع الذين يريدون إسقاط النظام في دمشق ولقد تحركت قطعات عسكرية أردنية نحو الحدود مع سوريا حسب التقارير الأخيرة، لذا لم يبق لسوريا منفذا غذائيا في حالة الحصار لا سمح الله، وكذلك لم يبق شبكا للتفاهم مع العالم فلهذا ستكون الدوحة هي الشباك الذي من خلاله سيتم التفاهم بين دمشق والعالم في حالة الحصار، وتكون الرئة الإقتصادية والسياسية والدبلوماسية لدمشق، مثلما كانت الأردن الرئة للعراق، وتحت مبدأ ( مصائب قوم عند قوم فوائد ) وفي حالة تحقيق هذا العزل سوف لن تستطيع طهران إسعاف دمشق، أو إبعاد الخطر عنها، لهذا يجب أن تنتبه القيادة السورية لهذه النقطة بالذات، كي لا تٌحمل القيادة السورية والشعب السوري كثيرا من المجاملات غير الواقعية من الجانب الإيراني !!.
ولا ننسى أن قضية إيران لعبت دورا في تقارب الدوحة ودمشق أيضا، حيث ان هناك دول تريد من خلال اصطفافها مع دمشق ان تبعث برسالة الى طهران مفادها أننا مغلوب على أمرنا ولكننا نؤيد ما أنتم ذاهبون اليه، وتريد تجنب ردة الفعل نحوها فيما لو أقدمت الولايات المتحدة على عمل عسكري ضد طهران لأن هناك معلومات مؤكدة تقول أن هناك صواريخ جاهزة صوب قطر في حالة الإعتداء الأميركي على إيران، وجميعها موجهه بإتجاه المنشآت والقواعد الأميركية في قطر، ولكن ستبقى جميع الأمور والمواقف لحين ساعة الصفر وتحت شعار ( تؤخذ الأمور بخواتيمها ) وحينها سيتم الفرز ... ويارب تكون العواقب سليمة وليس كل ما يريده الرئيس بوش يتحقق في منطقتنا، فلابد من وقفة موحدة من أجل رفض الإملاءات التي جعلت الأمة العربية في حالة يُرثى لها ..
لهذا فمعركة حزب الله يجب أن لا تتوقف فبتوقفها سيؤخذ الحزب على حين غره، وسوف يدخل لبنان والشعب اللبناني في أنفاق مظلمة، وسوف تطوق دمشق ويبدأ العد التنازلي للأذى المباشر، لذا لابد من الإستمرار في المعركة لحين تحقيق سطوة عربية من ( جبهة دمشق ومن معها ) على القرارات والخطوات التي تخص المنطقة والدول العربية وعملية السلام وقضية لبنان، وهي فرصة تاريخية لسوريا والى حزب الله المضي قدما في التلاحم، وكذلك هي فرصة للشعب اللبناني للتخلص من الحفنة السياسية التي كشفت عن ضحالة سياسية وجوع الى المتاجرة بكل شيء ابتداء من الثروات وحتى الأجساد / وبنفس الوقت هي فرصة لبلورة كيان عربي من الدول التي توحدت مع سوريا ولبنان ....... فإنظر هناك الشعب اللبناني والفلسطيني والعراقي الذي يُذبح كل دقيقة وثانية وهم يتكلمون وينوحون ويبكون ويولولون على البورصة الخليجية التي هبطت فيها الأسهم، فنقول الى السيد نصر الله ( لا نريدها ان تهبط فقط بل نريدها ان تنتهي تماما، وتعود الناس الى رشدها ودينها وعروبتها، والكف عن المتاجرة بالأوطان والأديان والشعوب والأعراض والتراب !!) ، وقد ينتقدنا أحدهم بأننا متشائمون فنقول له نعم أننا متشائمون وهناك أجندة خفية ضد دمشق ولبنان والعراق معا، وهناك سكاكين لاح بريق نصلها لحز رقبة دمشق إن لم نقل خنقها، لذا لابد من العمل والتفكير والصمود والدفاع، و قد يزعل أحدهم ويقول لا داعي لكشف أوراق الدول التي أصبحت مع دمشق، فنقول له إن زمان التستر على المساوئ والسلبيات وتبويس اللحى قد ولى وحل مكانه زمن الوضوح والشفافية والمكاشفة، وأصبحت الأمور واضحة وتُحسب بالمصالح حتى بين العرب ولم لا، فلنعلب هذه اللعبة ونحضن البيت السوري، ولكن لنخبر من جاء وأصبح معنا ( يا عمي ... جزاك الله خيرا ... ولكننا نعرف أنك جئت الى هنا وأصبحت معنا لحسابات خاصة بك، وهذا حقك، ولكن عليك أن تكون واضحا معنا بما تقدمه وبما تريده منّا ... والأصغاء الى مانريده منك ... فأن وافقت فعلى بركة الله ).
ب ــ اليمن والجزائر ...!
لا ننكر أن هناك علاقة طيبة بين الشعوب العربية المشرقية وتحديدا في العراق وسوريا ولبنان وفلسطين و الشعب الجزائري، وهناك وشائج حميمه بين تلك الأطراف والجزائر شعبا وحكومات، ولقد أحتضنت الجزائر معظم زعماء حركات التحرر العربي، وخصوصا حركات اليسار العربي ومعهم زعماء الحركات القومية، وإحتضنت معظم الكوادر العليا وأكثرية الكوادر الوسطية من الفلسطينيين، لهذا هناك إلتحام شعبي إتجاه ما يحدث في العراق وما حدث أخيرا في لبنان، وما سيحدث في سوريا لا سمح الله، وهذا بحد ذاته ضغط قوي جدا على القيادة الجزائرية التي لا يمكنها أن تحيد عن الخط الوطني هذا السبب الأول، أما السبب الثاني فقد حسبتها الجزائر على إن الملكيات تصطف مع الملكيات، وحلفاء واشنطن يصطفون معا، لذا فالجزائر والتي لديها مشكلة مع الملكيات من خلال ملف ( الصحراء الغربية ) أي مع المغرب لا تريد الوقوف هناك حيث المغرب، وأن لم تعلن ذلك مملكة المغرب، لذا فتم إختيار جبهة دمشق لهذا السبب، ولأسباب قومية وعروبية متوفرة عند الرئيس بوتفليقة، وعند كبار القيادات في الجزائر، ناهيك أن هناك علاقة خاصة وبعيدة المدى بين إيران والجزائر ربما لعبت دورا في هذا، ولكن يبقى للجزائر ثقلا قويا في المستوى الدولي، وعلى المستوى السياسي والإقتصادي والعسكري والإجتماعي .
أما في ( اليمن ) فالقضية مختلفة عن الجزائر، حيث ان اليمن يعج بالخطوط العروبية والقومية والناصرية، وهناك الرئيس علي عبد الله صالح الذي تتسم سياسته بالبراغماتية والتكتيك على المستوى الداخلي والخارجي، فهو يمتلك قوة الصراحة المباشرة والحزم من جهة، وكذلك يمتلك الفطنة الكاملة حول ما يحيط به من جهة أخرى، فهو يعرف أن هناك السعودية التي تريد إلتهام الارأضي اليمنية، ولها أمنيات كبيرة حيث تريد أن يكون في اليمن رجلا بمثابة أمير سعودي ليتسنى لها حكم اليمن من خلال هذا الرجل أو المجموعة التي تريدها ( فالمنطق السعودي يحلل للمملكة احتواء اليمن وابتلاعه ولايجوز لسوريا مساعدة لبنان ) ، ولكن الرئيس صالح يعرف هذه النوايا، لهذا يتصرف مع السعودية بحذر شديد ويقظة أشد منه، وهو تواق ومنذ زمن بعيد أن يقول للسعودية ( أنكم تتاجرون بالقضايا العربية .. وأنكم خطر علينا وعلى العرب جميعا ) وجاءت الفرصة ليكون مع دمشق ومع العرب ويطلب عقد قمة عربية في صنعاء، ولكن كل هذا لم يتحقق لولم يوجد في داخل فكر وسياسة الرئيس صالح العمق القومي والعروبي، فهو رجل له مواقف كثيرة ويكفيه فخرا فهو الرئيس العربي الوحيد الذي قاد المظاهرات في اليمن كي يُفك حصار الرئيس الراحل عرفات، وكذلك الرئيس الأول الذي ندد باغتيال الشهيد الشيخ أحمد ياسين بل قاد إحدى المظاهرات بنفسه، لذا نعتقد أنه الأوفى بين الرؤساء الذين وقفوا مع دمشق، وأن اليمن هي الدولة الأكثر وفاءا في هذا الإصطفاف، وإن الرئيس صالح هو مفتاح ترتيب العلاقة بين دمشق وطرابلس، حيث ان الزعيم الليبي يكن له إحتراما خاصا ... وستبقى النقطة المهمة فأن الرئيس صالح وعلى ما يبدو تواق لترتيب الأمور مع إيران، ويريد أن يقول بأن الحركة التي قام بها الشيعي الحوثي ضد النظام تحتاج لبحث مفصل، وأن موقف الرئيس صالح الى جانب سوريا وحزب الله سيعمل على إقفال هذا الملف أن لم يقود الى تفاهمات طيبة مع طهران
ســــــــــــــــــوريا قلعة الصمود العربي
|